الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 01 / نوفمبر 02:01

ويل لأمة عداوتها تدوم ومصالحها لا تقوم / بقلم: زهير نجاح

كل العرب
نُشر: 09/04/12 09:59,  حُتلن: 10:06

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

أبرز ما جاء في مقال زهير نجاح:

كثرة مظاهر الانفلات الإعلامي أخذ شكل المنصة التي تنطلق منها الحروب الكلامية بين النخب مستبيحين فيها كل الأسلحة المحرمة دينياً وأخلاقياً وإنسانياً

استحكم الخلاف بدل الاختلاف السياسي وبرزت خصومات عنيفة وذاعت فتن عارمة مع وجود مظاهر الانفلات الإعلامي المحرض والذي أذكى تلك العصبيات وأحيا النزاعات المفعمة بالشنآن

ويل لأمة عداوتها تدوم ومصالحها لا تقوم، بعدما كانت النخب المثقفة والقيادات المعارضة صوت شعوبنا ولسانها الصادق وقلبها الخافق، وسلاحها الرهيب وحائطها الصد الأول في الدفاع عنها وعن ما يحاك ضدها لم تعد المرجع للثوار ومصدرها الأساسي في المطالبة بالحقوق ونيلها،لانشغالها بالمناصب وابتعادها عن مطالب المواطن البسيط واستكمال ما قامت الثورة من أجله من جهة، والإطناب في مناقشة النتائج بدل طرح البدائل الناجعة والسريعة من جهة أخرى، وأمام هذه الخصوبة في الحياة السياسية التي تشهدها تلك الدول وشدة الاستقطاب بين مختلف الأحزاب والتيارات والعصبيات والطوائف، والى كثرة مظاهر الانفلات الإعلامي الذي أخذ شكل المنصة التي تنطلق منها الحروب الكلامية بين النخب مستبيحين فيها كل الأسلحة المحرمة دينياً وأخلاقياً وإنسانياً والتي غدت الساحة السياسية بمزيد التشنج والشحن والخصومات الشخصية والطائفية.

انتهاك الحرمات
لقد عموا وصموا وأفحشوا في ذكر المثالب والنقائص، وتمادوا في نبش ما حرص الاصطلاحيون على دفنه من إثارة الخصومات وبعث العداوات غير مبالين بأعراض الشرفاء وانتهاكاً لحرماتهم، في حين لا زالت بعض النخب السياسية تائهة لم تصدق إلى الآن أن زمن فرعون وسحرته ولّى بلا رجعة.
 
التطهير المنشود

وبدل أن تقم نفسها في عملية التطهير المنشود والتطلع لمستقبل أفضل وتطهر نفسها من جبنها وصمتها المريب على الإذلال التي تعرضته الأمة العربية من طرف حكامها وقتل نخوتها والاستهانة بحرماتها، وهدر لكرامتها والسلب والنهب في الزمن الغابر رغم أننا أحوج ما نكون في الوقت الراهن لهاو لكل سواعد الأمة ومثقفيها للتطهير والمحاسبة والبناء والتشييد.
 
وسائل التأثير
فمثلما للإصلاح والتغيير دعاته وأنصاره فإنّ له أعداء ومناؤون وإن كانوا قلة إلا أنهم يمتلكون وسائل التأثير وأسباب القوة التي تجعلهم قادرين على وقف مسيرة التغيير، فالطبقات من أشباه المثقفين، وأنصاف المفكرين وغيرهم من أصحاب النفوذ لا بد أن يقاوموا أية إصلاحات أو تغييرات تمس أوضاعهم وتأثر على مكتسباتهم، وخاصة إذا علمنا أن هاته النخب مدجنة من طرف حكوماتها المستبدة ومنتقاة بعناية كي تكون بوقالها، فمهما تشدقت بمصالح الفقراء والبسطاء، فإنها لا تسعى إلا لحماية وزيادة مكاسبها، وبالتالي فإنه من المستبعد أن تتخلى طواعية عن هذه المكاسب الأمر الذي يعني أن الإصلاح والتغيير قد يستغرق وقتاً أطول والتكلفة في الأرواح أكبر نتيجة الصراع المجتمعي بين القوى والتيارات السياسية المختلفة.
 
الخلاف والإختلاف
وإذا كانت كل فئات وطبقات المجتمع سواء بمسلميها ومسيحييها، وإسلامييها أو علمانييها، ليبرالييها أو يسارييها! قد شاركت في الثورات الجماهيرية، لم يعد يحق لتنظيم ما أن يدعي أن الثورة ثورته، أو يزعم أنه المفوض الأساسي للدفاع عنها وقيادتها أو يملك الحق في توجيه الثوار منفرداً دون غيره عن باقي التيارات، وخاصة بوجود أحزاب وتيارات متضادة ايدولوجياً وفكرياً مما نتج عنه اضطرام العصبيات وحالة من الاستقطاب السياسي، فاستحكم الخلاف بدل الاختلاف السياسي وبرزت خصومات عنيفة وذاعت فتن عارمة مع وجود مظاهر الانفلات الإعلامي المحرض والذي أذكى تلك العصبيات وأحيا النزاعات المفعمة بالشنآن، الحقد والضغينة، بل اكثر من ذلك صار كالشجي في الحلقوم والقذى في العيون في وجه التغيير والإصلاح.
 
غرائز وانحياز
حيث يطالعنا يوميا بوجوه مكررة مثلها مثل المشاهد الدموية والحروب الأهلية المتكررة، لاهم لها سوى إثارة الغرائز والانحياز إلى هوى الحكومات والخط التحريري لأصحاب تلك القنوات، هدفها استفزاز المشاهد وإثارة خياله باستخدام الألفاظ والمجازات القوية البالغة التأثير بغية تحقيق أجندة لاعلاقة لها بالحرية والكرامة ولا بالعدالة الاجتماعية، بل تؤدي رسالة عكسية تماماً تفرق ولا توحد وتحبط ولا ترسل إشارات الأمل، وتخلق جو مشحون بالشك والريبة والضبابية ومزيداً من تمزيق النسيج الوطني وهزّ ثقة المواطن في الممارسة الديمقراطية، وبدل أن يكون المنبر الإعلامي ساحة تتقارع فيه الآراء المتنوعة وتتصارع فيه الأفكار المختلفة وتتنافس فيه التيارات المتعددة وتتنازع فيه الأحزاب المكونة للمشهد السياسي، يكون الخطاب الموجه والمنحاز للمصالح الطبقة الحاكمة جارياً على سجيته ومطية لكل ماسك بزمام الأمور لتحقيق أهدافه ولو على حساب مصلحة الوطن، أو هدر الوقت والطاقات في المماحكة والتراشق والجدل العقيم، وإبراز الهواجس بين التيارات المتنافسة على السلطة وتضخيمها لإثارة الفزع والهلع ومزيد من التصدع في وحدة الصف والتماسك المجتمعي، مزيفاً للواقع ومفتقد إلى قوة الإقناع العقلي ومكتفياً بانحيازه لروعة التأثير العاطفي فضلاً عن شغل الرأي العام عن قضايا ذات أولوية في هذه المرحلة الحرجة من عمر الثورة عوض انصراف المثقفون وذوي العقول النيرة والأبصار النافذة عن هدفهم الأسمى في بناء الأوطان على أسس ديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وإرساء ثقافة الإنتاج وصون الكرامة وتحقيق التنمية المستديمة، وتبصير المواطنين بواجباتهم وحثهم علي التضامن والتضافر والعمل المنتج للنهوض بتبعات الإصلاح والتغيير وخلق روح المواطنة والانتماء للدولة، إذ لا يمكن صُنع وطن كبير بمواطنٍ صغير.

العراقيل أمام الثوار
مخطىء من يظن أن العراقيل التي تقف في وجه الثوار يمكن التغلب عليها وتجاوزها خصوصاً أن التغيير الحقيقي وربما الجدري في بعض المؤسسات أصبح مطلباً وحاجة ملحة، قد يأخذ هذا الصراع شكل العنف كما نراه في مصر، اليمن، ليبيا وسوريا، وربما لسنوات إلى أن يقتنع الكل بأن الثورة ثورته ولا بد للعمل الجماعي باختلاف انتماءاته الفكرية والعقائدية وخصوصاً في ظل إعلام معرقل ولا يهتدي إلى أصول النقد البناء وقواعده، والصدق والأمانة مهما خلع جبة الحاكم المستبد ليرتدي لباس الثوري، وينزع صولجان السلطان ويلبس جلباب الفقيه.

إنارة سبل التقدم
وفي جميع الأحوال لا بد للثوار وقادة الفكر الإصلاحي من إتباع إستراتيجية واضحة المعالم، مع تحديد الأولويات "القضاء، الإعلام والداخلية" باختيار الأعلم والأقدر على العدل، وأهلاً له بعلمه وكفاءته وصلاحه، متسماً بقوة الشخصية وشجاعة القلب ومهنية عالية بإحسان ورغبة وإن اقتدى الحال بقهر ورهبة وكياسة في التعامل مع تحديات كهذه. وفي الأخير، لا بد أن نذكر النخبة المثقفة بمن فيهم المفكرين والإعلاميين والعلماء أن ينشغلوا في توعية المواطن ويتوغلوا في تهيئ أسباب النهضة وينيروا لنا سبل التقدم والدعوة إلى العمل معتمدين على منهجية علمية مبدعة ومتسمة بأفكار منسجمة مع النسيج المجتمعي وثقافته الإسلامية وبخطاب رصين ومتزن معتمدين على سلامة المنطق وقوة الحجة، جلباً للمصلحة ودرءاً للمفسدة لا على الفكرة الطارئة واللمحة العارضة.
 
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net
 

مقالات متعلقة