الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 22 / يونيو 11:02

تهاني بكري:كلماتٌ إجلالاً لروحِ عمّتي الطّاهرة سعيدة علي بكري

كل العرب
نُشر: 13/10/11 11:06,  حُتلن: 17:54

[ كلماتٌ تَناثرت على أديمِ الذاكرةِ إجلالاً لروحِ عمّتي الطّاهرة سعيدة علي بكري (أم محمد) ].
مَلاكُ الخَيرِ المحلق بِجَناحيهِ 12-10-2011
فِي سماءِ فلسطين...
فِي الحياةِ رَغم الموتِ ...
ملكةَ القلوبِ !
سَعيدة عَهِدتُكِ اسماً تَداوَلتهُ الألسنةُ ‘ مُذ تعلمتُ الكلام ‘ردَّدتُه كثيراً وَسمِعتُه أَكثر ... لكن اعذُرِيني عَمّتي !
لَم يَستهوِني ‘ كَانَ يُثيُر بي مَشاعرَ غَضبٍ ‘ تَستفزُّ الكَيانَ فَيطرقُ أَبوابَ السُؤالِ قَائلِاً : أَينَ السعادةَ مِنكِ ؟ أينَ أنتِ مِنهَا ؟
وأَسئلةٌ أُخرى لا تحُصى كانَت تَلعقُ السَرابَ لمجردِ البَحثِ عَنِ الأسبَابِ .
مَلكةَ القُلوبِ !
ألفُ حمدٍ وألفُ شُكرٍ عِبارةٌ قِمةٌ في القُبولِ - قُبولِ الوجودِ والرّضَا بقضاءِ اللهِ .كُنتُ أَقرأُها عَلى صَفحةِ وَجهِك المَلائِكيّ الطّاهِر ‘ كُلّما لَمَحَتكِ عَينَاي ...
يَا مَن عَلّمتِ أُمهاتِ الأرضِ كيفَ تكونُ التضحيةُ نبراساً يضيءُ عتمةَ الحياةِ ...
يا مَن عَلّمتِ الإنسانَ فِينا أَن يَكُونَ إِنسَاناً فِي زَمنٍ غَابتِ الإنسَانِيّةُ عَنه .
عَمّتاه ! لا بَل أُماه !
ما أَقسى الحياة !
اليوم الثلاثاء ‘ الحادي عشر من أكتوبر 2011
ابتسامةٌ تَعلُو مُحيّاك صَباحاً ‘ تتَحَدّثِين بِصَوتِك المَلائِكيّ السّاحِر ... تُـسألِين ...
أيّ بنتٍ مِن بَناتِك تَوَدين رُؤيتها قُبَيل الِجراحة ؟
- أُريدُهم السبعة تَقُولِين ... بابتسامةٍ تحُوّل خريفَ الأرضِ إلى ربيع .
- يااااه أيُّ إنسانةٍ أنتِ لا بل أيُّ مَلاك !
- كُلُهّن بناِتي وأُحِبُهنّ تُتابِعين ...
يا غاليةُ ! أيُّ أمٍ أنتِ لا بَل أيّ ملاكٍ !
يا أعدلَ أمهاتِ الأرضِ !
الروحُ تَبكيكِ ...
يا مَن بكيتِ الإنسانَ أينَما كَان !
يا مَن حَملتِ همومَ الغيرِ وَنسيتِ النفسَ ... محلقةً تُرسلُ الخَير والطّيِبة حيثُما تكون وأينَما تكونُ تُضمدُ الجِراحَ وَتنسى جِراحَها !
وَبمُنتَهى البَساطَة تَقولُ : " ما تقلقوش علي ‘ ديرو بالكو عبعض أَنا بخير " .
عَمّتاه !
أَراكِ الآنَ هناكَ في السماءِ تبَكِينَ أَيضاً ... لا لِفراقِ دُنيا أَعيتكِ ! بَل تَبكِينَ لِبُكاء ِنُجومِ حَياتكِ وَفُرسَانهِا الّذينَ حَملتِهِم فِي الأحشَاءِ وَالّذِينَ لَم تَحملِيهم على السّواء . تَلومِينَ نفسكِ على مساحاتِ الحزنِ الّتي تَرين ...
عَمّتاه لا ‘ بَل أُمَاه !
أَرجوكِ كفاكِ بُكاءً !
كَفاكِ بكاءً يَطعنُ القلبَ بِخناجرِ الألمِ وَالفُقدان ...
نَبكيكِ ؟ نَعم . تَبكينا لا وَأَلفُ لا ...
طلبٌ لا يَقبلُ الرفضَ ... فَلو كَانَتِ الدُّموعُ مِداداً للحُبّ لَن تكفي ‘ لَن تفي ولَن ...
يا سَيدةَ القلوبِ !
دَعِينا نَبكيكِ فَخَسارتنا تعجزُ كلماتُ الأرضِ لو اجتمعت أن تخطَها !
دَعِينَا نَبكيكِ فَمصابنا جَلل !
انتَظرناَكِ فِي مكانٍ هُناكَ في حيفا - الّتي عَشِقتها فعَشِقتكِ - حَيثُ رَجَونا أَن يَهبكِ المزيدَ من الحياةِ كُنّا نتضرعُ إلى السماءِ آملينَ الشفاء كل الشفاء ...
آهِ ما أقساكَ أيُّها الموت ! اخترتَها رَغم أنفِ اللحظاتِ وأَمطرتَ علينا سهامَ آلامٍ وَدموعٍ تَروِي الأرضَ فيُبعثُ خَيرُك فِينا عَمّتي ! نعَم يُبعثُ فِينا !
أَتُصَدِقين !؟ دُموعُنا تَبعثُ خَيرَكِ ‘ وَظِلّكِ وَسحركِ يَفوحُ مِسكاً يُعطرُ المكانَ ويُرسلُ السنونو رفيقاً لِدَربكِ ...
رَغم الموتِ نورُ اللهِ يَتلَأ لَأُ عَلى أَدِيمِ وَجهكِ ...
رَغم الموتِ نورُ اللهِ يقشعُ الظلامَ والوحشَة يتَغمدُكِ بِرحمتهِ هُناكَ في السماءِ السّابعةِ حَيثُ الأنبياء ...
أُعذُرِيني عَمّتي !
هَا أَنا الآنَ أَعترِفُ لَكِ قَبلَ الدُّعَاء .
بَعدَ الموتِ ‘ أَحببتُ اسمَكِ أَكثر ‘وَكَيفَ لا وأَنتِ هُناكَ عِندَ بَديعِ السماواتِ والأرضِ .
سَتُنَادَين بِهِ إلى الفردوسِ الأعلى ...
يا مَلاكَ الخَيرِ كُل الخيرِ !
أَما بَعد
اللهُمَّ املَأ قبرَها باِلرِضَا والنّورِ وَتغَمدهَا برِحمَتكَ واسكِنهَا فَسِيحَ جِنَانِك .
آمين
بقلم : تهاني بكري
 

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان: alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة