الأخبار العاجلة

Loading...

ترامب، اقتراحات الترانسفير وفقدان فعالية السياسية الأمريكية في المنطقة

خالد خلفية
نُشر: 28/01/25 11:20,  حُتلن: 13:48

لقد كان اقتراح دونالد ترامب في تهجير أهالي قطاع غزة المؤقت مفاجئًا في توقيته، فبعد ان قام بالضغط المكثف على بنيامين نتنياهو بالتوقيع على صفقة التبادل ووقف إطلاق النار، قبل وصوله الى البيت الأبيض وإخراج بايدن من اللعبة بالضربة، القاضية، جاء اقتراحه هزيلا وبعيدا عن الواقع.
لقد كان هذا الاقتراح اقال ما يمكن القول عنه انه اقتراح كهاني واسرائيلي بامتياز ينادي بعملية منهجة الترانسفير السكاني من منطقة، يسكنها شعب، بحيث ينادي ببعثرة أبناء هذا الشعب الى مناطق مختلفة من العالم، بهدف احكام السيطرة المطلقة لإسرائيل على ارض فلسطين المتبقية.
هذا وتزامن هذا الاقتراح بان سمح ترامب بأرسال أسلحة وقنابل ذكية كان قد أوقف ارسالها بايدن الى إسرائيل وتصل قيميتها مليارات الدولارات، وكان ايلون ماسك الملياردير الأمريكي، المقرب من إدارة دونالد ترامب قد زار قطاع غزة خلال الحرب قبل عام، قد دهم إسرائيل بإعطائها منظومة أقمار اصطناعية، تسهل عليها ضرب المواقع الفلسطينية، بحيث تشل قطاع الانترنت الفلسطيني، الامر الذي يسمح لإسرائيل باستهداف المواقع الفلسطينية بدقة عبر شبكة أقمار اصطناعية متطورة، وقد قال آنذاك بانه مساعدة الغزيين الى ارجاع شبكة الانترنت لهم من اجل تحسين مستوى المعيشة والتواصل الاجتماعي في هذا البلد.
ويمكن ان يكون دونالد ترامب استذكر في أفكار صديقة ايلون ماسك وأفكار الوبيل الصهيوني في الولايات المتحدة والمسيحيين الإنجيليين الذين دعموا معركته الانتخابية بشكل مطلق، وكانت الإسرائيلية اليهودية الثرية مريم يدلسون زوجة الملياردير شيلدون يدلسون، قد تبرعت لمعركته الانتخابية بمبلغ يصل الى مئة مليون دولار، الامر الذي ساعده كثيرا.
وقد حاولت اسرائيل جاهدةً خلال الحرب التي استمرت خمسة عشر شهر رفض السكان الفلسطينيين من قطاع غزة الى صحراء سيناء وجمهورية مصر العربية، لكنها لم تستطع تنفيذ ذلك بل ان الحرب في نهاية الامر تحولت نتائجها ضدها واكبر مثال على ذلك هو توقيع على صفقة التبادل واجبار إسرائيل على وقف الحرب والانسحاب الكلي من قطاع غزة، ولم تنبس الولايات المتحدة خلال تلك الحرب الطولية ببنت شفة، بل استمرت في تزويد إسرائيل بالأسلحة الذكية وغير الذكية والأموال والعتاد، خاصة القنابل ومركبات الديانين الامريكية المتطورة التي تقوم بتجريف البيوت والمباني والمؤسسات وهي المسؤولة المباشرة عن تدمير اكثر من 90% من مباني غزة، وهي مركبات وآليات امريكيو بالكامل.
ويمكن القول إن محكمة الجنايات الدولية التي استهدفت بالأساس بنيامين نتنياهو ويوأف غالنت وضباطًا إسرائيليين آخرين، حذر من ان تستهدف موظفي الإدارة الامريكية الذين شاركوا في هذه الحرب، نظرا للقوة والتأثير الأمريكي، في محاولاته المقبلة لتدمير نفوذ محكمة جنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية في لاهاي.
وقد بات من الصعب ان يتحرك دونالد ترامب بعد هذه التصريحات باتجاه تحقيق هدفه وهو الحصول على جائزة نوبل للسلام، لان تلك الاقتراحات سوف تحسب على حسابه وسيرته الذاتية بانها اقتراحات ترانسفير وطرد جماعي عنصري لشعب أعزل من بلاده الى باقي بقاع الأرض.
كما يضاف الى سيرته الذاتية أيضا قوانين الهجرة الصارمة وطرد المهاجرين بالمئات من الالاف من الولايات المتحدة عبر الحدود الى المكسيك وكندا ودول أمريكيا اللاتينية الأخرى، بحيث انه ينادي بتطبيق قوانين لم تطبق في الولايات المتحدة منذ الستينات، وهي قوانين معادية للإنسانية وللأسس الدستور الأمريكي.
 واضافة الى ذلك فقد بدا واضحا أيضا، ان دونالد ترامب لا يفهم حساسية النظام العربي والسياسية الامريكية في الشرق الأوسط، بحيث أن مثل هذه الاقتراحات بأخلاء قطاع غزة ونقل السكان الى المملكة الهاشمية الأردنية وجمهورية مصر العربية، سوف يؤدي بالتالي الى زعزعة الاستقرار في هاتين الدولتين، ويعتبر ضربة حديدية للمصالح الاستراتيجية لحليفته إسرائيل التي تعتمد على حلف إستراتيجي مع هاتين الدولتين.
ويمكن القول ان نزوح مليون مواطن غزي فلسطيني الى الأردن سوف يؤدي الى زعزعة الاستقرار في هذه المملكة، ويؤدي بالتالي الى عدم استقرار الميزان الديموغرافي هناك، بحيث يصبح الفلسطينيون الأغلبية في هذه المملكة ويشكل بذلك خطرا على نظام الملكي الأردني، وفي هذا السياق فقد بلغ عدد سكان الأردن الفلسطينيين أكثر من 70% في حال وصول الغزيين اليها سيشكل الفلسطينيون أكثر من 90% من عدد السكان.
وفي هذا الإطار سوف تصبح الأردن ليست حليفة للولايات المتحدة وسوف لن تشكل عمقا استراتيجيا لإسرائيل، ومن هنا يمكن القول بان اقتراحات ترامب هي اقتراحات غير مدروسة وتضرب بالصميم في مصلحة الأردن التي تتماشى مصالح أمنها القومي مع مصالح الولايات المتحدة.
كذلك الامر فان نزوح مليون فلسطيني الى مصر سوف يشكل خطرا امنيا على النظام المصري ويسرع في تغييره، واي نظام سوف يأتي بطبيعة الحال سوف لن يكون نظاما مواليا للولايات المتحدة ولأمنها القومي.
ان مثل هذه الاقتراحات هي اقتراحات كلامية هدفها الأدلاء بالولاء لإسرائيل من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويمكن بذلك ان يكون هذا الولاء هو فاتحة لأمور أخرى سوف تأتي قريبا، مهما يكن فقد بات من الأكيد ان التوقيع على وقف إطلاق النار يمكن ان يصبح توقيعا ثابتا، فمن المؤكد ان إسرائيل سوف تنسحب من محور فالدلفي، بدون ان تحقق أهدافها التي رسمتها قبل الهجوم على قطاع غزة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 الماضي.
لقد أراد بنيامين نتنياهو تدمير كل شيء يتعلق بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لكنه في نهاية الامر وقع على اتفاقية تبادل ووقف إطلاق النار وانهاء الحرب وتبادل أسرى مع من ادعى انه سوف لن ينهي الحرب الا بانتصار مطلق، حيث اضطر في نهاية الامر الى إطلاق سراح الالاف من الاسرى الفلسطينيين من سجونهم طولية الأمد والمؤبدة الى بيوتهم بعد ان أطلقت حماس سراح الاسرى الإسرائيليين في المقابل.
كما اضطر ايضا للتوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني مع حركة حزب الله، كي يتفادى مسألة الاستمرار في حربه ضد حزب الله، ويعيد ماء الوجه في ارجاع نسبة معينة من المواطنين الإسرائيليين الى شمالي البلاد، وفي هذا الشأن يمكن القول إنه في هذه الأوان من الصعب نشوب حرب جديدة، لان استمرار الحرب سوف لن يعطي الإسرائيل اي ثمار سياسية وانجازات قومية، ومن هنا، فإنها سوف تضطر للاستمرار في حالة وقف إطلاق النار، لان الاستمرار في الحرب سوف يجلب نفس النتيجة ولن يحقق أي اهداف مرجوة لها.
ومن هنا فان دونالد ترامب سوف يفقد نجاعة سياسته ولن يكون له التأثير الذي توقعه له الكثيرون، وإذا استمر الطرف العربي في عدم إعطائه نفس الأهمية التي أعطيت لأفكار التوطين هذه، من جديد فمن المؤكد ان الولايات المتحدة سوف تفقد فعاليتها وحيوية سياسة أدارتها الجديدة المتمثلة بدونالد ترامب.. البعيد عن الواقع.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة