الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 26 / يونيو 10:01

رحلة البحث عن الألقاب/بقلم:جميل أبو خلف

كل العرب
نُشر: 05/04/12 13:42,  حُتلن: 20:36

جميل أبو خلق في مقاله:

أطلاق الألقاب والمصطلحات هو أمر طبيعي وبديهي عند جميع المجتمعات القديمة والحديثة أي منذ فجر التاريخ الإنساني ( خلق اّدم وحواء ) وحتى يومنا هذا

إطلاق الألقاب هو أسلوب مقيت كما ذكرت فهو شائع بين بني البشر جميعاً منذ بدء الخليقة فهذا معروف وواضح ولكن ما يبقى مجهولاً أو عليه غبار هو حقيقة بعض الألقاب أو المصطلحات وغيرها من حيث الكفاءة أو من حيث الهدف

الحكمة والمنطق في إطلاق التسميات أو الألقاب المختلفة يجب أن يكون متناسباً مع الواقع وصحيحا لأن الأصل في إطلاق الألقاب والمسميات تحري الصدق وليس العكس فمن غير المعقول أن نطلق التسميات والألقاب لمن لا يستحقها من أجل الوصول إلى غايات ومصالح لا تتعدى المكاسب المادية

غالباً ما يحظى أصحاب الألقاب المعروفة على الود والاحترام ، وعلى قيمة وأهمية أكثر بكثير مما يستحقون، ويبالغ البعض في تقييمهم وخدمتهم ظناً منهم أن كل من يحمل لقباً هو ذو شخصية مهمة ، وذو كفاءات وصفات ملائكية الأمر الذي يجعل البعض يمجدونه ويظهرون له الاحترام ويبالغون في مدحه ويحرصون على مرضاته، ويصل الأمر بالكثير إلى حد التقديس لصاحب هذا اللقب.
هذا التقديس من قبل البعض لحاملي الألقاب قد يجعل الشخص الذي لا يحمل لقباً بالسعي للحصول على لقب من أجل الحصول على القيمة والأهمية والتقديس تماماً كما "تمتع" بها أسلافه من حملة الألقاب المختلفة ولو بشرائه للقب عن طريق المال من أجل اصطناع كيان لنفسه ظاناً أنه من خلال هذا اللقب يكبر بعين الآخرين .

إطلاق الألقاب
إن أطلاق الألقاب والمصطلحات هو أمر طبيعي وبديهي عند جميع المجتمعات القديمة والحديثة ، أي منذ فجر التاريخ الإنساني ( خلق اّدم وحواء ) وحتى يومنا هذا .
بشكل عام تطلق الألقاب على بعض الأشخاص ، وفي الغالب يكون لها خلفيات معينة أو للدلالة على حقيقة معينة وبالأصل يجب أن لا يكون اللقب مخالفاً للواقع ؛ أو يكون فيه كذب أو مبالغة في الوصف، وتزييف للحقائق .
في كثير من الأحيان يكّنى الأشخاص بعد عمل ما أو موقف ما يقوم به هذا الشخص ، سواء أكان موقفاً شخصياً أو حتى موقفاً له علاقة بالمجتمع أو الأمة .
إن إطلاق الألقاب هو أسلوب مقيت كما ذكرت ، فهو شائع بين بني البشر جميعاً منذ بدء الخليقة ، فهذا معروف وواضح ولكن ما يبقى مجهولاً أو عليه غبار هو حقيقة بعض الألقاب أو المصطلحات وغيرها من حيث الكفاءة أو من حيث الهدف ، أو حتى من حيث تاريخ صلاحية هذه الأسماء أو الألقاب .
معروف أن هناك ألقاب لا تتناسب مع الواقع وقد يكون الهدف منها هو تضليل الناس وإبعادهم عن الحقيقة والصواب ، ويكون الهدف من إطلاق هذا اللقب أو ذاك في غالب الأحيان هو الوصول إلى المصالح الضيقة للشخص أو لفئة ، أو حتى لأمة ، وغالباً ما تكون هذه التسميات من جهات مأجورة أو في أحيان أخرى من جهات جاهلة بما يحدث لعدم أخذها حقنة الحصانة للوعي السياسي أو الوعي الفكري غيره.. .
إن عملية إطلاق الألقاب قد تكون صادرة عن الشخص كفرد ، وقد تكون صادرة عن مؤسسة أو هيئة تربوية أو غيرها .
ففي عملية أطلاق اللقب بشكل فردي فالأب مثلاً يستطيع أن يلقّب أبنه بالبطل أو أبو عنتر .. والخ ... من هذه الألقاب ، ولكن هل حاز صاحب هذا اللقب ( وهو الابن) على اعتراف الناس بهذا اللقب أم أن هذا اللقب بقي داخل جدران المنزل ؟.

الحكمة والمنطق
إن الحكمة والمنطق في إطلاق التسميات أو الألقاب المختلفة يجب أن يكون متناسباً مع الواقع وصحيحا لأن الأصل في إطلاق الألقاب والمسميات تحري الصدق وليس العكس ، فمن غير المعقول أن نطلق التسميات والألقاب لمن لا يستحقها من أجل الوصول إلى غايات ومصالح لا تتعدى المكاسب المادية .
فليس من الدين أو المنطق أو الحكمة أن نعطي أوصافاً أو ألقاباً لأشخاص لا تتناسب مع واقعهم بل هي بعيدة كل البعد عن الواقع ، بل وأكثر من ذلك قد تؤدي إلى تضليل الأمة ؛ ففي أحيان كثيرة يحمل الحاكم لقب العادل أو البطل أو الخالد بحسب وجهة نظر الأمة ، وفي نفس الوقت قد يلجاْ الحاكم إلى أطلاق الأسماء والألقاب لتحقيق أهدافه ومصالحه الشخصية ، له ولحزبه ويعطي ألقاباً أو تسميات مختلفة مثل إرهابيين أو مجرمين أو مأجورين أو نحو ذلك .
هناك قادة أصطلح على تسميتهم بأسماء مبالغ بها وتتعارض وتتنافى مع الواقع ومع الدين ومع كل القيم الإنسانية للتغطية على هزائمهم وفشلهم ، وعمالتهم ، فمنهم من لقب ب "الرمز" ومنهم من لقب ب"البطل" ومنهم "حامي الحرمين" ومنهم "المفّدى" وهكذا من أجل تحويل هزائمهم إلى انتصارات مزيفة ومن أجل تغطية عيوبهم وتزيينها بهذا اللقب أو ذاك ، مع أنه لم يخض حرباً إلا وهزم بها .
إن الأصل في تسمية من يخون بالخائن من أجل أن يتطابق هذا اللقب مع الواقع الذي يعيشه هذا الخائن ، ومن أجل أن لا يشعر هذا الخائن كما شعر جحا عندما كذب كذبته وصدّقها ، ومن أجل أن لا يظن نفسه بطلاً حقيقياً.

التسميات من أجل تضليل الأمة
لقد ساهم الكفرة والملحدون في تسمية البعض منا كأفراد وكمجموعات وكحكام ، فأطلقوا علينا أسماء ما أنزل الله بها من سلطان من أجل النيل منا كمسلمين بهدف إبعادنا عن ديننا الحنيف فأصبح لقب فلسطيني ، ولقب أردني ولقب مصري وهكذا مع أن اللقب الحقيقي أو الاسم الحقيقي لنا جميعاً هو مسلمين ( مسلم أردني ، مسلم مصري ، مسلم فلسطيني). لقد أطلقوا ألقاباً مزيفة مثل "قومية" وغيره من أجل طمس الهوية الاسلاميه للمسلمين .
هذه التسميات لم تكنّى بالصدفة بل واصلوا الليل بالنهار من أجل إعطائنا هذه الصفات ، وهذه التسميات من اجل تضليل الأمة وشرذمتها من خلال استبدال المفاهيم المختلفة مثل الأخوة الإسلامية بمفهوم الأخوة الوطنية ، وغيرها من هذه المفاهيم وهذه المصطلحات.
إن الله سمّانا بالمسلمين "هو سماكم المسلمين" والإسلام حدد لنا طريقة إطلاق الأسماء والألقاب ، والأصل أن تكون الأسماء والألقاب صحيحة حسب أحكام الشرع حتى تتضح هوية المسلم ويكون شخصية متميزة وغير مشوهه ، ولكي لا يختلط حال المؤمنين والمجرمين ، فلا يجوز مخالفة شرع الله ونطلق التسميات والألقاب بحسب أهدافنا وميولنا الحزبية ومصالحنا الفردية الضيقة ، فمن غير المعقول أن الله ورسوله سمى بعض الجماعات التي تخرج إلى قتال الكفار والمنافقين بالمجاهدين ونحن نطلق عليهم اسم إرهابيين ؛ ولا يجوز أن نسمّي العميل بالبطل ؛ ولا يجوز أن نسمي المغنية العاهرة بالفنانة أو النجمة ؛ ولا الجبان بالشجاع لأن هذا مخالفاً للصواب والواقع ، ومنافياً للحقيقة .
لقد أطلق الإسلام مسميات وألقاب على أشخاص وجماعات أو حتى فترات زمنية وغيرها وكان في غاية الدقة والوضوح من حيث تلاؤم اللقب أو الاسم مع التسمية .
لقد كان الرسول "صلى الله عليه مسلم" يحمل عدة ألقاب اختارها له الله عز وجل والتي تتناسب مع صفاته وأفعاله وأخلاقه ، وسمي كثير من الصحابة بأسماء تتناسب وصفاتهم (خالد بن الوليد- سيف الله المسلول) (أبو عبيدة – أمين هذه الأمة) وتبعاً لمواقف معينة خلّدت أسمائهم.
وكذلك استبدل اسم قبيلتي الأوس والخزرج بالأنصار لأنهم آووا الرسول الكريم وناصروه . وسميت فترة الابتعاد عن الدين وعبادة الأوثان قبل مجيء الإسلام بالفترة الجاهلية .
على كل من يسعى للحصول على لقب، أن يكون هدفه خدمة الناس قبل خدمة نفسه، فالطبيب يجب أن يكون هدفه شفاء المرضى، والحاكم يجب أن يكون هدفه خدمة شعبه وليس خدمة جيبه ومصالحه، وشيخ الدين يجب أن يكون هدفه الدعوة إلى الله وليس الدعوة إلى حزب أو حركة دينية وهكذا يجب أن يكون حال كل حامل لقب وبهذا يصلح حال الأمة بصلاح حاملي الألقاب حكاماً كانوا أو محكومين ؛ صغاراً أم كباراً فلكل دوره في الحياة فعليه تأدية هذا الدور وهذا الواجب بمنتهى الإخلاص؛ فهل أدركنا قيمة وأهمية ألألقاب لنبحث عنها؟.أم نبحث عنها من أجل أن نصبح مهمين؟

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة