الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 05:02

نصائح للتغلب على ظاهرة الوقاحة عند المراهق بوضع أهداف عائلية مشتركة

تحقيق خاص بمجلة
نُشر: 03/01/12 16:49,  حُتلن: 00:02

اللغة والحوار والكلمات التي يتفوّه بها المراهق تعكس إلى حدّ ما مشاعره الدفينة

يجب تشجيع وضع أهداف عائلية مشتركة واتخاذ القرارات بصورة جماعية مقنعة

لا تقولوا لابنكم المراهق :"هذا خطأ، أنت غير محق" والوقاحة قد تشكل بالنسبة إلى المراهق "متراسًا" ضدّ المشاعر المعقّدة

يقال إن الطبع يغلب التطبّع.. وعندما نصادف إنسانًا وقحًا في حياتنا، نرى بعد فترة من التعرّف إليه أنه يتميّز بهذه الصفة منذ طفولته.."جرأة الوقاحة". الوقاحة ظاهرة منتشرة بين العديد من المراهقين، ولكنها متفاوتة، ربما ينقلونها معهم إلى عمر متقدّم، فمن المعلوم أن المراهق يميل إلى التمرّد على الأهل، تشغل باله هويته الشخصية الناشئة التي تتحوّل إلى محور اهتمامه، بل حتى تصبح هاجسًا بالنسبة إليه، يصل إلى حدّ الجرأة في إطلاق تفاعلاته على الملأ وحتى أمام الأهل.


"أريد أن أتكلم بالطريقة التي أريدها، وأريد أن أفعل ما يحلو لي..."
وفي خضمّ هذه النزعة إلى الإستقلالية، يعتبر المراهق أن مساعدة الأهل تدخل، والنصيحة تسلّط، فتكون وقاحة المراهق تعبيرًا عن توقه إلى التحرر وإثبات وجوده ولكن بشكل سلبي، وبالتالي تشير هذه الوقاحة إلى شعوره بالألم والحزن واليأس والصراعات الداخلية التي يعيشها. وما سلوك التمرّد والمكابرة والعناد والعدوانية سوى ردّ فعل على سلطة الأهل، الذين يرى المراهق أنهم يستخفّون بقدراته التي يعتبرها مساوية لقدرات الراشد.
الوقاحة قد تشكل بالنسبة إلى المراهق "متراسًا" ضدّ المشاعر المعقّدة التي تجتاحه وهي أيضًا طريقة لتطوير الإحساس بهويته الخاصة: " أريد أن أتكلم بالطريقة التي أريدها، وأريد أن أفعل ما يحلو لي...» عبارات جريئة تصل إلى حد الوقاحة أحيانًا، فهو ينعت أهله بالظالمين والمملين، عندما لا يوافقون على طلبه.

الوقاحة ظاهرة طبيعية وعابرة في سن المراهقة
تعكس اللغة والحوار والكلمات التي يتفوّه بها المراهق، إلى حدّ ما، مشاعره الدفينة، لكن في غالب الأحيان، يقول عبارات لا تعبّر عما يريده، فيجد صعوبة في معرفة ماذا يريد وفي فهم ما يشعر به، فلا يجد الكلمات والحجج ليدافع عن وجهة نظره في مواجهة والديه، فتصبح الوقاحة والكلمات المستفزة الطريق الأسهل بالنسبة إليه لتجنيب نفسه الانقياد لمشاعره وعدوانيته المستترة، فيصدر العبارات الهدّامة في وجه الأهل، ما ينهي المحادثة بطريقة قاسية، لذا فعند أقل ملاحظة من الأهل أو حدوث توتر يمكن أن يثار تصرف وقح. ويرى بعض الاختصاصيين أن إطلاق العبارات أو المفردات الوقحة طريقة بديلة للسلوك أو التصرّف العنيف.

