عطـّاب فقرا:

نصيحتي للمبادرين العرب أن يعرفوا أن ليس هنالك أمرا مستحيلا وأننا شعب ذكي ونستطيع أن نكون في مقدمة الشعوب من الناحية التجارية والصناعية والاقتصادية

نحن في الوسط العربي الذي يفتقر للمناطق الصناعية والمشاريع التجارية الحيوية، أحوج ما نكون لكل مشروع أو مصلحة توفر فرصة العمل لصاحبها أو لمن يريد العمل وكسب المال بعرق جبينه

في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي تسود البلاد، والعالم عامة نتيجة للأزمات المالية والاقتصادية المتلاحقة، وفي ظل خوف الكثيرين من فقدان مكان عملهم لسبب ما قد يتعلق بهم شخصيا أو بظروف قاهرة خارجة عن إرادتهم، نجد أن البعض منا يصل إلى خط النهاية مع وظيفته السابقة التي كان يشغلها منذ سنوات طويلة. من الأسباب المنتشرة التي قد تؤدي لترك أي شخص لمكان عمله، هي قضية الخروج للتقاعد، سواء كان هذا التقاعد تقاعدا عاديا بعد الوصول إلى سن التقاعد، أو تقاعدا مبكرا يبادر إليه الموظف من أجل أن يبدأ مشوارا جديدا في عالم الأعمال والتجارة.
أحد هؤلاء الموظفين الذين خرجوا للتقاعد المبكر، هو عطـّاب فقرا، الذي كان يعمل سكرتيرا في المجلس المحلي لقرية البعينة نجيدات، وقرر أن يترك الوظيفة الرسمية وهو بعمر 41 عاما. لا ليجلس في البيت دون فائدة، بل ليبدأ مشوارا جديدا، ومشروعا مميزا ينقله إلى عالم من الإبداع والنجاح الاقتصادي.

حدثنا عن خلفيتك العملية والمهنية السابقة، قبل البدء بمشروعك الحالي؟
فقرا: "خلال الفترة الممتدة من شهر أيار (5) 1987 وحتى سنة 2007 كنت أعمل سكرتيرا للمجلس المحلي في قرية البعينة – النجيدات. في إطار عملي هذا، كنت مسؤولا عن الجوانب الإدارية في المجلس، مثل إدارة الجلسات، المراسلات، الزيارات الرسمية، الصحة وغيرها من الشؤون الإدارية، إلى أن قررت في العام 2007 الخروج للتقاعد المبكر من الوظيفة الرسمية".

ما هو مشروعك؟ وكيف خطرت لك فكرة إقامته؟
فقرا: "في البداية، وبعد أن خرجت للتقاعد، قمت بافتتاح حانوت لبيع الأدوات والمستلزمات الزراعية، وذلك بالاعتماد على خبرتي العملية في مجال الزراعة وإلمامي بتفاصيله. لكن هذا المشروع لم يكن الحلم الذي راودني طوال حياتي. وخلال كل الفترة التي أدرت فيها هذا الحانوت، كنت أفكر وأبحث عن مشروع خاص ونادر لا مثيل له في البلاد، ولا منافس له، إلى أن هدتني أفكاري لإقامة مشروع لزراعة وإنتاج الفطرالعربي (الفقع) الذي ينبت خلال فصل الشتاء، وتحديدا في شهري كانون الأول وكانون الثاني من كل عام، والذي يتجول المواطنون العرب في السهول والحقول بحثا عنه خلال هذه الفترة.  كانت الفكرة الأولية تعتمد على توفير هذا الفطر على مدالر السنة كلها، وبكميات تجارية، وليس فقط خلال فترة الشهرين المذكورين. هذا مشروع إبداعي ليس له مثيل أو منافس في البلاد إطلاقا. كما أنه ليس بالعمل السهل أو البسيط، إنه مشروع معقد ودقيق، تصل درجة التعقيد فيه إلى مستوى عمليات زرع القلب المعقدة والخطيرة. وقد بدأت اليوم تحديدا بزراعة الفوج الأول من محصولي، بعد فترة لا تزيد عن الشهرين من التجهيز والتخطيط والإعداد لإقامة هذا المشروع".

