الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 19 / سبتمبر 21:02

هل يجوز تسمية المساجد بأسماء العائلات ؟

الدكتور صالح نجيدات
نُشر: 25/08/24 00:06

هناك ظاهره في بعض بلداننا اردت التنبيه منها , وعلى ائمة المساجد التحدث عنها أمام المصلين وهي :تسأل فلان عن عنوان معين , يقول لك هذا يسكن بقرب مسجد عائلة فلان فأصبحت تسمية المسجد على اسم العائلة المبني بها المسجد , وهذه الظاهرة خطيرة وتكرس العائلية والفرقة بين الناس بدون قصد وهي تسمية المساجد باسماء العائلات او باسم إمام المسجد الذي يؤم فيه,فيقال مسجد عائلة حمدان او مسجد الشيخ الفلاني او هذا مسجد الحركة الاسلاميه او مسجد الصوفيين وغير ذلك بالرغم من ان المسجد يطلق عليه اسم أحد الصحابة , واحيانا يكون الإمام من نفس العائله المقام بها المسجد مما يوحي لك ان هذا المسجد هو فعلا للعائلة الفلانية,ويجب علينا الحذر من هذه التسمية ,قال تعالى : وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا.
اختلف جمهور العلماء حول هذا الموضوع , فهل يمكن أن يسمى المسجد باسم عائلة كمسجد عائلة حمدان او غير ذلك؟ فهناك اختلاف بين جمهور العلماء حول هذا الموضوع , فمنهم من أجاز تسمية المسجد على اسم عائلة معينه بشرط ألا يكون ذلك من قبيل الشهرة والسمعه ،وهناك من العلماء من حرم تسمية المسجد باسم عائلي .
إخوتي الكرام؛ داء التعصب العائلي والفرقة والخلاف , داء خطير يهدد كيان المجتمعات ويجب أن نحذر منه َ ونقِيَ أنفسنا ومجتمعنا من شره وخطره وضرره، هذا الداء إذا دبّ في مجتمع تشتت شمله، وتقطعت أوصاله، ودبّ فيه الدمار والخراب .
المساجد لعبت دورا اساسيا على مر العصور في التعليم والتوعية والإصلاح ومنع التعصب العائلي ,وخلال العصور الماضية كان للمسجد رسالة مهمة جدا في توعية الناس وغرس القيم الاسلامية والإنسانية وإرشاد الناس وتوجيههم ووعظهم وإصلاح ذات البين وإصلاح تصرفاتهم وتوحيد الصفوف والتآلف بين القلوب والتعاطف والتقارب بين الناس وبناء الجسور بين المصلين على اختلاف فئاتهم , يقفون مع بعضهم البعض بالسراء والضراء , وهم كالبنيان المرصوص يشد بعضهم بعضاً. فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم : مثلُ الجسد ، إِذا اشتكى منه عضو : تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى ".
في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها مجتمعنا هذه الأيام وتدهور الأحوال الاجتماعية , والتفكك العائلي , وإهمال الاهل لتربية أولادهم , وضعف تأثير المؤسسات التعليمية والاجتماعية , وانتشار الفساد والمخدرات والعنف والقتل واضمحلال القيم والتأثر بالعولمة , وضعف الانتماء الوطني , و الرادع القانوني , في هذه الظروف الحالكة , مجتمعنا ضل الطريق وفقد البوصلة رويدا زويدا ,ولذا علينا التمسك بما قاله رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم :تركت فيكم ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا ، كتاب الله وسنتي " , ومن هنا , يجب تطبيق حديث الرسول وإحياء دور رسالة المسجد وإقامة حلقات العلم والتنوير , وتحسين اداء الائمة , وتطوير الخطاب الديني المتزن بما يلائم متطلبات العصر ,وبناء الانسان المؤمن , ومطالبتهم بالتمسك بالقيم والأخلاق الحميدة , وتبني نهج التسامح والعفو من خلال سلوكه اليومي ,فالدين معاملة وأخلاق .
إن التعصب المقيت للرأي يؤدي إلى الانحراف عن معايير العقلانية والإنصاف، وعدم التسامح ورفض الآخر، واعتقاد المتعصب أنه وحده الصواب وعين الحق، وبأنه من أصحاب الفرقة الناجية، وغيره باطل وكلهم في النار، إلا هو وأتباعه في جنات النعيم، هذا الفكر يؤدي إلى إلغاء الآخر، ورفض: الاختلاف، والاجتهاد، والتفكير، والعقل.
الفرقة والخلاف بين الناس؛ سبب في الهزيمة والفشل. قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ .
الدكتور صالح نجيدات

مقالات متعلقة