الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 09:02

سحر خطيب من يافة الناصرة: التهريج الطبي رسالة ترسم البسمة على الوجنات

تقرير: ملاك شريف
نُشر: 29/12/11 15:31,  حُتلن: 08:09

"إذا لم يستطع الطفل المريض الذهاب إلى السيرك ..فإن السيرك سيأتي إليه"

سحر خطيب:

تخوفت شخصياً من مدى تقبل الفكرة كون كلمة تهريج مرتبطة بمفاهيم مختلفة والاعتقاد السائد بأنها مهنة لا تحتاج الى دراسة أو تخصص

أتوجه من خلال منبر موقع العرب إلى كل من يملك المؤهلات الشخصية المناسبة التوجه لدراسة هذا المسار التعليمي الشيق وإكتساب هذه المهنة الانسانية الراقية

أكثر الدوافع التي جعلتني أقدم على هذه الخطوة هو إيماني المطلق بنجاعة التهريج الطبي كنوع من العلاج المكمّل وإدراكي لمدى أهمية مثل هذه المهنة للمرضى في وسطنا العربي

ظهور المهرج الطبي في المرحلة الحرجة من حياة الطفل المريض يعطي الاحساس بالآمان والراحة الجسدية والنفسية من خلال خلق تجربة جديدة وفريدة من نوعها للتعاطي من حدة المرض وتبعياته

ألقيت على نفسي المسؤولية بأن نهيء مهرجا ينطق باللغة العربية ليقدم ويوصل رسالته بالعربية فعنصر اللغة مهما في حالة كون المريض عربي فمن الطبيعي سيتفاعل أكثر مع المهرج الذي يتحدث نفس اللغة

"خطوة صغيرة للانسان خطوة كبيرة للانسانية"

جوني خبيص:

التهريج كان بمثابة الخروج عن المعتاد وأجمل هدية بأن ترى ذلك المريض مبتسما كغير عادته

بمجرد ذكر كلمة "مستشفى" أمام الطفل  على الفور في مخيلته أجواء مشحونة بالقلق والانفعال، فمن أحد مهامي أن أخلق جو مريح وفكاهي في آن واحد

على المهرج الحقيقي أن يتحلى بالصبر، الشخصية اللينة وتقبل الظروف المحيطة به لأنه يتعامل مع أجيال مختلفة فمن الممكن أن تكون ردة فعل المرضى غير متوقعة كون بعضهم يعاني إما من اضطرابات نفسية أو اعاقة ما

نسبة الأطفال العرب الذين يرقدون على أسِرة الشفاء في تزايدٍ مستمر، ونسبة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من العرب هي الأعلى في البلاد. وقد يكون هذا "الأنف الأحمر" الصغير سبباً في بدء حكاية جديدة مع هؤلاء الأطفال الذين يحتاجون لمن يخفف عنهم حدة المرض، الخوف والألم.


سحر خطيب

موقع العرب ومن باب حرصه الشديد على متابعة ومرافقة كل ما هو جديد في وسطنا العربي ورغبة منه في توجيه الشباب العرب إلى أطر عمل حديثة ومبتكرة قام بتسليط الضوء على موضوع "التهريج الطبي" الذي يعتبر من المواضيع التي يفتقرها وسطنا.
 ولإدراكنا للتطور الذي يلقاه هذا الموضوع في دول العالم وفي الأوساط الأخرى في البلاد بعد أن اُثبتت الأبحاث نجاعة وفعالية هذا النوع من العلاج، التقينا بسحر خطيب، ابنة " يافة الناصرة " وهي خريجة كلية "عيمق يزراعيل" في العلوم الاجتماعية وتدرس حالياً البرمجة اللغوية العصبية.

