للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
تروي لنا الروايات التاريخية ان من اسباب تحرك الرسول صلى الله عليه وسلم لفتح مكة ان بني بكر –وكانوا حلفاء قريش- اعتدوا على بني خزاعة الذين كانوا في حلف الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم جماعة ليسوا من المؤمنين، ومع ذلك رأينا لمّا اعتُدي عليهم ان الرسول صلى الله عليه وسلم انتصر لهم، وتحرك بقواته وجنوده لمنع الاذى عنهم والانتصار لهم.
ولا شك ان ما حدث في قطاع غزة ولا يزال يوجع القلب ويدمي الفؤاد، ونحن اذ لا نملك الجيوش والاساطيل لدفع الاذى عن غزة الجريحة ورفع الاذى والويلات عنها فاننا والحمد لله نملك الكثير من القدرات والامكانيات لنصرتها في مجالات شتى وتخفيف بعض الألم عنها.
فبعد حرب ابادة جماعية دمرت المستشفيات والمساكن والمساجد وقتلت البشر وشلت حركة الاطفال وطالت الشجر والحجر والدولاب تزايد في الفترة الاخيرة عدد الايتام...
فمنهم لا يعرف بعد ما حل بوالديه وتحت أي ركام دفنوا...
منهم من قُتل ابويه على مرأى ومسمع منهم وهدم مأواهم فباتوا بلا مأوى ولا عائلة ولا سند ولا معيل..
وكلنا شاهد على شاشات التلفاز الطفلة دلال ابو عيشة التي وقفت على اطلال بيتها الذي سوي بالارض وبكت بصوت تختنقه العبارات قائلة:
هنا كانوا...
هنا كانت امي وابي واخواتي... عدتُ الي البيت فلم اجد لهم أثرا... كلهم نالوا الشهادة ولم يبق لي الا قطتي الموجودة اليوم في دار خالي...
هذه طفلة من المئات بل الالاف مم فقدوا ذريتهم خلال العدوان الاخير على قطاع غزة...
في روابي غزة اليوم آلاف من الاطفال الايتام لم تستطع حتى الساعة كل مجهودات العون والمساندة والاغاثة ان تحصي اعدادهم الذين فقدوا والدهم او كلاهما ولمّا يبلغوا بعد سن الرشد، ولمّا يشتد عودهم وساعدهم بعد ولم يبلغوا سن التكليف...
اطفال ايتام شهداء غزة فقدوا دفعة واحدة حنان والدهم قبل ان يتزودوا للدنيا بعتادها، وقبل ان يتعلموا شيئا يذكر عن مواجهة صعاب الحياة والتواءاتها وانعطافات طرقها، وقب ان يتعلموا كيف يحيون مع ابنائها وقسم من ابناء هذه الدنيا وحوش وذئاب اختلفت مطامعهم واغراضهم وتعددت اهواؤهم وميولهم ورغباتهم وتضاربت نزواتهم وشهواتهم....
فهل يكفي ونحن نبصر حجم الألم ان نظل نبكيهم وكفى!!!
كيف يعيش هؤلاء الايتام يا ترى ان بقينا نضرب الاخماس بالاسداس وهو يرى كل يوم اطفاله امام عينيه يضحكون ويمرحون واطفال ابناء شعبه بلا زاد ولا مأوى او ظهير؟
وذا كانت الدنيا قد أتعب حالها كبار الرجال، ودوخت عظماء الجبابرة والمنكرين الذين خبروا الحياة وعجموا عيدانها...
فكيف بها مع ايتام شهداء غزة ان تخلينا عنهم وتركناهم وحدهم يقارعون نوائب الزمان وهم الذين لا حول لهم ولا قوة...
انتركهم لقمة سائغة للطريق، وشربة باردة للمتاجرين، ونهبا متسما للطامعين...
لقد تركهم والديهم رغما عنهم في اوسع ميدان حربي هو ميدان الدنيا، واكبر معركة دامية هي معركة القتال على لقمة العيش، وقوت اليوم، وليس مهم سلاح يدافعون به عن انفسهم، فهم بعدُ اعواد طرية لا يحسنون زراعة ولا عملا ولا يتقنون صنعة أو حرفة، ولا يجيدون بيعا ولا شراء..
ها هم آلاف الاطفال وفي لحظة خاطفة باتوا يحسون بألم الغربية..
غرباء في بلادهم عن بلادهم!
غرباء في ديارهم عن ديارهم!
غرباء في ارضهم عن ارضهم!
غرباء وضعفاء لا سند لهم ولا مغيث، ولا مأوى ولا ملجأ ولا مدرسة ولا مسكن يقيهم القيظ والقر، والحر والبرد، وحيث لا يجدون بجوارهم أبا يمسح على رأسه، يخفف من أَلَمِهِم، ولا قلبا يحنو عليهم، ولا ملجئا يحميهم من غوائل الدهر وتقلبات الايام ونوائبها ومصائبها وصروخها...
فإن لم نكفلهم اليوم ونكون لهم كالأم الرحيمة والأب البار كيف يطيب لنا عيش، وكيف نفرح مع الفرحين؟
لله درّ هؤلاء كيف يستطيعوا مواصلة مشوار الحياة العسير الشاق، واليُتم أول سهم أصاب قلوبهم، وأول لطمة قوية صفعت خدودهم الطرية، واول نكبة وزلزلة اعترت شخوصهم في هذا الوجود...
فإن لم نكن نحن لهم كيف يجد هؤلاء الأبرياء سبيلا الى الهناءة والسعادة...
فمن شاء ان يحسن الى أولاده فليحسن الى اطفال غزة الذين وكّلهم الله الى أبناء شعبهم أولا ثم الى ابناء أمتهم وجعل مصيرهم معلق بين أيدينا أكثر مما وكله لغيرنا.
أحسنوا واكفلوا ايتام شهداء غزة والأرامل والثكالى ولا تخيبوا آمالهم فيكم، ولا تجرحوا شعورهم ولا تكسروا خواطرهم، ولا تحقروا لهم عاطفة ولا احسانا، ولا تردوا حوائجهم ومتطلباتهم، ولا تهملوا لهم آمالهم وأمانيهم او رجاءهم او حاجتهم..
هم اليوم يستشفعوكم ويطلبوا نخوتهم ونجدتكم فاشفعوا لهم وانجدوهم...
انهم يدعونكم الى عظيمة من العظائم فلبوا النداء... كونوا لهم مكان آبائهم آباء مشفقين واخوة رحيمين وأمهات رحيمات واخوات شفوقات وأوصياء متحببين وكبراء مكرمين.
واعلموا ان الدهر متقلب، وان الأيام والليالي تدور، والأقدار في أخذ وعطاء، فقد تسلب اليوم ما وهبته بالأمس فيصبح الضعيف قويا والمعدم غنيا واليتيم عزيزا ورجلا مقداما (وتلك الأيام نداولها بين الناس).
فإن شئتم ان تكرموا اولادكم وفلذات اكبادكم بعد مماتكم، وتحفظوهم بعد فنائكم... وان شئتم ان تطيبوا سيرتكم وتجعلوها زكية معطرة، وتجملوا سيرتكم وتخلفوا وراءكم ذكرا عطرا وثناء مستفيضا، فارقبوا الله في ايتام شهداء غزة.. أحسنوا اليهم.. واكفلوهم، وبرّوا بهم ولا تتركوهم لوحشة الطريق يقارعون الحياة.