الأخبار العاجلة

Loading...

تحديات تكرار سيناريو 7 أكتوبر:  الهاجس الأكبر لإسرائيل قبل التوسع

ساهر غزاوي 
نُشر: 27/03/25 21:00

تحديات تكرار سيناريو 7 أكتوبر: 
الهاجس الأكبر لإسرائيل قبل التوسع

ساهر غزاوي 
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بدأت تتكشف عبر التصريحات الرسمية والحكومية المتكررة ملامح مخططات إسرائيلية يبدو أن الوقت قد حان لتنفيذها، في ظل ظروف تراها القيادة الإسرائيلية مواتية لتحقيق أهدافها التوسعية. وتبرز في هذا السياق تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، التي تتجاوز كونها مواقف إعلامية عابرة، لتعكس توجهًا استراتيجيًا أوسع يسعى إلى إعادة تشكيل الواقع الجغرافي والسياسي في المنطقة.  
تشير هذه التصريحات إلى وجود مخططات توسعية تشمل السيطرة على أجزاء من الدول العربية، مثل سوريا والأردن وأجزاء من مصر، ولبنان والسعودية والعراق. ففي مقابلة أجراها عام 2016، أكد سموتريتش أن إسرائيل تعمل تدريجيًا على توسيع حدودها، مشيرًا إلى أن مستقبل القدس يمتد حتى دمشق، مع إعلانه عن إيمان راسخ بإمكانية بناء "الهيكل" مكان المسجد الأقصى المبارك قريبًا.  
وتتوافق هذه التوجهات مع رؤية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي شدد في أكثر من مناسبة على سعيه لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى تعاون وثيق مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لتحقيق هذا الهدف. كما وصف نتنياهو سقوط نظام آل الأسد في سوريا بأنه بداية "فصل جديد" في تاريخ المنطقة، ما يعكس تصورًا إسرائيليًا لمرحلة ما بعد الحرب، قائمًا على إعادة رسم الحدود وتعزيز النفوذ الإسرائيلي. 
عمليًا، تثير هذه التوجهات تساؤلات جوهرية حول طبيعة المخططات الإسرائيلية ومدى قدرتها على تحقيق أهدافها، خاصة بعد انهيار النظام السوري البائد الذي رحل دون أن يترك وراءه أسفًا. في هذا السياق، تتعالى أصوات، بعضها يبدو أقرب إلى التمنيات منها إلى التحليلات الموضوعية، تعبيرًا عن غضبها من سقوط الأسد، الذي كانوا يختزلون فيه سوريا شعبًا وتاريخًا، وحضارة وحاضرًا ومستقبلًا. هؤلاء يروجون لفكرة أن إسرائيل أصبحت أقرب من أي وقت مضى لتنفيذ مخططاتها التوسعية، ولاسيّما بعد سقوط نظام الأسد الطائفي الذي كان يزعم محاربة الطائفية بينما كان يمارس تغييرًا ديمغرافيًا واسعًا في سوريا على أسس طائفية. وفي الوقت نفسه، كان يروج لنفسه كـ"حامي الحمى"، ليكشف في النهاية أن ما كان يروّج له لم يكن سوى أكذوبة تبدأ من شعار المقاومة وتنتهي بوهم العروبة.
للإجابة على هذه التساؤلات، أولًا، لا يمكن التقليل من شأن هذه التصريحات، فهي بلا شك تعكس توجهًا إسرائيليًا يستغل الأوضاع الراهنة لفرض وقائع جديدة في المنطقة، ساعية لإعادة تشكيلها لصالح المصالح الإسرائيلية والغربية على حساب حقوق الشعوب والقوانين الدولية. ومع ذلك، يظل تنفيذ هذه المخططات مرهونًا بتوازنات القوى الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى ردود الفعل الشعبية والرسمية في الدول المستهدفة. وبذلك، تصبح هذه التصريحات جزءًا من رؤية إسرائيلية تسعى لفرض واقع جديد، حيث يعتمد نجاحها على قدرة إسرائيل في التغلب على التحديات الداخلية والخارجية. 
ثانيًا، تنطلق العقلية الأمنية الإسرائيلية من تجربة هجوم 7 أكتوبر، حيث تركز حاليًا على تجنب هجوم مفاجئ من لبنان أو سوريا أو الأردن، رغم السلام مع الأردن. هذا التوجه يعكس المخاوف من تكرار الهجوم الذي نفذته المقاومة الفلسطينية في غزة، والذي فاجأ الجيش الإسرائيلي باختراق مستوطنات وقواعد عسكرية. ولأول مرة، اهتزت هيبة الجيش الإسرائيلي واستخباراته، ما أدى إلى كسر منظومة الردع الإسرائيلية وشكّل تحولًا تاريخيًا في الواقع الذي فرضته إسرائيل على مدار 75 عامًا.
وعليه، لا يمكن إغفال التشابه بين هجوم 7 أكتوبر 2023 وهجوم 6 أكتوبر 1973، الذي شكّل نقطة تحول استراتيجية حيث نجحت القوات المصرية والسورية في اختراق الدفاعات الإسرائيلية، مما أدى إلى تغييرات كبيرة في مجرى الصراع. دفع الهجوم إسرائيل إلى إقامة منطقة عازلة في سوريا بموجب اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، الذي انسحبت بموجبه من الأراضي التي احتلتها في حرب 1973، بما في ذلك مدينة القنيطرة التي احتلتها في 1967. ظل هذا الاتفاق ساريًا حتى سقوط نظام آل الأسد. كما تم الاتفاق بين مصر وإسرائيل على إقامة منطقة منزوعة السلاح في سيناء بموجب اتفاقية كامب ديفيد، خشية من تكرار السيناريو نفسه.
أحدث هجوم 7 أكتوبر تحولًا استراتيجيًا في التفكير الإسرائيلي، إذ أثار تساؤلات حول جاهزيتها لمواجهة مثل هذه الهجمات في المستقبل، مما وضع إسرائيل أمام تحديات وجودية وهزّ التوازنات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المنطقة. في هذا السياق، صرح نتنياهو بأن إسرائيل تعمل على تفكيك "محور الشر"، مؤكدًا أن هضبة الجولان ستظل جزءًا من إسرائيل. تزامن هذا مع عملية عسكرية دمرت أكثر من 80% من القدرات الاستراتيجية للجيش السوري، وأعلن نتنياهو انهيار اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، وأن إسرائيل ستسيطر على المنطقة العازلة في سوريا، بما في ذلك جبل الشيخ.
خلاصة القول، إن تكرار سيناريو 7 أكتوبر يشكل الهاجس الأكبر لإسرائيل أكثر من تنفيذ مخططاتها التوسعية، حيث أحدث الهجوم تحولًا جذريًا في استراتيجيتها الأمنية. وبالتالي، بدلًا من التركيز على التوسع، تسعى إسرائيل إلى تعزيز الانقسامات في المنطقة عبر إثارة القضايا المتعلقة بالأقليات بما يخدم استراتيجياتها الأمنية. تسعى لتشكيل تحالفات مع الأقليات في سوريا بهدف تفتيت الوحدة الوطنية وتحقيق أهدافها الجيوسياسية، مستفيدة من التوترات الداخلية لتوسيع نفوذها على الطوائف والمجتمعات السورية. فهل ستنجح إسرائيل في تنفيذ هذه الاستراتيجيات وتعزيز تحالفاتها مع الأقليات؟ 
إن هذا كله مرتبط بوعي الأقليات ورفضها التعاون مع إسرائيل، وتقديم الانتماء للوطن والمصلحة العليا للدولة على الانجرار إلى تحالفات مشبوهة مع من تحاول تقديم نفسها كـ "جمعية خيرية لحماية الأقليات". فالأقليات هي جزء لا يتجزأ من الشعب والوطن، ولها حق في العيش بكرامة وأمن داخل حدودها، وليست في حاجة إلى تدخلات خارجية تحاول استغلالها لتحقيق أهداف سياسية. وفي النهاية، يتطلب الأمر وحدة الصف بين جميع مكونات الشعب لتجاوز التحديات، والحفاظ على مصالح الجميع في مواجهة محاولات التفتيت والتقسيم التي تسعى إليها أيادٍ عابثة. 

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة