الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 26 / يونيو 06:02

رقاب الناس تحت المداس؟ / بقلم : نورة نفافعة

كل العرب
نُشر: 27/02/10 11:46,  حُتلن: 08:03

ظروف الحياة، وجبروت المجتمع، خبث الأيام، وفقدان المال ولا تنسى مكر الإنسان جميعها عوامل تجعل رقاب الكثير من الناس تراباً على الأرض يداس.
هنالك مثل شعبي يقول "إذ لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب" ولكن في أيامنا إذ لم تكن ذئباً أكلتك الأرانب وداستك الأقدام قانون متعارف عليه.
فكم من إنسان ضاقت به السبل ولم يتذوق حلاوة الأيام ونفذ عمرهُ وهو أسير تحت الأقدام لأنه ولد لأسره معدومة فقيرة لم يدخل للمدارس ليحصل على شهادة تحميه من مرض الأيام ونظرة الإنسان للإنسان. وكم شخص ولد بلا أحلام ضعيف أمام تحقيق الأهداف ، سجين وراء قضبان الحرمان ، بيته الذل وسنده الآلام، ماضيه النكبة وحاضره الاحتلال ومصيره رماد إنسان. وكم من مظلوم كبت أنفاسه، وأخفى جراحه ،وحبس الدمع في عينه ونفي من حياته أسمى معاني الراحة وأصبح عنوانه أتراحه . وكم من زهرة يانعة خلابة المنظر، جذابة المظهر ذبلت بعد أن امتص رحيقها ورميت. وكم شمعة إنارة درب الكثيرين واشارة لإرشاد الآخرين تذوب في سبيل نشر النور، وحين يخفت ضوءها ترمى وتداس. كم مدعي الفروسية أهدافه بلا هوية ، جمهوره الضحية لا يملك القدرة على إدارة شؤون مهر صغير ولكنه ينجح بإدارة دوره بالمسرحية مع وجود الأيدي الخفية التي بوجود أمثاله معنية تقود جواده وتتحكم بحصانه و تدوس أعناقه. وكم يتيم عاش صراع على مر السنين لم يجد يد تلمس شعره، و تمسح الدمع، عن خده وترشده لدرب الصواب ليضع أساسات لإعمار حياته مما جعل من مكانه الأرض بجوار ترابها. وكم من الأطفال مكانهم الشارع يتسولون المال لصالح آخرون من تشغيلهم مستفيدون رغم أنهم يملكون أفخم السيارات والبيوت ولديهم رصيد بالبنوك ،وبعض النقود للأطفال يرمون والمساكين بهم يفرحون لأنهم عاشوا محرومون وأعمارهم تجري أمامهم و مشهد جميل من فيلم الحياة لم يشاهدون وإذ حاولوا رفع رؤوسهم إلى الأعلى فلا يرون سوى أقدام ويصحوا على وأقع أنهم مداس لكل الناس. وكم أم رضيت أن تعمل خادمة في البيوت أو المصانع في سبيل تأمين حياة أفضل لأولادها زارعة في أذهانهم أن غدا أجمل وبعد انتهاء دورها وانتقال مسؤوليتهم إلى أعناقهم يرمونها في أقرب مركز للمسنين دون التفكير بالسؤال عنها – ربما انتهت صلاحيتها – والسبب حسب إدعائهم أن المصاريف كبيرة والحياة قصيرة ولا يستطيعون الاعتناء بها ووضع أكلها وشربها، دواءها وثيابها، وأجر المشفى في لائحة مصروف منازلهم فهم على الاعتناء بها غير قادرين رغم أنها جعلت من ذاتها مداس لتراهم أفضل الناس. وكم من صوت حق أصبح مكتف الأيدي. وكم من وعد شرف لم ينفذ وكم من حقيقة ذبحت قبل أن تنشر وكم عدد اللوحات التي حكم عليها أن تصبح مداس قبل أن تكتمل ويراها الناس.
ولكن أنت هل ترضى أن تٌداس كما قمت بدوس الكثيرين اللذين قدموا إلى الحياة وذهبوا مع مهاب الريح وهم نكراء مجهولين فلم تشهد لهم السنين على إنجاز وأحد يجعلهم معروفين أو حتى على مسامع البعض مذكورين.
هي قتل الإنسانية إذن ودفن جثمانها وإخفاء أثرها بعد هدم كيانها وغير ذلك لما كان هنالك أحد من الناس تحت المداس.
 

مقالات متعلقة