الثقة والارادة
ومن يتابع خطواتها يرى كم هي انسانة صاحبة طاقات وكفاءات عالية، تعمل بكل عزيمة وثقة، صاحبة ارادة متينة لا تعرف المستحيل، تواجه الواقع بقوة دون أي تردد، لا سيما أنها حققت الكثير من طموحاتها التي كانت تصبو اليها.
سحر تعمل مركزة دورات في كلية "اون لاين" في الناصرة وهي تشرف حالياً على دورة تأهيل المهرجين الطبيين الأولى في الوسط العربي. كلية اون لاين وبعد حصولها على المصادقة الأكاديمية من كلية "سمينار هكيبوتسيم" في تل أبيب ارتأت بأن تكون السباقة بافتتاح مسار تعليمي خاص لتأهيل المهرجين الطبيين من أجل المساندة في بلورة وإدخال هذا المجال الجديد في أطر ومؤسسات مختلفة.

موقع العرب التقى سحر خطيب وأجرى معها الحوار التالي:

موقع العرب: موضوع جديد يطل علينا ربما جريء..وسؤالنا من أين بدأت الفكرة ؟

" كنت بزيارة مريض قريب لي في مستشفى "رمبام"- حيفا وأثناء تواجدي لديه، دخل شخص بلباس غريب مضحك، يضع أنف أحمر وتوجه نحو قريبي وقام بأداء بعض المواقف المضحكة، وحينها ارتسمت الفرحة على وجه المريض الذي كنت برفقته وتعالت ضحكة باقي المرضى الذين مكثوا في نفس الغرفة وأحيت الأبتسامات وتلونت الضحكات. ومن هنا كانت بداية الفكرة والانطلاقة لأنني رأيت بهذه المهنة الانسانية والراقية رسالة سامية في دعم المرضى والمساهمة في زرع الأمل في نفوسهم. وبدأت آنذاك بالبحث عن المؤسسات التي تعلّم هذا الموضوع وبجمع معلومات أكثر حول التهريج الطبي، فهنالك جمعيات ومؤسسات خاصة تدّرس هذا الموضوع منها أكاديمية "سيمنار هكيبوتسيم" في تل أبيب التي تم التنسيق وتوقيع اتفاقية مشتركة معها لافتتاح دورة خاصة في الوسط العربي والأولى من نوعها لتأهيل مهرجين طبيين".

موقع العرب: كثرٌ هم من لا يعرف ما هو التهريج الطبي، عرفينا به وأين ظهر لأول مرة؟
تقول خطيب " يعتبر التهريج الطبي من المهن القديمة نسبياً الا أنها لم تحمل ذات الاسم في بدايتها فقد انتشر لدى العرب في القدم شخص يسمى " القاص " الذي كان يتجول بين المرضى ويسرد عليهم القصص الفكاهيه بهدف التخفيف من الوحدة، والالم الذي يعيشونه. الا أن الانتشار الحديث لهذه المهنة بدأ في سنوات السبعينات حين قام الطبيب "باتش آدمز" بالتجوال بين المرضى والأيتام بأنفه الأحمر راسماً البسمة على وجوههم وبعدها بادر آدمز والذي يعتبر من المؤسسين الأوائل والداعم الرئيسي لمهنة التهريج الطبي، بإقامة مؤسسة للعلاج بطريقة التهريج في جورجيا الغربية بالولايات المتحدة، وكان الظهور الفعلي الأول لمهرجين طبيين مهنيين في مستشفيات نيويورك سنة 1986 في اطار برنامج أطلق عليه " وحدة المهرجون الطبية" الذي أقيم على يد "مايكل كريستنسن" صاحب القول الشهير في هذا المجال " إذا لم يستطع الطفل المريض الذهاب إلى السيرك ..فإن السيرك سيأتي إليه".
وتضيف " المهرجون الطبيون يجتمعون تحت شعارِ وهدف واحد الا وهو الإهتمام بالإحتياجات النفسية والاجتماعية للمرضى ويساعدونهم على التأقلم مع حالة جديدة يمرون بها وخاصة اولئك المرضى المزمنون والذين يرقدون فترات طويلة في المستشفى. فأجواء الضحك والفكاهة تساعد المريض بأن تبعده ولو للحظات عن جو الملل والشعور المشحون بالتوتر فلذلك يستعمل المهرجون الطبيبيون مواهبهم وطرقهم الخاصة التي اكتسبوها لتغلب على كلمة "مرض" بالشكل الفعلي. وقد بدأ الموضوع في الانتشار عالمياً ومحلياً بهدف التخفيف من معاناة الأطفال".


الطبيب باتش آدمز

موقع العرب: من هي الشريحة المستهدفة في التهريج الطبي؟
تؤكد سحر " جاء التهريج الطبي كثمرة لأبحاث عديدة أثبتت نجاعة وفعالية الضحك كوسيلة تخفيف الألم والوحدة وكل تبعيات المرض ومن هنا فإن الشريحة التي يتعامل معها المهرج الطبي هي فئة المرضى باختلاف الأعمار وأنواع الأمراض، هذا ناهيك عن أهمية التهريج الطبي لشريحة لايمكن تجاهلها وهي شريحة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصه اذ يعتبر التهريج الطبي من وسائل الاتصال الحديثة الهامة التي تعتبر بديل جيد للتواصل الكلامي أو الحركي الذي قد يفتقده المعاق أيا كانت اعاقته فالمهرج الطبي يخلق نوع من التحاور اللاكلامي مع المعاق من خلال الرؤية فيقوم باستخدام العديد من الوسائل الفنية كمسرح الدمى، الاتصال بواسطة الموسيقى، ألعاب الخفه واستخدام المواد المختلفة كالبالونات مثلاُ كوسيلة تشويقية وترفييهية وتعليمية.
وتضيف " ومن الشرائح التي يقوم المهرج الطبي بخدمتها أيضاً هي فئة المسنين وخاصة في بيوت المسنين حيث تعاني هذه الفئة من مشاعر الوحدة والخوف بالاضافة الى أن المسن قد يعاني أحيانا من الاكتئاب والمشاعر السلبية في حين أن ظهور شخصية مرحة كالمهرج الطبي في هذه الظروف يخلق جواً من الترفيه الذي يعيد الأمل والرغبة في الحياة الى تلك الفئة التي تتوق للاهتمام والرعاية. هذا ناهيك عن أن الأبحاث الأخيرة التي تمت مثلاً في المركز الطبي "آساف هروفي " تشير الى أن التهريج الطبي أثبت نجاعته في التخفيف من حدة التوتر لدى النساء المتوجهات للقيام بعمليات الإخصاب، حيث تبين أن وجود مهرج طبي مع هؤلاء النساء قبل التوجه لتلقي العلاج قلل من حدة التوتر لديهن الأمر الذي جعل أجسامهن أكثر تقبلاً للقادم الجديد.
هذا ولم يقتصر التهريج الطبي على فئة الأطفال المرضى فقط، بل يتواجد المهرج الطبي أيضاً مع المرضى البالغين في العديد من الأقسام الطبية كأقسام الأورام السرطانية والأمراض القلبية والدياليزا وغيرها".

موقع العرب: هل هنالك اقبال على هذا الموضوع وبالأخص في وسطنا العربي؟
تطلعنا سحر " في الحقيقة عندما بدأنا في الكلية بالتسويق لهذا الموضوع كان لدينا العديد من المخاوف حول مدى تقبل مجتمعنا لهذا الموضوع الحديث نسبياً وتخوفت شخصياً من مدى تقبل الفكرة كون كلمة تهريج مرتبطة بمفاهيم مختلفة والاعتقاد السائد بأنها مهنة لا تحتاج الى دراسة أو تخصص ومن هنا حرصت إدارة الكلية على القيام بالعديد من حملات توعية لمثل هذا الموضوع بالإضافة الى الزيارات التي قمنا بها الى مدراء مستشفيات مدينة الناصرة وعدة جهات آخرى تعنى بمثل هذا المجال من أجل زيادة الوعي حول أهمية هذا المجال لوسطنا العربي وتوضيح المفاهيم الخاطئه المتعلقه به".
وتضيف: " الحمد لله بعد ما يقارب من عام ونصف من العمل الدؤوب لإنجاح هذا الموضوع افتتحت الكلية الدورة الأولى لتأهيل المهرجين الطبيين العرب مع باقة مميزة من الطلاب من تخصصات عديدة كالتمريض، التربية الخاصة، التهريج العام، مجال الطفوله المبكرة والعمل مع المسنين وغيرها".

موقع العرب: شريحة الشباب في وسطنا العربي هل تبدي اهتماماً حول التهريج الطبي ؟
تردف خطيب : " الإهتمام بالموضوع قائم وشريحة الشباب تبدي الإهتمام بالموضوع الا أننا نلتمس التخوف والتردد الذي يعاني منه بعض المتوجهين والذي ينبع بإعتقادي وكما أشرت سابقاً الى عدم الإدراك الصحيح لمثل هذه المهنة وامكانيات العمل بها وما الى ذلك، ناهيك الى أن هذه المهنة تناسب الأشخاص الناضجين ذوي الشخصية الناضجة والمصقولة التي تدرك الرسالة الانسانية المرافقة لمثل هذا العمل والشخصية التي باستطاعتها العمل مع أشخاص في ظروف صحية صعبة وقد تكون مأساوية في بعض الأحوال".

موقع العرب: ماذا أضاف التهريج الطبي لعلاج المريض ؟ وهل هنالك أبحاث تؤكد نجاعته ؟
تؤكد سحر " ظهور المهرج الطبي في المرحلة الحرجة من حياة الطفل المريض يعطي الاحساس بالآمان والراحة الجسدية والنفسية من خلال خلق تجربة جديدة وفريدة من نوعها للتعاطي من حدة المرض وتبعياته وذلك بواسطة خلق عالم خيالي جديد يشكل مهرباً من الألم والخوف والحزن ويبدله بعالم من السعادة والسرور والتقبل. فإن فاعلية أداء المهرج الطبي وقدرته على التخفيف من عبء التعامل مع الطفل المريض من قبل الطاقم الطبي الذي عادة ما يقابل بالبكاء والصراخ عند تقديم أنواع معينة من العلاج كالأدوية أو الحقن أو الفحوصات. على سبيل المثال في مستشفى العفوله "هعيمك" وخاصة في قسم الأطفال يقوم المهرج الطبي بدور الطبيب بشرح للطفل بطريقة مبسطة عن نوعية العلاج، وأيضا لدى البالغين الذين سيخوضون عمليات جراحية صعبة نوعاً ما، فجاء دور المهرج الطبي ليزيل عامل الخوف والتوتر".
وتضيف خطيب: "يرى بعض الخبراء أن لإضحاك المرضى وإدخال البهجة في نفوسهم أثراً مباشراَ على أجهزة المناعة الطبيعية في أجسادهم، إذا يؤكدون أن فائدة الضحك لا تقتصر على تحسين الحالة النفسية للمرضى، بل تتجاوزها بشحذها البدنية. وقد أثبت علمياً أن الضحك يؤدي لخفض معدلات إفراز المواد الكيماوية المرتبطة بحالات التوتر العصبي، وسلاح لمواجهة وتجاوز ما يتعرض له الإنسان من مواقف صعبة ومحرجة، ويساعد على تجاوز كل أنواع الألم والمعاناة. ويرى الأطباء أيضاً أن المرح داخل المستشفيات والمراكز العلاجية مفيد للأطباء والممرضين أيضاً، لأنه يساعدهم على التخلص من الضغط العصبي الناتج عن طبيعة عملهم الشاقة. فعندما نضحك نطلق مواد تسمى هرمون "الاندروفين " التي يفرزها الدماغ وله تأثير شبيه لتأثيرات "المورفين " وهو أقوى مسكن للألم. وذلك يحدث بعد عدة نوبات من الضحك، بحيث تزداد نسبة خلايا الدم البيضاء في الدم، الأمر الذي يساعد على تقوية عضلات الوجه والبطن والدورة الدموية في القلب، مما يؤدي إلى رفع ضغط الدم وزيادة نسبة الأكسجين في الدم. فعندما يضحك الإنسان تتحرك 17 عضلة في الوجه و 80 عضلة في الجسم بأكمله وتزداد سرعة التنفس، وهذا يعني أن الضحك مفيد ليس فقط لحماية أعضاء الجسم بل لعلاج الحالات النفسية".



