الدكتور نبيل خطاب :

السكان العرب يعيش غالبيتهم الساحقة في الضواحي، ويضطرون للعمل في سوق العمل الثانوي فقط، ممّا يؤدّي إلى حدوث نتائج غير مرغوبة في نظرهم

 العرب متواجدون على هامش سوق العمل، ويتم التعامل معهم على اعتبار أنهما قوة عمل احتياطية، وهكذا فإن هذه الشريحة عرضة لذبذبات أكبر في أوضاع العمل

الدكتور سامي ميعاري:

العرب هم أول مجموعة سكانية تتضرر من الأزمات الاقتصادية في فترات الشدّة

نقترح اتباع سياسة تشجّع انخراط العرب في مجالات العمل المتنوعة وذلك لإغلاق الفجوات بين المجموعتين السكانيتين وتحقيق المساواة بينهما، وبالتالي خلق مجتمع إسرائيلي حرّ، عادل ويتحلى بالمناعة

علا نبواني:

العمال الأوائل الذين يتمّ فصلهم من العمل في فترات الشدّة هم العمال العرب وهم آخر العمال الذين يعادون إلى أماكن العمل في فترات الازدهار

في سنوات الازدهار، طرأ انخفاض في نسبة البطالة بين السكان اليهود قبل أن نشهد تحسنا ملموسا بين السكان العرب، أما في السنوات العصيبة، فقد ارتفعت البطالة أولا بين السكان العرب

نظم المعهد الاسرائيلي للديمقراطية اليوم الاربعاء في قاعة الاجتماعات في المعهد يوما دراسيا تحت عنوان : "تحديات وامكانيات دمج الموانين العرب في سوق العمل الاسرائيلي،وذلك بمشاركة عدد من الباحثين والمحاضرين والمختصين في مجال الاقتصاد وسوق العمل والاقلية العربية في اسرائيل .

المهن المفتوحة امام الاكاديميين
الجلسة الاولى والتي حملت عنوان :"تأثير الثقافة التمييز والجنسانية على دمج المواطنين العرب في سوق العمل الاسرائيلي" ترأسها الدكتور نبيل خطاب وهو باحث كبير في المعهد الاسرائيلي للديمقراطية قسم العلوم الاجتماعية والانسانية الجامعة العبرية القدس, وشملت على مجموعة من المحاضرات شارك فيها كل من دكتور سامي ميعاري في الكلية الاكاديمية وجامعة حيفا والمعهد الاسرائيلي للديمقراطية وعلا نبواني باحثة المعهد الاسرائيلي للديمقراطية وقدموا مداخلة حول عقوبات عرقية في سوق العمل .
كما كانت هنالك مداخلات مهنية شارك فيها كل من الدكتور عاص اطرش مدير معهد يافا للاحصائيات وهو محاضر المعهد الاكاديمي الناصرة وكانت مداخلته حول التدين كفرصة ام عقبة لخروج النساء المتزوجات لسوق العمل، كما كانت هنالك مداخلات مهنية لكل من البروفيسور فيرد كراوس في مداخلة حول العرق والاقصاء وحول المهن المفتوحة امام الاكاديميين الفلسطينيين مواطني دولة اسرائيل، أما الدكتور يوفال يونائي من جامعة حيفا فكانت مداخلته تحت عنوان :"ليست الثقافة فقط، الحواجز البنيوية لدخول النساء الفلسطينيات لسوق العمل الاسرائيلي .

