الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 28 / سبتمبر 22:02

بهاء رحال:الإنقسام الأسود في الوطن الأبيض

كل العرب
نُشر: 11/03/11 13:14,  حُتلن: 07:59

بهاء رحال في مقاله:

 الانقسام الحدث المزلزل الذي أصاب كل فلسطيني وفلسطينية في نفسه وقلبة وعقله وهدد ولا يزال يهدد كيانه ومستقبل تطلعاته طالما ظل الانقسام قائماً


الانقسام لا كرامة له واستمراره لا يعني لنا كفلسطينيين إلا الضياع والغربة والإنكسار والثأر لأسطورتهم المنهارة في زمن إنكسارهم الطويل على حدود غزة الجريحة والذبيحة

حتى الان لا زال الوضع الفلسطيني على حالة ولا زالت المصالحة والوحدة الوطنية أمنية بعيدة المنال في واقع سياسي معقد تشهده الساحة الفلسطينية بما تتأثر به سلباً أو إيجاباً مما يحدث في المنطقة من ثورات شعبية وتغيرات

الإنقسام الحدث الأسود المستمر في تاريخ الشعب الفلسطينين منذ أن سيطرت حماس على الحكم في غزة بقوة السلاح حين إنقلبت ميليشياتها العسكرية على السلطة الشرعية وأطاحت بها في مشهد جنوني فاجئ العالم وفاجئنا نحن الفلسطينيين الذين لم نكن يوماً نتوقع أن يحدث ما جرى خاصة وقد شهدت الثورة الفلسطينية الكثير من المنعطفات التي شهدت خلافات حادة وجادة وصارخة لكنها لم تصل لمستوى الجنون الكافر ، و كانت كل الفصائل الفلسطينية مؤمنة ايماناً عميقاً بحرمة الدم الفلسطيني وعدم الاقتراب منه تحت أي ظرف من الظروف ، وكانوا يسيرون على هدي الشهيد الراحل الذي صنع ديمقراطية غابة البنادق وفلفسفة الخلاف الذي يخدم القضية .

النسيج الاجتماعي والوطني
الانقسام الحدث المزلزل الذي أصاب كل فلسطيني وفلسطينية في نفسه وقلبة وعقله وهدد ولا يزال يهدد كيانه ومستقبل تطلعاته طالما ظل الانقسام قائماً ، وقد شكل هذا الانقسام إنعطافة خطيرة خدشت النسيج الاجتماعي والوطني وقد شكل حالة منفرده لم يعرفها الشعب الفلسطيني من قبل ، والقى بظلاله على معظم نواحى الحالة الفلسطينية وكأنه كابوس طويل الأمد زوراً ورجساً لا تاريخ انتهاء له . الانقسام ليس شكلاً من أشكال النضال ، ولا عملاً بطولياً صوب المنتهى ، ولا نهاية الطريق الى القدس والعودة والاستقلال الوطني ، ولا يخدم بناء الوطن المسبي وتطهيره من الدنس ، ولن يكون لهذا الانقسام وجهاً مشرقاً مهما تبدلت المعاني ومهما تجملت الصور ، ولن يحتزل إلا في صورة واحده هي صورة الإنكسار أمام الذات والآخرين الذين يتفقون معك أو يختلفون في الشكل والمسميات .

الضياع والغربة والإنكسار
الانقسام لا كرامة له واستمراره لا يعني لنا كفلسطينيين إلا الضياع والغربة والإنكسار والثأر لأسطورتهم المنهارة في زمن إنكسارهم الطويل على حدود غزة الجريحة والذبيحة بين مطرقة الانقسام ومطرقة الإحتلال الجاثم على صدرها الأبيض ، فالانقسام والاحتلال والوجوه الغربية والذئاب في شوارع القطاع وحكامها الجدد الطارئين في الزمن الفلسطينيي المنكسر والمنهار أمام أسطورة قداسة الجهاد المزيف وحقيقة التسوية المنهارة .
العديد من الدعوات التي خرجت تدعوا لانهاء الانقسام ، من كل الجهات والفئات ، أحزاب وتنظيمات وفصائل ، سياسين واقتصاديين وأكاديميين وتكنوقراط ، ليبراليين واشتراكيين ورجال دين وفقهاء ، فنانين ومثقفين ومبدعين وكتّاب ، دعوات خرجت من كل الفئات والجهات والاتجاهات في المجتمع الفلسطيني منها من كان صادقاً ونابعاً من الحرص الوطني على الوطن والحلم والقضية ومنها من كان يجاهر بمبادراته من أجل التسويق لتحقيق مكاسب حزبية ضيقة ، فأما من صدقت نواياه فقد ذهبت مبادراته في مهب الريح حتى الآن ولم يتحقق الوعد ، وأما من تقوقع في حزبيته الضيقه فلا زال يقسم الوطن الى شطرين ويحاول أن يغذي الانقسام والفرقة ببعض الدسائس من هنا وهناك وبشتى السبل ، ولا يتوانى عن تكريس الانقسام كحقيقة لا يمكن تجاوزها ويفرض رؤيته بين الحين والآخر ولا يتوانا عن ايجاد الاعذار التي يتعذر بها للهروب من كل الاستحقاقات وللهروب من صندوق الاقتراع والديمقراطية يظهر بزي المقاتل الذي لا يؤمن بالديمقراطية حتى ينتصر وحتى يفرض بقوة سطوته كل ما يريد ولا يعترف بأي شرعيه سوى شرعية الانقلاب.

اشتراط التصالح
لا زالت صورة الانقسام تلقي بظلالها على مجمل الحالة الفلسطينية ولا زالت عقبات المصالحه وشروط واشتراطات التصالح تعترض طريق الوحدة الوطنية ، ولا زال المشهد الفلسطيني على نفس الصورة التي تسود منذ أعوام ، صورة الانقسام والاختلاف والشروط رغم كل الدعوات التي خرجت في الآونة الأخيرة ورغم عمليات التقليد التي تقوم بها المجموعات الفلسطينية على الفيس بوك لأحداث ثورة الوحدة الوطنية في فلسطين ، إلا أن هذه الدعوات حتى الآن لم يستمع اليها أي من أطراف الخلاف ولم تجد طريق النجاح لأن هذه الدعوات في معظمها دعوات حزبية لها أجندتها الخاصة وأهدافها الحزبية وليست دعوات شعبية باجندة وطنية وحدوية .
حتى الان لا زال الوضع الفلسطيني على حالة ولا زالت المصالحة والوحدة الوطنية أمنية بعيدة المنال في واقع سياسي معقد تشهده الساحة الفلسطينية بما تتأثر به سلباً أو إيجاباً مما يحدث في المنطقة من ثورات شعبية وتغيرات ، وحتى الآن لا تزال صورة الانقسام وحدها هي التي تسيطر على كامل المشهد الفلسطيني رغم كل دعوات المصالحة والوحدة الوطنية والتصالح لإعادة لحمة الوطن وانهاء الانقسام الذي يشوه وجه القضية .

مقالات متعلقة