عندما كنت طالبا في المدرسة وقف معلم اللغة العربية وعلمنا حكاية "التينة الحمقاء" للشاعر إيليا أبو ماضي من كبار شعراء المهجر، ولد في لبنان سنة 1889 وتوفي سنة 1957، ومطلع قصيدة "التينة الحمقاء".
"وتينة غضة الأفنان باسقة
قالت لأترابها والصيف يحتضر
بئس القضاء الذي في الفضاء أوجدني
عندي الجمال وغيري عنده النظر"
هذا وتروي القصيدة حكاية التينة الحمقاء ،غير راضية عن نفسها، وتفكيرها أنها تعيش في وضع مزري، ثمارها وخيرها لغيرها، سقطت في تفكير سلبي ونفسية الضحية وجلد الذات، وقررت أن لا تثمر وعندما عاد فصل الربيع ولبست مثيلاتها الأشجار ثوبا من الجمال والتينة المقاء وجدت نفسها، بلا ورق وثمار، وتد يابس، ولم يطق صاحب البستان رؤيتها "فاجتثها فهوت في النار تستعر".
قصيدة "التينة الحمقاء" مصدر إلهام لي عندما أقدم ورشات لمجموعات من منابت مهنية ومجتمعية مختلفة، أطرح حكاية الشجرة وأتيح المجال لنقاش وحوار بين المشاركين لأهمية العطاء والتطوع، ودائما أسأل المشاركين" ماذا أخذت من اللقاء وكيف تقابل ذلك في المجتمع؟".
في مجتمعنا قدرات وعلينا أن نذوت ونغرس العطاء في سلوكنا وذاتنا، ونصل عندها للرضى عن النفس والسعادة. وعلينا أن نبقى كالغيث "أينما وقع نفع".