أوضاع العمل
الجلسة الثانية حملت عنوان "دولة الرفاه – تطور اقتصادي واشتراك مهني " وقد ترأس الجلسة الدكتور خالد ابو عصبة مدير معهد مسار للبحث الاجتماعي وهو محاضر كبير في كلية بيت بيرل وكلية القاسمي , وقد شارك في الجلسة بروفيسور عزيز حيدر وهو باحث كبير معهد فان لير في القدس ومعهد ترومان الجامعة العبرية القدس وحملت مداخلته عنوان "هل يمكن اندماج في سوق العمل بدون تطور اقتصادي".
البروفيسور راسم خمايسي وهو مخطط وجغرافي معهد الجغرافيا وعلم البيئة في جامعة حيفا حملت مداخلته عنوان "الحواجز التي تعترض تطوير الحقول في مجال البلدات العربية وابعادها .
الدكتور نبيل خطاب وهو باحث كبير قال في حديث لموقع العرب :" ان البحث يفحص سوق العمل الإسرائيلي على أساس نموذج سوق عمل المنقسم إلى سوقين للعمل – سوق العمل الرئيسي (والذي يسمى أيضا الاقتصاد الأولي أو القطاع المركزي) وسوق العمل الثانوي (الذي يسمى الضواحي الاقتصادية، أو قطاع الضواحي).
وتابع:"يتواجد سوق العمل الرئيسي في إسرائيل في مركز الدولة، وغالبية العاملين فيه هم من اليهود، وعليه فإن السكان العرب الذين تعيش غالبيتهم الساحقة في الضواحي، يضطرون للعمل في سوق العمل الثانوي فقط، ممّا يؤدّي إلى حدوث نتائج غير مرغوبة في نظرهم: فالعرب متواجدين على هامش سوق العمل، ويتم التعامل معهم على اعتبار أنهم قوة عمل احتياطية، وهكذا فإن هذه الشريحة عرضة لذبذبات أكبر في أوضاع العمل".

قوة العمل بين السكان العرب
وحول سؤال لموقع العرب وصحيفة كل العرب بأن المواطنين العرب يدفعون الغرامة مرارا وتكرارا، قال الدكتور نبيل خطاب :"يدفع العمال العرب مرارا وتكرارا غرامة إثنية، تضعهم في مواجهة تحديات صعبة، تتمثل في ظروف عمل متردية، في بطالة الكفاءات (يكون العاملين ذوي درجة تعليمية أعلى من الأعمال التي يزاولونها)، في العمل قسرًا بوظائف جزئية، في تقاضي رواتب أقلّ وفي ظروف من انعدام الأمن في العمل، وذلك لأن العرب هو أول من يفصلون من العمل في فترات الشدّة وهم آخر من يقبلون للانخراط في العمل خلال أوقات الازدهار".
وأضاف د.نبيل خطاب:"يؤثر تقسيم سوق العمل الإسرائيليّ، بصورة مباشرة، على طبيعة قوة العمل بين السكان العرب، فقد أقضى إلى نشوء قوة عمل رخيصة تخدم السوق المركزي، وبلورت توزيع العاملين حسب فروع اقتصادية ومهن ومبنى الثروة البشرية لأبناء الأقلية العربية، ووضعت حدود قيود أهداف السكان العرب في سوق العمل. لم تتح لأبناء الوسط العربي فرصة اختيار العمل الذي يزاولونه والمكان الذي يعملون فيه أو ماذا يتعلمون، كما لم تكن الثروة البشرية لدى أعضائه المقياس الوحيد الذي يتقرر حسبه مدى تقدمهم في العمل. فقد حُصِرَتْ قوة العمل هذه مزاولة أعمال في سوق العمل المحلي، وعليه فقد عانى هذا السوق من اكتظاظ شديد، ولم يتم استدعاء العرب للعمل في السوق المركزي إلا كقوة عمل هامشية (تابعة للضواحي) في وقت الضرورة فقط. وهكذا ففي الأوقات التي انخفض الطلب فيها على قوة العمل الهامشية (التابعة للضواحي)، ازدادت البطالة، ذات الانعكاسات السلبية الكثيرة التي تتمثل في خسائر اقتصادية، أضرار اجتماعية، عدم استغلال موارد وضيق على المستوى العاطفي".

مشاركة النساء العربيات في العمل
من جانبها قالت علا نبواني لموقع العرب وصحيفة كل العرب: "النتائج التي حصلنا عليها من خلال بحثنا حول التغييرات الحاصلة في نسبة المشاركة في سوق العمل، ومزاولة العمل والبطالة تشير إلى وجود سوق عمل منقسم إلى قسمين، وإلى أن العمال الأوائل الذين يتمّ فصلهم من العمل في فترات الشدّة هم العمال العرب وهم آخر العمال الذين يعادون إلى أماكن العمل في فترات الازدهار. وهكذا، ففي سنوات الازدهار، طرأ انخفاض في نسبة البطالة بين السكان اليهود قبل أن نشهد تحسنا ملموسا بين السكان العرب، أما في السنوات العصيبة، فقد ارتفعت البطالة أولا بين السكان العرب. إذا فحصنا معطيات سوق العمل على محور الزمن نجد أنّ نسبة المشاركة والعمل بين السكان العرب هي متدنية، بالأساس بسبب تدني نسبة مشاركة النساء العربيات في العمل. كما أنّ التحسن الملحوظ الذي طرأ مع مرور الزمن في هذا السياق لم يؤدِّ إلى تقليص الفجوة في نسبة المشاركة بين النساء اليهوديات والعربيات. إذا فحصنا نسبة المشاركة في العمل ومزاولة العمل على محور الزمن نجد أنّ هناك نموًّا بين السكان اليهود في هذه المسألة، بينما لا نجد على محور الزمن نموًّا بين السكان العرب، كما يتضح أن الحصة الرئيسية للارتفاع في هذه النسبة بين عامي 1998 و 2020 قد حدثت بفضل القفزة الحادّة في نسبة المشاركة والعمل بين هؤلاء السكان في عام 2007".

سوق عمل منقسم إلى قسمين
واردفت علا نبواني لموقع العرب وصحيفة كل العرب:"أنّ نتائج احتمالات الانتقال من العمل إلى اللاعمل أو بالعكس خلال فترات الازدهار والشدّة تدل على وجود سوق عمل منقسم إلى قسمين. وعليه فإن احتمال انتقال السكان العرب من العمل إلى اللاعمل خلال فترات الشدّة هو أكبر بكثير من احتمالات انتقال السكان اليهود من العمل إلى اللاعمل. بخلاف ذلك فإن احتمالات انتقال السكان العرب من اللاعمل إلى العمل في فترات الازدهار هي أقل بكثير ممّا هو الحال بين السكان اليهود. إذا فحصنا المعطيات على أساس الجنس أو الثقافة فإنها لا تؤثر على هذه النتيجة تأثيرًا فعليًّا. مع ذلك، هناك فجوات بين المجموعات: فمجموعة السكان الأكثر معاناة من هذه الظاهرة هي مجموعة النساء الحاصلات على درجة تعليمية منخفضة، ثمّ إنّ احتمالات عودة العرب الحاصلين على درجة تعليمية عالية إلى مزاولة العمل هي أكبر من احتمالات عودة اليهود إلى مزاولة العمل".
وأكملت نبواني:"لقد فحصنا أيضًا المدة الزمنية المطلوبة لعثور شرائح المجتمع المختلفة على مكان عمل في فترة الازدهار والمدة الزمنية التي تمر إلى حين فصل العامل من عمله في فترات الشدّة، وقد حصلنا في هذا السياق على نتائج مفاجئة للغاية. وعليه فإن متوسط عدد الفصول لاستيعاب والانتقال من اللاعمل إلى العمل في فترات الازدهار اقل بين السكان العرب بالمقارنة مع نفس المعطى بين اليهود. وتدل هذه الحقيقة على أن السكان العرب يعودون إلى مزاولة عملهم أبكر من العمال اليهود. ومع ذلك، تدل المعطيات حول الفترة الأولى من الانتقال من الشدّة إلى الازدهار على حالة معاكسة تماما، حيث إن المدة الزمنية التي تمر إلى حين التحول من العمل إلى اللاعمل تتوافق مع فرضياتنا. وعليه فإن متوسط عدد الفصول للإقالة من العمل بين السكان العرب أقل بكثير، ومستوى توزيعه أكبر بكثير بين هؤلاء السكان".
 

الأزمات الاقتصادية
وعلى ما تدل هذه النتائج تحدث الينا الدكتور سامي ميعاري وهو باحث ومحاضر الكلية الاكاديمية اونو وجامعة حيفا والمعهد الاسرائيلي للديقراطية حيث قال سامي ميعاري :" تدل هذه النتائج على ظاهرة (LIFO - Last In First Out) في سوق العمل الإسرائيليّ، ممّا يعني أن العرب هم أول مجموعة سكانية تتضرر من الأزمات الاقتصادية في فترات الشدّة، وذلك لأنهم أول من يتعرض للفصل من مكان العمل وآخر من يقطف ثمار النمو الاقتصادي في فترات الازدهار، وذلك لأنهم يواجهون صعوبات في العثور على عمل".
وحول الاقتراحات لتشجيع انخراط العرب في مجالات العمل قال د.سامي ميعاري لموقع العرب :"إننا نقترح اتباع سياسة تشجّع انخراط العرب في مجالات العمل المتنوعة وذلك لإغلاق الفجوات بين المجموعتين السكانيتين وتحقيق المساواة بينهما، وبالتالي خلق مجتمع إسرائيلي حرّ، عادل ويتحلى بالمناعة. تبرز نتائج بحثنا مشكلة العمل بين العرب، بشكل عام، وبين النساء العربيات، بشكل خاص، وهي تبيّن أنه يجب الاهتمام بتوفير فرص عمل تتناسب مع الثروة البشرية للعمال العرب. لكن، بما أن توفير أماكن العمل ليس ضمانًا للأمن التشغيلي بحيث أن العمال قد يكونون عرضة للفصل من العمل من جديد، فإننا نوصي بوضع برامج وخطط من قبل الوزارات الحكومية ترافق المشتغلين والمشغلين يكون بمقدورها الالتفات إلى التغييرات البيئية التي من شأنها أن تقوّض الفرع الذي يزاولون عملهم فيه.التكهن بالمستقبل والنشاطات التي تحول دون حدوث البطالة واللاعمل تمنح العاملين ضمانا لأمن اقتصادي وتشغيلي (العمل في مكان واحد مدة زمنية طويلة).

تشجيع السكان لدراسة مواضيع تكنولوجية
وحول حلول اخرى تحدث الينا الدكتور نبيل خطاب يقول :"هناك حلول أخرى للمشكلة تتمثل في تشجيع السكان لدراسة مواضيع تكنولوجية، تحويل الأكاديميين لمزاولة مهن التكنولوجيا الرفيعة وتشغيل الأكاديميين العرب في هذا الفرع. كما أن هناك أهمية لتطوير المناطق الصناعية في البلدات العربية، لأسباب عديدة، منها لاجتذاب شركات التكنولوجيا الرفيعة التي من الممكن أن توفر فرص عمل ملائمة. لغرض توسيع الحراك التشغيلي، يجب تطوير الثروة البشرية العربية من خلال تنظيم دورات تأهيل مهنية تلائم تغيير مبنى المرافق الاقتصادية في إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، يجب تطوير الثروة الاجتماعية التي تعتبر أساس نقل معلومات حول مرشحين للعمل، ولا سيما في شركات التكنولوجيا الرفيعة. كما نوصي بإقامة مركز لتوجيه العاملين العرب بحيث يركز ويوزع معلومات بخصوص عرض فرص العمل وتشخيص فرص عمل جديدة إلى جانب فعاليات لـ "تسويق" مرشحين عرب لدى مشغلين محتملين".