موقع العرب: مستشفيات الوسط العربي المتواجده خاصة في مدينة الناصرة والتي تقدم الخدمات الطبية لشريحة كبيرة من العرب تكاد تخلو، من المهرجين الطبيبين .. ما هو تعليقك ؟
تطلعنا سحر " بحسب معلوماتي كانت هنالك عدة مبادرات فردية ومبادرات من جهات عديدة تهتم بمثل هذا المجال وهي طبعاً مبادرات إيجابية ولكن بإعتقادي أن السبب وراء عدم وجود مهرجين طبيين ثابتين في هذه المستشفيات يعود الى أنه ليس هنالك ميزانيات خاصة لتمويل مثل هذه المهنة كجزء من الطاقم الطبي ومعظم من عمل في هذا المجال سابقاً كان يقوم بذلك تطوعاً أما اليوم فإن هنالك صناديق لدعم المتجهين الى هذا المجال إذ تحصل هذه الصناديق على التمويل من عدة جهات عالمية ومحلية بهدف تشغيل هؤلاء المهرجين".
مقارنة مع تطور وازدياد ملحوظ على تواجد عدد المهرجين في الوسط اليهودي والذي يشكل دوراً وجزءً لا يتجزأ من العمل على الجانب النفسي للمريض في أكبر المستشفيات البلاد، ولا ننسى أن الموضوع بحد ذاته جديد وربما يحتاج الى وقت أكثر لتقبله ونلاحظ ذلك من خلال طرحنا الفكرة على المستشفيات كموضوع وكمزاولة المهنة وعلى العكس فادارة المستشفيات في الناصرة لم تقابل الموضوع بالرفض ولكن هنالك اجراءات ودراسة الموضوع بشكل أعمق حول كيفية تجنيد ميزانيات لدعم التهريج الطبي، ولذلك ألقيت على نفسي المسؤولية بأن نهيء مهرجا ينطق باللغة العربية ليقدم ويوصل رسالته بالعربية فعنصر اللغة مهم في حالة كون المريض عربي فمن الطبيعي سيتفاعل أكثر مع المهرج الذي يتحدث نفس اللغة".

موقع العرب: ما هي الدوافع التي جعلت سحر تحتضن مثل هذا المشروع ؟ وما هي رسالتك الأخيرة؟
تقول سحر " أكثر الدوافع التي جعلتني أقدم على هذه الخطوة هو إيماني المطلق بنجاعة التهريج الطبي كنوع من العلاج المكمّل وإدراكي لمدى أهمية مثل هذه المهنة للمرضى في وسطنا العربي إضافة الى رغبتي في تبني مواضيع تعليمية جديدة تهدف الى خلق أطر عمل جديدة للشباب العرب. ورسالتي تتحقق مع كل محاضرة أرى فيها الطلاب في قمة الاستمتاع وأتوق طبعاً لرؤية اولئك الطلاب كخريجين يخوضون غمار هذا العالم الشيق ويرسمون البسمة على وجوه كل من يعاني من الألم أو الوحده".
وتختتم سحر خطيب اللقاء الشيق قائلةً " أتوجه من خلال منبر موقع العرب إلى كل من يملك المؤهلات الشخصية المناسبة التوجه لدراسة هذا المسار التعليمي الشيق وإكتساب هذه المهنة الانسانية الراقية". فلعل كلام سحر يلخص ما قاله "جيل ارمسترونج " خطوة صغيرة للانسان خطوة كبيرة للانسانية".

 زيارة فريدة من نوعها
وفي سياقٍ متصل، حلينا ضيوفاً على اللقاء الأول من دورة لتأهيل المهرجين الطبيين في كلية أون لاين وأجرينا لقاء خاصا مع إحد المشاركين في الدورة وهو جوني خبيص، ابن مدينة الناصرة والذي يبلغ 38 عاماً، وهو متزوج وأب لابنتين وأكثر ما يسعده هو ضحكات بنتيه ونجاحهما. يعّلم الموسيقى في مدرسة دون-بوسكو في الناصرة وإذا وَجد في نَفسه ما يُعكر صَفو مِزاجه من إنقباض يدعي تلاميذه للاستماع وتعلم الموسيقى فَيزول عنه ما كان به. لديه قدرة الروح على انتزاع الفوز في مواجهة أعتى الأخطار، فهو يهوى اصطياد الافاعي والثعابين.


جوني خبيص

يحترف مهنة التهريج منذ عشرين عاماً، وهنا يسرد لنا جوني الصدفة التي فتحت له باب التهريج قائلاً " التهريج كان لي حلماً منذ صغري فدخل المهرجون قلبي عندما كنت أبلغ 4 سنوات ومن حينها بدأت أحلم بأن أصبح مهرجاً ناجحاً أرسم البسمة على شفاه من حولي والحمدالله تحقق حلمي، فعندما كان عمري 16 عاماً كنت حاضراً بإحدى الحفلات التي كان من المفروض أن يقدم خلالها عرض بهلواني من مهرج، ولكن ولأسباب غير معروفة لم يحضر، حينها قمت بمحادثة المسؤولين عن البرنامج وقلت لهم سوف أقدم البرنامج بدلاً منه، وبالفعل قدمت العرض وكان في غاية التميز والتألق ونجحت بإضحاك الأطفال وفي النهاية قدموا لي ملابس المهرج كهدية ومن هنا بدأ مشوار في عالم التهريج. فبدأت باحياء حفلات للأطفال وأعياد الميلاد والتطوع في المستشفيات وخاصة في قسم الأطفال وخلال تطوعي هناك أدركت شح المهرجبن الطبيبيبن العرب وعدم وجود أية دورات أو تعليم أكاديمي يستقطب موضوع " التهريج الطبي" ومن هنا استنتجت بأن التطوع في المستشفيات وحده غير كافٍ بل بحاجة الى شهادة معترف بها لكي أكون " مهرجا طبيا" مهني وكانت هذه إحدى العثرات التي واجهتها ولكنني تشبثت بفكرة التهريج الطبي بكل قوة وعزيمة وحبي للعطاء وايماني بأن التميز هدفي استطعت عبور هذه العثرة واجتياز حاجز الاستسلام، فها أنا اليوم أتواجد في أول لقاء بدورة خاصة لتأهيل مهرجين طبيبين في الوسط العربي".

مواصفات المهرج الطبي
يطلعنا خبيص عن المواصفات التي يجب أن تتوفر في المهرج الطبي أو من يفكر في دراسة الموضوع قائلاً " الخجل مرفوض تماماً فعلى المهرج الحقيقي أن يتحلى بالصبر، الشخصية اللينة وتقبل الظروف المحيطة به لأنه يتعامل مع أجيال مختلفة فمن الممكن أن تكون ردة فعل المرضى غير متوقعة كون بعضهم يعاني إما من اضطرابات نفسية أو اعاقة ما. ومهم جداّ أن لا يختلق المهرج الفكاهة ويصبح التهريج مفتعّل بل أن يكون على الفطرة والسليقة وطبيعي ليدخل قلوب المرضى من دون استئذان. بالإضافة الى الايمان الشخصي, الإرادة القوية والجرأة وحُسن معاملة الآخرين ".


