عند الحديث عن العائلات المستورة التي يتم التطرق اليها في الجمعيات الخيرية فان البعض ينتفض محتجاً وهل هناك فعلاً عائلات مستورة تستصعب جني القوت اليومي فيما الوقت الذي نعيشه يوفر كل متطلبات الحياة وان هناك امكانية للتوجه للمكاتب الحكومية والوزارات المختصة وهي ستوفر كل ما يمكن ان يسد الحاجة.

وفي خضم التسارع في كل شيء في الحياة اليومية وكل من يدخل مدينة الاسوار من الجهة الشرقية يعتقد انه داخل الى مدينة هايتك بمعنى الكلمة فأول ما تشاهده عينه المراكز التجارية بيافطاتها الكبرى من شركات الهواتف والمراكز التجارية الكبرى وما هي الا دقائق حتى يدخل الى البلدة القديمة وضجة التجار وكل يصرخ وينادي على السلع التجارية التي يحاول تسويقها .

عايشة عباس حجازي "ام حامد " تمر يومياً في هذا المسار وتتوقف عند كل مشهد من مشاهد الثراء تفكر في وضعها وافراد عائلتها وكيف بامكانها ان توفر لابنيها الحياة الكريمة التي تحفظ لهه كرامتهم وهي سيدة في ال 53  من عمرها وقد رحل عنها زوجها مؤخراً وكانت له نعم الزوجة في مواجهة الحياة القاسية، والخادمة له في مرضه، ووقفت معه في المنزل وفي المستشفى ولم تفارق سريره.

وبعد ان رحل الزوج وقفت عايشة حجازي حائرة كيف بامكانها ان توفر قوت يومها بشرف وكرامة الا ان العائق الجسدي في يدها قد وضع حدا لامكانية ان تعمل بيدها لكسب قوتها وقوت عيالها فالى اين المفر والى اين الملتجأ؟

تقول السيدة عايشة حجازي كان من الصعب علي ان امد يدي لاحد اطلب منه المساعدة، فاهل الخير يلتقون بنا في المناسبات والاعياد وكانت منهم خطوة طيبة وانا لم اعرف من هم هؤلاء الا انني اقول ان الله هو الذي ارسلهم الينا .

ام حامد تعيش في غرفتين وحمام تابعتين للوقف الاسلامي وهما اشبه بالكهف بدون تهوئة وقد زرناها برفقة الشيخ سمير عاصي امام وخطيب مسجد الجزار في عكا وهاني اسدي رئيس لجنة التجار في البلدة القديمة في المدينة واكدت لنا السيدة عايشة حجازي انها لم تتلقى أي مساعدة بهدف اجراء الترميمات في منزلها غير ان ممثل هيئة الوقف الاسلامي في عكا الحاج ابراهيم قنديل "ابو صخر" قد استجاب لطلبها من اجل توفير مبلغ لاجراء الترميم الا ان تلك الفترة كان فيها زوجها يعاني من مرض الزمه سرير المستشفى وقد طلبت منه ان يعفيها وان يتم تحويله الى عائلات اخرى كونها مشغولة في تلك الآونة برعاية زوجها ولا تستطيع استغلال المبلغ المخصص واجراء الترميمات، ومن بعدها لم تتوجه لاحد في مساعدتها على ان تتمكن من تسيير حياتها كالمعتاد.

وتضيف السيدة عايشة حجازي اخوتي قاموا بمساعدتي في اجراء الترميمات الا انني لا اريد اثقال كاهلهم فلديهم ما يعانون منه هم ايضاً الامر الذي جعلني اتوجه لطلب قرض في سبيل اغلاق النوافذ بشبابيك تريس وفقط للحماية من الامطار الغزيرة التي تهطل على البيت وليس فيه ما يأوينا ويمنع البرد القارس علينا .

وتقسم السيدة عايشة حجازي انها كانت ليلاً تلتحف البطانية هي وابنها وتضع ايضاً الواح من الكرتون للاحتماء من البرد القارس الذي ينخر في العظام ولديها كهرباء في البيت الا ان الوضع المادي يجبرها على عدم استخدام الكهرباء لانه حينها سوف تقضي  فاتورة الكهرباء على قوت يومها واحتياجاتها .

وفتحنا ابواب الثلاجة المتواجده خارج الغرفتين لنجد انها تفتقر لابسط الاحتياجات من التغذية اذ تخللت فقط من الاسفل حبتين من البندورة وبيضة وفي القسم العلوي من الثلاجة وجدنا ربطتين من الخبز. وتقول انها تذهب احياناً الى المخبز القريب من البيت لشراء عدد من الارغفة فعندما اصل الى مقربة منه اخجل من صاحب المخبز فكيف لي ان اشتري خبزاً وليس معي ولو عشرة شواقل لدفعها له وكنت اطلب منه ان يسجلها على دفتر الدين لعل الله يحدث فرج عما قريب.

الشيخ سمير عاصي امام وخطيب مسجد مسجد الجزار في عكا اكد في حديث معه انه يتوجه باسم الرحمة والانسانية للهيئات والحركات والمراكز الانسانية والاسلامية والشعبية بمساعدة مثل هذه العائلات العكية التي تفتقر وبشكل صادق لاي مقومات الحياة التي نعيشها في بلادنا وهو ام جداً صعب بان يعيش الواحد منا في ظروف من الثراء وبنفس الوقت هناك عائلات احادية الوالدين تعيش مثل هذا الوضع المزري وكان الاحرى بمؤسسات الدولة ان تقوم بسد احتياجات هذه العائلات الا ان المعيار والميزان ليس واحداً .

وناشد عاصي اصحاب الهمم العالية والنفوس المؤمنه ان تساهم في اخراج هذه العائلة وعائلات اخرى من دائرة الفقر المطقع الذي يعيشونه لانهم مسؤولون من افراد هذا المجتمع ككل وسيسأل الله كل واحد علم بهذا الحال ولم يسعى للمساعدة .