للأهل دور في ازدياد درجة الوقاحة؟
بالطبع لا، وإلا لكان كل المراهقين وقحين، بل لبعض الأهل دور في ازدياد درجة الوقاحة عند ابنهم المراهق، وأحيانًا كثيرة يكونون سببًا رئيسًا لوقاحته. ويمكن تحديد سلوك الأهل المعزز لوقاحة المراهق بالآتي:
• طريقة تعامل الأهل مع ابنهم المراهق مشوّشة، أي يعاملونه تبعًا لمزاجهم، فأحيانًا يعاملونه كالطفل الصغير العاجز عن تحمل مسؤوليته، وأخرى يتعاملون معه كما لو كان شخصًا راشدًا.
• انعدام ثقة الأهل بحكم ابنهم المراهق على الأشياء وتقديره للأمور.
• إصرار الأهل على أن يكون ابنهم صورة طبق الأصل عنهم.
• غياب الحوار بين الأهل والمراهق.
• طريقة تعامل الوالدين مع بعضهما التي قد تتسم بالنقد اللاذع والوقح أحيانًا.
• كثرة القيود الاجتماعية التي تحد من حركة المراهق وتطلعاته. إضافة إلى سلطة الأهل المتشددة التي تشعره بالاضطهاد والاختناق، فينفجر وقاحة عند توجيه أي ملاحظة ولو كانت عادية.
• التفكك الأسري، الحرمان العاطفي وغياب التوجيه الأبوي السليم، وعدم وجود القدوة الصحيحة، كل هذا يؤدي إلى عدم شعور المراهق بالأمان، وبالتالي إلى اضطراب العلاقة مع أهله، فلا يعودون يشكّلون المرجع بالنسبة إليه، وبالتالي لا يحترمهم لأنه يجد أنه ليس من حقهم توجيه أي ملاحظة إليه.
• رفاق السوء الذين يتعلّم منهم المراهق السلوك الشاذ، فضلاً عن مشاهدة الأفلام التي تشجّع على التمرّد والعنف. في مقابل عدم المتابعة اليقظة المتزنة من الأهل.
• لجوء الأهل إلى معالجة انفعالات المراهق بالمزايدة عليه بالغضب والعصبية.
• عدم ثبات الأهل على أنظمة واضحة وقابلة للتنفيذ.
• ضعف شخصية الأهل وغياب الرقابة والضوابط أو التراخي والتغاضي عن سلوك المراهق الوقح أو الإفراط في تدليله.
• عدم احترام الأهل لابنهم المراهق، مما يؤدي إلى عدم احترام المراهق أهله والتطاول عليهم.

كيف يتصرّف الأهل تجاه وقاحة المراهق:
نصائح
- الابتعاد عن استعمال ألفاظ قد تكون جارحة وعبارات لوم، مثل :"هذا خطأ، أنت غير محق، ألم أنبهك إلى هذا الأمر من قبل؟". فهذه العبارات تستفز المراهق وتدفعه إلى الوقاحة، خصوصًا عندما يكون في موقف حرج.
- الاعتراف له بصواب رأيه ومساعدته في التفكير السليم وتعزيز المبادرات الإيجابية إذا بادر إلى القيام بسلوك إيجابي يدل على احترامه الآخرين.
- الابتعاد عن الألفاظ الاستفزازية وتكريس مفهوم التسامح والتفهم.
- مشاركته في القيام بنشاطاته المفضّلة.
- تشجيع وضع أهداف عائلية مشتركة واتخاذ القرارات بصورة جماعية مقنعة.
- تجنب استعمال عبارات مستفزة مثل: «أنت فاشل، عنيد، متمرد، سليط اللسان، أنت دائمًا تجادل وتنتقد وأنت لا تفهم أبدًا».
- عدم التركيز على السلبيات وإغفال الإيجابيات التي يقوم بها.
- تكليفه بعض المهمات التي تشعره بأنه فرد له دور في إصلاح ما يرفضه.
- تجنب الأهل التعامل مع ابنهم المراهق كما الطفل، بل عليهم أن يعتمدوا طريقة تعامل قائمة على الحوار الحقيقي، بعيدًا عن التنافر، فليس المطلوب أن يلبي الأهل رغبات ابنهم، بل تفهم وجهة نظره مما يشعره بأنهم يعترفون بوجوده وفي حقه بالتعبير عن آرائه. فمن الضروري أن يشعر المراهق بوجود آذان صاغية وقلوب منفتحة لا مجرد مجاملة ومداهنة ومسايرة لفضّ النزاع.

مقالات متعلقة