الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 06 / أكتوبر 20:02

عبد الفتاح السيسي والحرب على غزة

خالد خليفة
نُشر: 12/09/24 11:21,  حُتلن: 17:04

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

تزداد في خضم هذه الأيام الكارثة الاقتصادية ومشاكل الطاقة الضخمة في مصر، فلا يكفي الانهيار الاقتصادي فحسب، بل هنالك تدهور كبير في خدمات الطاقة التي تعطى للمواطنين، فهنالك انقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي، في كل القطاعات السكانية الشعبية والحكومية، ليس فقط في العاصمة القاهرة، بل في أنحاء مختلفة كثيرة من المدن المصرية، حيث أصبح الانقطاع الكهربائي، من أهم الضربات التي تؤذي المواطنين هناك، إضافة إلى انهيار الجنيه المصري وغلاء المعيشة الفاحش، ولا يملك النظام المصري البدائل الاقتصادية لتقديمها للمواطنين، من اجل تطور الجمهورية المصرية، ويصيب هذا التدهور الكبير أكثر من مئة مليون مصري، لا يعرفون كيفية الخروج من المأزق الاقتصادي الذي أدخله بهم عميقًا الرئيس السيسي،  منذ أن سيطر على الحكم بانقلاب عسكري في عام  2013 بعد أن أطاح بالرئيس محمد مرسي، أي منذ أحد عشر عامًا بحكم ديكتاتوري واستبدادي وفردي.

وقد زجّ محمد مرسي في السجن ومات سجينًا بعد سنوات هناك، وكان قد وعد الرئيس السيسي بعدها، المصريين وعلى مدى السنوات العشر الأخيرة، بالازدهار الاقتصادي وأن أهداف الامن القومي المصري، هي بالأساس تطور وتقدم مصر اقتصاديًا والحفاظ على أمنها الإقليمي، ولم يملك السيسي طيلة الفترة الماضية أي عبقرية في خطاباته، بل كانت خطابات شحيحة وهزيلة جدًا، لا ترقى إلى مستوى القياديين الذين يحكمون أكثر من 100 مليون نسمة يقطنون مصر، وسبقوه في الحكم هناك، وكان يعد الشعب المصري دائمًا، بتحسين أوضاع الاقتصاد الذي لم يتحسّن أبدًا، بل ازداد تدهورًا وانهيارًا، وقد وصل الدولار مؤخرًا إلى أكثر من 30 جنيهًا، الامر الذي أدى إلى تدهور وضمور تأثير الطبقة الوسطى في مصر.

 كما أنه لم يعرض طيلة تلك الفترة أي خطة أو رؤية اقتصادية واضحة المعالم للخروج من هذه الازمة الاقتصادية التي واجهت مصر كل تلك الفترة، بل بدأ في نهج الخصخصة الرهيبة للمؤسسات الدولية،  التي أودت  بمصر الى الهاوية، فقد قام بخصخصة مطار القاهرة مثلًا لمستثمرين أجانب من الخليج، وقام ببيع أو تأجير أكثر من 85 الف كيلو مترًا مربعًا، مع اخلاء المناطق والسكان على الشواطئ المصرية بالقرب من الحدود الليبية للأمارات، بأكثر من 35 مليار دولار، ثم تنازل عن جزر تيران والصنافير للمملكة العربية السعودية بمبالغ زهيدة، إضافة إلى عجزه عن دفع قروض استلمتها مصر من البنك الدولي، الامر الذي أدخل مصر في ديون ضخمة، وكأن ذلك لم يكف، فقد جاءت الحرب على غزة وكشفت ضعف ووهن هذا النظام وسياسة الامن القومي، الذي يسير عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته، على الرغم من كونه جنرالًا سابًقا في الجيش المصري، إلا أنه لم يواجه ما تفعله إسرائيل في غزة بأي خطوة يمكن القول إنها خطوة تمتلك السيادة والكرامة المصرية من أجل دعم إخوانه الفلسطينيين في قطاع غزة، أولئك الذين قُتل منهم عشرات الآلاف من قبل الجيش الإسرائيلي، وشتان ما بينه وبين كل الرؤساء والملوك المصريين الذين سبقوه، حتى أن ملوك مصر السابقين الذين كانوا تابعين للاستعمار البريطاني، لم يتصرّفوا بالشكل الذي تصرّف به أمام ما يواجه الفلسطينيون من إسرائيل في غزة.

 بحيث أنه أثبت أن مصر لا تمتلك أي إرادة سياسية، تستطيع فيها منع العدوان والهجوم على السكان الفلسطينيين المدنيين، الذين يسكنون في جوارهم وقد أثبت بشكل صارخ التزامه وتمسّكه باتفاقية كامب ديفيد التي وقعت منذ 50 عامًا، أي في آذار عام 1979 التي لم تلتزم بها إسرائيل، وقد بات من المؤكد والواضح أنه لا يمتلك أيضًا السيادة الفعلية على شبه جزيرة سيناء، ومَن يمتلك هذه السيادة هي قوات قبلية ومسلحة بقيادة إبراهيم العارجاني، الذي يتحرّك في سيناء وعلى حدود غزة بغطاء مع ابنه محمود السيسي، وقد أثبتت هذه الحرب ،أنهم يسيطرون على المساعدات الإنسانية والخروج والدخول من سيناء إلى غزة، مقابل أموال تُدفع لهم عن كلّ فرد فلسطيني يخرج أو يدخل إلى غزة، أما الإنجاز الأكبر الذي يمكن أن يُصنّف لصالح إبراهيم العارجاني، فهو إصراره على منع التهجير من غزة إلى شبه جزيرة سيناء من قبل جهات مصرية، ولا أظن أن للجيش المصري ونظام عبد الفتاح السيسي أي صلة بذلك، إضافة إلى رفض التهجير المُطلق من قبل أهالي قطاع غزة الذين أثبتوا تمسكهم وصمودهم في غزة، على الرغم من الخسائر والدمار الضخم الذي حلّ بهم وعائلاتهم هناك، إضافة إلى تدمير كامل للبنية السكنية والمدنية.

وهناك صعوبة بذكر تصريحات السيسي خلال الحرب على غزة، بحيث كانت هذه التصريحات قليلة للغاية ولم تُسفر عن أي تأثير على مجرى هذه الحرب،  بل كان مشغولًا بالوساطة مع قطر، من أجل التوقيع على أي صفقة لتبادل وقف اطلاق النار بين إسرائيل وحماس، لكن نتنياهو سكب في النهاية الامر الماء على وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، عندما أعلن سيطرته العسكرية على محور فيلادلفي الذي يعتبر ضمن الأراضي المصرية، وقد أغضب ذلك في نهاية الامر السيسي بعض الشيء بحيث أرسل قائد الأركان المصري الجنرال أحمد خليفة للتجول في الجانب المصري من هذا المحور، لكن نتنياهو استمر في استهتاره بالموقف المصري، ولم يُعلن تنازله عن السيطرة عن هذا المرر وعن معبر رفح، الامر الذي شكل خرقًا فاضحًا لاتفاقية كامب ديفيد التي وقّعت عليها مصر عام 1979 ومازالت تحترمها، في نفس الوقت الذي لا تعيرها إسرائيل أي اهتمام.

ويمكن القول إن سياسة عبد الفتاح السيسي الحالية أفقدت مصر مكانتها الإقليمية في المنطقة، وأكدت دور مصر الهامشي في الساحة الإقليمية، وبان مصر لا تملك سياسة الامن القومي، وازدادت الأمور صعوبة عندما أعلن الحوثيون في اليمن الحرب على الولايات المتحدة وإسرائيل في البحر الأحمر، الامر الذي أدى إلى خسائر اقتصادية مصرية تُقدّر بمليارات الدولارات نتيجة لانخفاض الملاحة في قناة السويس, مهما يكن وعلى الرغم من ان إسرائيل التي لم تُحقّق أهدافها الاستراتيجية والعسكرية في غزة، فأنها في حاجة لإعادة التقييم في سياستيها، وتحاول في نفس الوقت استعمال المزيد من العُنف والتدمير في القطاع والسيطرة الفعلية على شمال غزة.

وتُفكّر تلك القيادة الإسرائيلية أيضًا، بتطبيق سياسية الجنرالات الأمنية التي يقوّدها الجنرال قيورا ايلان، والمتمثلة بإعادة تشكيل الاستيطان في شمال القطاع، وطرد سكان الشمال إلى الجنوب، أي ما بعد معبر نتسارين، ولا حياة لمن تنادي في مصر ومحيط الرئيس السيسي، فعلى الرغم من كل ذلك فإننا نرى أن الجانب المصري لا يتحرّك قيد أنملة، لمواجهة هذ الاستهتار الإسرائيلي، في نفس الوقت الذي يزداد فيه الانهيار الاقتصادي والمرارة لدى الشعب المصري من سياسة عبد الفتاح السيسي، الذي لا يزوّد المصريين بالحلول، ليس على الساحة الداخلية أو الخارجية فحسب، بل إن هنالك انهيارًا كبيرًا في سياسة الامن القومي المصري، وتدهورًا في دورها الإقليمي في المنطقة، ويمكن القول إن هذه الدولة التي كانت دولة إقليمية عظمى، أصبحت لا تملك أي تأثير فعليّ في المنطقة، وليست لها سياسية اقتصادية، ولا دور عسكري، بل تنتظر بعض الفتات من المساعدات الأمريكية السنوية، حيث أنها في نهاية الامر تأتمر بشكل كامل وتامّ للإدارة الامريكية في المنطقة .

مقالات متعلقة