الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 26 / يونيو 12:02

احمد ابو عماد محاميد: مواجهة العنصرية في ظل أبشع حكومة اسرائيلية

كل العرب-الناصرة
نُشر: 29/12/10 17:56,  حُتلن: 19:40

احمد ابو عماد محاميد :

يجب علينا ان نشدّد ان الحكومة وساداتها يقودون شعبهم نحو التهلكة بشكل حتمي

الشعب هو مصدر الصلاحيات في النظام الديمقراطي وهو الوحيد القادر على تغيير ميزان القوى في الدولة

القوى العنصرية الكهاناتية تستمد شرعيتها من المؤسسة الحاكمة من ناحية وستعمل على تصعيد نشاطها العنصري هذا ما دامت مؤسسات تقييد السلطة تغض النظر عنها لاسباب سياسية محضة

ليس هناك ثمة شك في كون الحكومة الإسرائيلية الحالية هي أبشع حكومة متطرفة يشهدها المجتمع الإسرائيلي بشكل عام وبعض المجموعات القومية والإجتماعية على وجه الخصوص منذ قيام الدولة. الملفت للنظر هو أن هذه الحكومة ليست يمينية على مستوى التشريع فحسب, وإنما هي ايضاً يمينية من حيث قدرتها على تفعيل وتحريض العناصر المؤيدة لها في الشارع العام من ناحية , وقدرتها على كبح جماح العناصر المناهضة لهذه السياسة العنصرية من جهة أخرى. وعليه تدعو الحاجة الى معالجة هذه المركبات الثلاثة (السلطة وقوانينها، العناصر اليمينية، العناصر اليسارية ) معاً بشكل مدروس وممنهج. يجب علينا ان نشدّد ان هذه الحكومة وساداتها يقودون شعبهم نحو التهلكة بشكل حتمي وان هذه الحكومة هي في نهاية المطاف محكمة إعدام للمبادئ الديمقراطية ولحقوق الإنسان والمواطن ولحقوق الأقليات.


احمد ابو عماد محاميد

القوانين الدولية الخاصة باللجوء السياسي
بالنسبة للمركب الاول وهو تشريع العديد من قوانين التمييز العنصري داخل الدولة مثل تعديل قانون"الجنسية" وسن قانون " الاستفتاء الشعبي" فيما يخص الانسحاب من المناطق الموجودة تحت السيطرة الاسرائيلية اليوم (بشكل خاص الجولان والقدس ), وقوانين تخص قضايا البناء والتنظيم , هذا عدا عن القوانين التي تمس بشكل جارف بالطبقات الاجتماعية الضعيفة والمحتاجة وحتى الطبقات الوسطى. هذه القوانين واخرى والتي لا يمكن عرض جميعها هنا، تشكل خطراً حقيقياً على المبنى المؤسساتي للدولة من حيث بلورة الثقافة السياسية على المستوى البيروقراطي وعلى المستوى الشعبي. ففي الأسابيع الاخيرة مثلا كنا نتوقع من المستشار القضائي للحكومة -فينشتاين-باعتباره يمثل اهم مؤسسة اشراف ومراقبة مركزية في النظام الديمقراطي ان يقوم بتقديم دعوى قضائية ضد بعض من رجال الدين اليهود الذين أصدروا فتوى تقضي بمنع بيع او تأجير بيوت للعرب, لكن من المدهش ان المستشار القضائي لم يتخذ موقفاً مهنياً حازماً, كما ان رئيس بلدية تل ابيب العلمانية حولدئي صرح, " إن قضية المتسللين السودانيين الى اسرائيل تعتبر حقاً مشكلة",متجاهلاً القوانين الدولية الخاصة باللجوء السياسي. لدينا هنا مثالان يوضحان مدى تفاقم الازمة من حيث عدم قيام مؤسسات تقييد السلطة بالحفاظ على حقوق الانسان والمواطن.

تصعيد النشاط العنصري
اما المركب الثاني وهو العناصر اليمينية المتطرفة التي تقوم بتطبيق سياسة الحكومة من خلال قيامها بتشكيل عصابات في صفد وبات يام وبني يهودا وفي القدس وهي تصرح علنًا بحضور ممثلين من البرلمان الاسرائيلي انها ستمنع الشباب العرب من الاقتراب الى الفتيات اليهوديات وانها ستقاطع كل يهودي لا يلتزم بفتاوى رجال الدين. هذه العناصر وشرعنة نشاطها بحجة حق حرية التعبير تعتبر مؤشراً جديداً وخطيراً فيما يخص الثقافة السياسية التي تعتبر رفض وجود الاخر واستخدام القوة ضده هو نشاط شرعي وديمقراطي. واضح جداً ان هذه الاوساط تتعامل مع الديمقراطية بالمعنى الشكلي الصوري (حكم الاكثرية ) وليس بالمعنى الجوهري (احترام حقوق الانسان والمواطن والاقليات ). هذه القوى العنصرية الكهاناتية تستمد شرعيتها من المؤسسة الحاكمة من ناحية وستعمل على تصعيد نشاطها العنصري هذا ما دامت مؤسسات تقييد السلطة تغض النظر عنها لاسباب سياسية محضة.

تهديد العالم بأسره
اما بالنسبة للمركب الثالث , الراي العام او بالاحرى القوى المناهضة للعنصرية والتي ترغب في العيش في نظام ديمقراطي علماني ومعنية بمعادلة الارض مقابل السلام, فانها تعاني اليوم من مرض الانيميا السياسي. لقد كان احد اهداف خصخصة وسائل الاعلام في الدولة هو تحريك الراي العام وتوفير كم اكبر من المعلومات للمواطن كي يتمكن المواطن من بلورة موفق اكثر وضوحاً اتجاه السلطة وكي يعمل على الضغط على صانعي القرار في الدولة , الهدف إذًا كان بناء مجتمع اسرائيلي مدني فعال ومؤثر, لكن النتيجة كانت مخيبة للامال، فوسائل الاتصال اصبحت تعتمد اكثر على البرامج الترفيهية بهدف جذب كم اكبر من المشاهدين وبالتالي تحقيق اهداف اقتصادية ربحية لحساباتها الشخصية, حتى ان جزءً كبيراً منها اصبح وكيلاً لاصحاب رؤساء اموال ووكيلاً طبعاً للمؤسسة بذاتها, هذه السياسة ادت الى بناء واقع معاكس جداً بالنسبة للمواطن فقد اصبح المجتمع الاسرائيلي غير فعال وغير مبالي لما يجري حوله. اسرائيل لم تعد تلك الدولة التي اخرجت 400 الف متظاهر ضد الحرب في لبنان عام 1982 , ولم تعد تلك الدولة التي دعمت المسيرة السلمية عام 1993, المجتمع الاسرائيلي غير مبالي لما يجري في الدولة سياسياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً, لان السلطة والمؤسسة والاعلام الاسرائيلي يروج للمواطن بشكل دائم ان الصراع القومي الديني هو الصراع الاساسي.
لذلك ومن هذا المنطلق، فإن دولة اسرائيل في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين ستكون امام منعطف تاريخي نوعي، سيحدد مكانة الشرق الاوسط من حيث اعتباره مكاناً يحلو العيش فيه او مكاناً يشكل بركاناً خطيراً يهدد العالم باسره بدون مبالغة.

تغيير القوانين العنصرية
اعتقد انه ومن اجل مواجهة هذه التحديات علينا تحديد سلم أولويات جديد على المستوى الشعبي. فعلى القيادات السياسية المناهضة للعنصرية من كل الأطياف والطوائف وعلى الجمعيات المختلفة ومجموعات المصلحة غير الحزبية, على كل هذه القوى ان تركّز عملها معاً -تحت قواسم مشتركة واسعة-على الجانب الميداني بالاساس والتاثير على الجماهير , لان الشعب هو مصدر الصلاحيات في النظام الديمقراطي وهو الوحيد القادر على تغيير ميزان القوى في الدولة واسقاط هذه الحكومة باسرع وقت ممكن وحينها فان تغيير القوانين العنصرية ولجم القوى العنصرية في الدولة سيكون محصلة نشاط الراي العام.

مقالات متعلقة