للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
بعد أن قررت الجزائر فتح أبوابها لتنظيم يرفع شعارات انفصالية تستهدف السيادة و الوحدة الترابية المغربية، اتخد المغرب من جانبه خطوة تصعيدية جديدة من خلال الإعلان عن ميلاد تنسيقية دولية تجمع بين مختلف الفعاليات الجمعوية والحقوقية المغربية للمطالبة بإعادة فتح ملف الحدود بين البلدين والمطالبة باسترجاع جزء من أراض تقع تحت السيادة الجزائرية وهو سبب كفيل بإحياء خلافات كانت سببا مباشرا في نشوب حرب الرمال سنة 1963، تلك المواجهة التي زرعت جدور العلاقة المضطربة بين البلدين ثم أتبعتها قضية الصحراء بعقدة استعصى فكها الى غاية اليوم .
سكب المزيد من الزيت على النار قد يكون التوصيف الأقرب للتصعيد الحاصل مؤخرا بين الجزائر والمغرب، اذ ورغم كل ما ماسجله تاريخ العلاقات بين البلدين من مد وجزر حرصت القيادات السياسية والعسكرية في البلدين على عدم تجاوز الخطوط الحمراء ادراكا منها بضرورة احتواء الصراع و لتتمكن القنوات الدبلوماسية من ضمان الحد الأدنى على الأقل في الخطاب الرسمي ما بين الدولتين رغم السجال المتواصل في قضية الصحراء، وحرصت على عدم الزج بالسلطة الرابعة في دور البروباغندا السياسية التي تدفع الصراع الخفي الى الظهور الى العلن من باب الحفاظ على التاريخ المشترك و الجانب الأخلاقي الذي تمتاز به العلاقة بين الشعبين الجارين، لكن اليوم يدخل التصعيد ما بعد مرحلة القطيعة الديبلوماسية منعرجا خطيرا، وإلى جانب قضية الصحراء التي لم تعد بوحدها تغدي الصراع إنتقل الطرفان الى لعبة عدائية جديدة بتوظيفهما لورقة الأقليات و الحركات الإنفصالية .
كانت تصريحات السفير المغربي لدى الأمم المتحدة خلال لمناقشة الوزارية العامة في اجتماع حركة عدم الانحياز سنة 2021 والتي تحدث فيها عن دعم المغرب " لحق تقرير المصير لشعب القبائل " النقطة الحساسة التي أفاضت الكأس ومهدت لإعلان الجزائر القطيعة الديبلوماسية مع المغرب من جانب واحد، رافضة كل الوسطات التي تقدمت بها الدول الصديقة لرأب الصدع العميق الذي أتارثه قضية دعم المغرب لانفصالي منطقة القبائل الجزائرية، بعدها باشر الإعلام الرسمي في الجزائر تسليط الضوء على المطالب الإجتماعية لسكان منطقة الريف المغربي في محاولة للربط فيما بينهما وبين مطالب سياسية تطالب بها جماعة انفصالية تنادي بعودة قيام جمهورية الريف التي أسسها عبد الكريم الخطابي أحد كبار المقاومين للاستعمار الفرنسي في المنطقة المغاربية، في نفس الوقت عزف الإعلام المغربي على نفس الوتر من خلال الترويج للأطروحة الإنفصالية لقادة مايسمى ب "ماك " وذهب إلى أبعد من ذلك عندما بدأ في الحديث عن ضرورة أن تسارع السلطات المغربية في الاعتراف رسميا ب "جمهورية القبائل " والترخيص لمكتب اتصال للمنظمة الانفصالية " ماك " بالرباط.
ورقة الحركات الإنفصالية التي تحركها الجزائر والمغرب في آن واحد هي مجرد مناورات سياسية لاتستند الى دعم حقيقي من تلك الأقليات التي ترفض في الأصل أطروحة الإنفصال وتتفاعل معها على محمل الهزل والسخرية، وكما يرى سكان منطقة القبائل أنهم مكون أساسي في النسيج المجتمعي للدولة الجزائرية له بصمته في تاريخها ونضالها الثوري، بالمثل يرى سكان الريف المغربي أيضا أن انتمائهم للمغرب مسـألة غير قابلة للتشكيك ولا حتى النقاش فيها،أما ما يثار حول تسميه بعض الاوساط المغربية بإسترجاع " الصحراء الشرقية " ومن منطلق قانوني فإن الإشكال الحدودي قد انتهى رسميا بين البلدين عقب التوقيع على إتفاقية إفران سنة 1972 والتي يعترف فيها المغرب من خلالها على ترسيم الحدود مع الجزائر، هذه الإتفاقية كانت أتبعت بتوقيع محضر تبادل وثائق التصديق على المعاهدة والتي أودعت لاحقا لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة استنادا لما تنص عليه المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة، لكن الخطير في هذه المناورات هو أنها تسيئ الى العلاقة الأخوية التي تجمع الشعبين الشقيقين من باب ما توقعه من فتنة تؤجج مشاعر التعصب وتخلق الكراهية في وقت تحتاج فيه الشعوب العربية الى ما يؤلف لا ما يفرق بينها والى ما يذكرها بالماضي والمصير المشترك لا من يخلق الأسباب التي قد تدفع الى توريط البلدين في مواجهة عسكرية ستكون أوزارها ثقيلة على المنطقة برمتها .
حالة العداء المتنامي تستدعي أن يوضع لها حد و ربما نحن اليوم أحوج إما لوساطة عربية أو صينية تنهي حالة العداء المتصاعد بين النظامين السياسيين في الجزائر والمغرب، العلاقة أمام حتمية أن تعود على الأقل الى مستواها الأول أي ما قبل القطيعة الديبلوماسية في مرحلة أولى يتم التركيز فيها على إحياء معاهدة حسن الجوار، سيكون هذا كفيلا بتجنيب المزيد من التصعيد الذي وإن استمر فإن مصيره أن يتطور الى صدام عسكري مباشر تغديه أطراف خارجية عن المنطقة من مصلحتها نشوب حرب تخلط الأوراق في منطقة غنية بالثروات، البعض قد يرى في هذا الكلام ضربا من ضروب المبالغة لكن التاريخ يكفي لاستخلاص العبر.