كيف قررت التوجه لمركز "ماطي"؟ وما هي الخدمات التي حصلت عليها هناك؟
فقرا: "جاء الأمر عن طريق الصدفة الخالصة. فقد كنت في أحد الأيام أطالع الصحافة، فاستوقفني إعلان يشير إلى وجود مركز اسمه (ماطي) يقدم الدعم والتوجيه والاستشارة للمصالح التجارية. قمت على الفور بالاتصال إلى مكاتب المركز في الناصرة، حيث تولى الاهتمام بي وبمشروعي المستشار الافتصادي محمد مصالحة. وهو الذي قام بمرافقتي خلال كل عملية التخطيط للمشروع بعد أن قام باتخاذ عدد من الخطوات الأولية والمركزية مثل الاستفسار عن المشروع، ماهيته، تكاليفه وغيرها.
قام مصالحة بعد ذلك بإعداد دراسة جدوى اقتصادية وبرنامج عمل تجاري. ثم توجهنا لأحد صناديق التمويل في منطقة المركز، حيث عقنا أنا ومصالحة جلسة مع القائمين عليه نجحنا من خلالها بإقناعهم بحيوية هذا المشروع وفرص نجاحه الكبيرة. لقد تلقيت من مركز (ماطي) مجموعة من الخدمات الأولية والضرورية، والتي تتلخص بما يلي: الاستشارة الأولية، المرافقة وإعداد برنامج العمل ودراسة الجدوى الاقتصادية، وطبعا فوق كل هذا توجيهي لمصادر التمويل التي ساعدتني على تحويل الفكرة إلى مشروع واقعي".

كيف ساعدتك هذه الخدمات على تطوير مشروعك؟
فقرا: "ساعدتني أولا بأن قصّرت مدة الإعداد والتخطيط وافتتاح المشروع. فصحيح أني على قناعة تامة أني بجميع الأحوال كنت سأقيم هذا المشروع، إن عاجلا أو آجلا. لكن لا بد من الإشارة إلى أنني كان من الممكن أن أؤجل أو أتأخر بإقامة هذا المشروع من سنة إلى سنتين على الأقل لو لم أحصل على خدمات مركز (ماطي). لكن بفضل هذه الخدمات استطعت أن أقيم المشروع في وقت قياسي لا يزيد عن شهرين. هذا الأمر ليس عابرا ولا بسيطا، فعامل الوقت يلعب في مثل هذه الحالات دورا هاما ومركزيا في فرص نجاح المشروع وإمكانيات استمراره.
بفضل هذه الخدمات استطعت إقناع صندوق التمويل بجدية المشروع وبجدواه الاقتصادية وباحتمالات نجاحه الكبيرة، كما استطعت الحصول على مبلغ القرض الذي طلبته كاملا بشروط ممتازة وفائدة منخفضة. كما أني سأبدأ بإعادة الدفعة الأولى من المبلغ المقترض بعد خمسة أشهر من الحصول على القرض. كل هذه التسهيلات ما كنت لأحصل عليها دون التوجه لمركز (ماطي)".

ما هو المقابل المادي الذي دفعته لمركز "ماطي" عن هذه الخدمات؟
فقرا: "لقد كلفني التوجه لمركز ماطي مبالغ زهيدة جدا تكاد لا تذكر! فقد دفعت مبلغ 100 ش.ج فقط عند التوجه للاستشارة الأولية. وبعدها، وعند توجهي مجددا من أجل إعداد الجدوى الاقتصادية وخطة العمل، دفعت مبلغ 560 ش.ج إضافية. أي بالمجمل 660 ش.ج فقط، وهو مبلغ هامشي لا يساوي قيمة الخدمات والتسهيلات التي حصلت عليها هناك".

هل من نصيحة أو رسالة ترغب بتوجيهها لأصحاب المصالح القائمة أو لمن يرغبون بإقامة مصالح جديدة؟
فقرا: "نصيحتي للمبادرين العرب أن يعرفوا أن ليس هنالك أمرا مستحيلا، وأننا شعب ذكي ونستطيع أن نكون في مقدمة الشعوب من الناحية التجارية والصناعية والاقتصادية. لكن كل ما علينا عمله هو التمتع بروح المثابرة وأخذ زمام المبادرة والابتكار. 
وأخيرا، أنصح جميع أصحاب الأفكار الخلاقة والإبداعية، أو أصحاب المصالح التجارية التي تعاني من الصعوبات المادية بالتوجه لمركز (ماطي). فهناك، بإمكانهم فعلا أن يجدوا الآذان الصاغية لمشاريعهم. وعندما يقتنع القائمون على المركز بجدوى هذا المشروع وإمكانيات نجاحه، فإنهم سيوفرون لكم أكثر من مصدر للتمويل والدعم، من أجل إقامة مشروعكم الجديد، أو إعادة توقيف مشروعكم المتعثر على قدميه.
ونحن في الوسط العربي، الذي يفتقر للمناطق الصناعية والمشاريع التجارية الحيوية، أحوج ما نكون لكل مشروع أو مصلحة توفر فرصة العمل لصاحبها أو لمن يريد العمل وكسب المال بعرق جبينه".