الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 20 / سبتمبر 23:02

شهيدات فلسطينيات بين الفن والحقد

بقلم: شوقية عروق
نُشر: 03/09/09 15:24,  حُتلن: 15:26

اذا كان الفن بشكل عام يرصد الواقع ويحاول الكشف عن امراضه وعيوبه وجماله ويغوص في متاهاته حتى يعثر على الحقيقة , فأن الفن الذي ينتج عن عقلية الأحتلال يحاول بعثرة القيمة الأنسانية ويقوم على تدمير الآخر الذي يبقى في حالة الضغط عليه حتى نسيان شخصيته , وهذا مر طبيعي في نفس المحتل .
لا اتوقع من الفنان الأسرائيلي ان يتضامن مع الشعب الفلسطيني وقد يخرج عن هذه القاعدة بعض المتمردين, لأن الفن عبارة عن وثيقة ابدية وبصمة تدين الفنان اذا اراد التراجع عن فكره , لذلك رغم سنوات الأحتلال الطويلة لم نجد هذا التعاطف بل بقي هذا المجال عرضة للصمت .
يقام في مدينة تل ابيب هذه الأيام معرضاً فنياً فريداً من نوعه اذ قامت بعض الفنانات الأسرائليات بوضع صور بعض الأستشهاديات على شكل (مريم العذراء ) وهي تحمل طفلها يسوع ووضعن الى جانب كل صورة اسم الأستشهادية والعملية التفجيرية التي قامت بها وعدد القتلى الذين قتلوا وعدد الجرحى ايضاً.
المعرض وجد هجوماً شرساً من قبل اهالي الذين قتلوا وشخصيات في الحكومة واعتبروا هذا المعرض نوعاً من التعاطف مع اللواتي قتلن عن سبق واصرار , والفنانات اعتبرن معرض الصور عبارة عن تساؤل صارخ ( لماذا قامت النسوة الفلسطينيات بهذا العمل ),
مهما كانت كمية براءة الفنانات الأسرائيليات الا ان الشيطان يسكن في داخل الحروف وبقع الألوان .. هل هذا سؤال يُسأل بعد سنوات طويلة من الأحتلال والقمع والقتل والسجون والمطاردة ومصادرة الأراضي واقامة المستوطنات والحواجز وتضيق الخناق وو ...الخ .
كل شهيدة حملت قصة شعبها , ومن الصعب ان يتماهي المحتل ويدخل نفس الشهيدة وتفكيرها , والأصعب ان يشعر ان واجب المقاومة يدفعها لتغير مجرى حياتها وان ما تقوم به امراً طبيعياً مارسته مئات النساء قبلها في الدول التي وقعت تحت نيران الأحتلال .
المعرض ذو حدين قد يكون فيه خيط التساؤل قد وصل الى حدود الفن بعد ان تمادى اليمين الأسرائيلي في الغرق في مستنقع عنصريته وقد يكون عبارة عن حذر من غضب المرأة الفلسطينية او فتح جروح اهالي القتلى والجرحى اليهود حتى لايأتي النسيان .
لا نعرف النوايا وراء المعرض الفني الأسرائيلي الغريب, لكن في المقابل نطالب السلطة الفلسطينية وبقية الفصائل الفلسطينية بعدم تجاهل هؤلاء النسوة اللواتي اعطين ارواحهن لقضية مقدسة , ونعلم ان هناك من يراها من المسؤولين الفلسطينين (عنفاً وارهاباً ) .
لم تعد وجوه النسوة اللواتي قمن بالعمليات الأستشهادية مجرد وجوه عادية , انه اندماج المرأة الفلسطينية في كافة مجالات المقاومة وصورة لفخر واعتزاز الشعوب وليس صورة للخجل كما يحاول البعض تغطية هذا الموضوع , كأنه من العار ان تفكر المرأة في بذل روحها وجسدها من اجل قضية .
كلنا على يقين ان المرأة الفلسطينية الأستشهادية لم تحصل على قيمتها الحقيقية ولم ينصفها احد , فهل يأتي اليوم الذي نكرم فيه هؤلاء , اطلاق اسم استشهادية على مدرسة او حديقة او مؤسسة او شارع او حتى زقاق , هذه برقية او صرخة لقادة السلظة الفلسطينية الذي يرفلون في بحبوحة بفضل هؤلاء النسوة واخوانهم الذين منحوا ًدمائهم للوطن .

مقالات متعلقة