الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 06:01

محكمة لاهاي بين التسييس والإنصاف 

إبراهيم بشناق
نُشر: 27/01/24 20:45

لو نظرنا إلى قرار محكمة العدل الدولية الذي صدر يوم أمس الجمعة الموافق 26/01/2024 من وجهة نظر سياسية، نجد أن القرار لم يقم بإستصدار أهم إجراء إحترازي مطلوب وهو "وقف إطلاق النار" وإلزام إسرائيل بوقف الحرب على غزه، والسؤال المُلِح هو: لو أصدرت محكمة العدل الدولية يوم أمس قراراً  إحترازياً "بوقف إطلاق النار"، هل ستلتزم به إسرائيل؟
‏من المؤكد أن الجواب قطعاً لا، لن تلتزم به، إذ أن الإلتزام بهكذا قرار يعني هزيمتها، وكذلك قد يتسبب بالحرج الشديد للدول الداعمة لإسرائيل بالمال والعتاد والسلاح.
وقد سبق وأصدرت محكمة العدل الدولية قراراً سابقاً يلزم روسيا بوقف الحرب مع أوكرانيا، فهل إلتزمت به روسيا؟ بالطبع لا‏. 
هذا هو حال قرار يوم أمس، إذ يُلزم إسرائيل بحماية المدنيين وفك الحصار وإدخال المساعدات والسماح للمدنيين بالعوده لبيوتهم ومنع التحريض على إبادة شعب!!!
‏ومن الجهة القانونية يُعتبر قرار المحكمة الدولية وبحسب خبراء القانون الدولي:
‏رفض القرار مطالب محاميي إسرائيل حينما لعبوا على أهم ورقة وهي عدم صلاحية المحكمة للبت في القضية المقدمة مما يؤدي إلى بطلان القضيه التي رفعتها جنوب افريقيا وإلى سحب جنوب أفريقيا الدعوى ضد إسرائيل، وفي ردها أكدت المحكمة أن الدعوى صحيحة وقبلتها، حيث وافقت محكمة العدل الدولية على مناقشة إتهام دولة جنوب أفريقيا لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، ورفضت إسقاط القضية والتداول بها.
ولو تمعنا بقرار المحكمة فقد تضمن من جهة في طياته ما يوحي إلى إرتكاب إسرائيل "إباده جماعية"‏، مما يعنيه القرار إمكانية مواصلة محاكمة اسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية والتهجير وعدم حماية المواطنين العزّل.
وبالمقابل جاء هذا القرار كما كان يريدونه في إسرائيل، ولسان حالهم يقول: لا حاجة لمثل هذه القرارات لأننا نراعي حقوق الإنسان، ونعمل على حماية المواطنين في القطاع ونرفض إتهامنا بجرائم حرب وإبادة شعب وووو!!!
ومن اللافت للنظر وعلى الرغم من عدم إلزام إسرائيل بالوقف الفوري للحرب على غزه، جاء رد الفعل الإسرائيلي على القرار صلفاً حيث عقّب نتنياهو قائلاً ‏"سنواصل القيام بكل ما في وسعنا لحماية أنفسنا ومواطنينا، مع إحترامي للقانون الدولي"، وأضاف "مجرد الإدعاء بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين ليس كاذباً فحسب بل إنه أمر مشين، واستعداد المحكمة لمناقشة هذا الأمر يشكل وصمة عار لن تُمحى لأجيال عديدة".
‏ولم يتأخر رد الوزراء في اسرائيل على القرار وفي تعقيب وزير الدفاع الإسرائيلي جلانت بالقول: لا يمكن لأحد أن يعطينا دروسا أخلاقية، بالإضافة لردود من بقية الوزراء الذين اتهموا المحكمة الدولية بالإنحياز للفلسطينيين، وذهب آخرون إلى الإتهام بمعاداة السامية وردود مسمومة أخرى.
وبالتالي هناك سؤال المليون:هل يشكل القرار إدانة لإسرائيل؟  ‏أم ان قضاة لاهاي حاولوا إمساك العصا من المنتصف؟

بقلم إبراهيم بشناق

مقالات متعلقة