جوني أثناء اللقاء الأول من دورة التهريج الطبي

مواجهة الصعاب
أما عن الصعوبات التي يواجهها خبيص في مهنته يحدثنا وفي عينيه تستتر الحسرة والغصّة " المجتمع العربي لا يتقبل كلمة "مهرج" في حين أن في الدول المتقدمة والمتطورة يعتبر التهريج فن بحد ذاته فمجتمعنا وللأسف، يستهتر ويستخف بمثل هذه المهنة ويستعملون مصطلح " كاركوز" ويوجهون أصبع الاتهام لمهنة التهريج بأنها مهنة لتضيعة الوقت والتسلية فقط ولا يعلمون بأنها مهنة ذات رسالة انسانية وتربوية التي تساعد في مساندة الطفل المريض وتحسين مزاجه وحالته النفسية".
ويضيف خبيص" أود أن يعلم الجميع بأن المهرج هو فنان كباقي أي فنان آخر مثله مثل عازف العود أو المطرب وإلخ، ولا يقل أهمية عن أرباب المهن الأخرى". ويشدد خبيص هنا على ردة فعل المحيطين به جراء اتخاذه مهنة التهريج قائلاً: " زوجتي كانت أول مشجعة لهذه المهنة لأنها تعلم أنني أمتلك موهبة التهريج منذ صغري وهي تؤمن بالتهريج الطبي من داخل الإرادة والإقتناع بالعمل الانساني الذي أقوم به وتشجعني دائماُ على خوض المهنه بشكل تعليمي وتثقيفي أكثر، فالبعض كانت ردة فعلهم سلبية فأغلبيتهم ادّعوا بأن هذه المهنة لا تكسب الرزق و"لقمة العيش" " فإن دّل هذا الشيء يدل على عدم التوعية الكافية في وسطنا العربي ويجب أن لا ينحصر تفكرينا على الجانب المادي فقط".

 بسمة البراءة
وحول الصعوبات التي تواجه جوني مع الأطفال المرضى بشكل خاص يقول: " الأطفال بالنسبة لي هم عنوان التفاؤل، الأمل في الحياة وبسمة الغد فأنا أرى بوجوه وبراءة الأطفال شقاوة ابنتي وأتمتع بادخال السعادة الى قلوبهم فكم بالأحرى الأطفال المرضى؟ الذين بأمس الحاجة للدعم المعنوي فبمجرد ذكر كلمة "مستشفى" أمام الطفل يخلق على الفور في مخيلته، أجواء مشحونة بالقلق والانفعال، فمن أحد مهامي أن أخلق جو مريح وفكاهي في آن واحد فلذلك أستعمل مواهبي وطرقي الخاصة التي اكتسبتها من تجاربي السابقة".



الحلم الوردي..
بالنسبة لجوني عدم الاكتفاء بكلمة سلامتك للمريض وتقديم الأزهار والهدايا فباعتباره التهريج كان بمثابة الخروج عن المعتاد فمن منا لا يرق قلبه عند رؤية شخص قريب فأجمل هدية بأن ترى ذلك المريض مبتسم كغير عادته ولا سيما اذا كان شخصا قريبا ويخصك ومن طبعنا أن نسعى دائماّ الى تقديم المساعدة الى جانب المريض في محنته.
ويشاركنا جوني حلمه الذي يتمنى أن يتحقق، ويقول: " أحلم ببناء مسرح للمهرجين في مدينة الناصرة ولكن فكرة المسرح بحاجة الى دعم معنوي ومادي من أجل انجاح هذا المشروع وربما سيكون بعض سنوات فلا يوجد مستحيل في قاموسي المستقبلي ولكن أنتظر الظروف المناسبة من عدة مجالات لبناء وتأسيس مثل هذا المسرح فكما نعلم أن امكانية البحث ووجود أمكنه ومسارح ليس بالامر السهل، وأيضاّ ما زلنا متقوقعين فيجب علينا النهوض مع اشراقة وأمل جديد لتحقيق مثل هذا الحلم فأنا أتطلع دائما بنظرة ايجابية . وإن شاء الله ربما ستأتون لاجراء حديث ولقاء معي من على المسرح الجديد".

مسك الختام
ويختتم جوني خبيص حديثه قائلاً " أولاً، أتمنى الشفاء العاجل لجميع المرضى وأود أن أشكر موقع العرب وليس من باب المجاملة لأنه وبالفعل المتجدد دائماً والذي يواكب ألوان متعددة من قضايانا ومواضيع تخصّ مجتمعنا والأسلوب الذي يتبّعه في ايصال معلومات وحقائق واضحة للمتلقي وأحببت طريقة وكيفية طرحه للموضوع".
 


جوني خبيص

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.83
USD
4.10
EUR
4.84
GBP
244085.09
BTC
0.53
CNY