الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 12:01

حنا سويد: واجب الساعة تشكيل قائمة ديمقراطية موحدة لخوض معركة الانتخابات

كل العرب
نُشر: 06/05/12 15:18,  حُتلن: 14:47

أبرز ما جاء في مقال حنا سويد:

أصبح جليّا أن الحقبة الأخيرة، وبالتحديد فترة ولاية الإئتلاف الحكومي الحاكم الذي بزّ كل من سبقه بالتطرف اليميني الفاشي – العنصري

ممارسات الحكومة الحالية والائتلاف اليميني - الفاشي في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تشكل خطرا حقيقيا وداهما على مجمل قطاعات المجتمع العربي وعلى ثوابته الوطنية

أحزاب اليمين الفاشي تسعى للمحافظة على أغلبيتها البرلمانية بل ولتعزيزها في الانتخابات المقبلة التي تقرع طبولها في هذه الأيّام – وحظوظها في ذلك وفيرة كما تظهر استطلاعات الرأي العام المبكرة

هناك إجماع يشمل كافة الفعاليات السياسية والاجتماعية الوطنية الفلسطينية على أن أهداف نضالنا وحراكنا تتلخص فيما يلي: أولا – حماية البقاء والتجذر في أرض الوطن، وثانيا – المحافظة على الهوية العربية الفلسطينية، وثالثا – تحقيق المساواة الكاملة في الحقوق المنبثقة من الحق الطبيعي بالمواطنة في وطن الآباء الأجداد.
والسؤال هو كيف يكون الردّ السياسي والشعبي المناسب في مواجهة الخطر الداهم الذي بات يهدّد كل القيم والمكتسبات، لا بل والحقوق الطبيعية المسلم بها – هذا الخطر الذي يتمثل في الممارسات والسياسات والتشريعات والمخططات المحمومة التي تبتكرها وتسعى لتنفيذها الدوائر الفاشيّة والعنصرية في البلاد ؟

النضال والتضحيات الجمّة
وقد أصبح جليّا أن الحقبة الأخيرة، وبالتحديد فترة ولاية الإئتلاف الحكومي الحاكم الذي بزّ كل من سبقه بالتطرف اليميني الفاشي – العنصري، تتميّز بالانفلات والتسيّب في سنّ القوانين العنصرية التي تهدف إلى تجريد المواطنين العرب كليا من أبسط الحقوق السياسية والحياتية - المعيشية التي تمّ اكتسابها بالنضال والتضحيات الجمّة. ونحن نشهد بلا انقطاع اقتراحات قوانين لشطب حقوق أساسيّة مثل التنافس المتكافئ على فرص العمل، والحصول على الدعم الحكومي للإسكان، والالتحاق بالجامعات ومؤسسات التعليم العالي وغيرها. كما يتعزز النهج المعادي الذي يشترط حصول المواطنين العرب على أبسط الحقوق بإداء الخدمة العسكرية أو المدنية، أو غيرها من "الواجبات" التي تنتقص من الشعور بالانتماء والكرامة الوطنية لدى المواطنين العرب عامة، والشبان منهم خاصة.
وملخص القول هو أن ممارسات الحكومة الحالية والائتلاف اليميني - الفاشي في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تشكل خطرا حقيقيا وداهما على مجمل قطاعات المجتمع العربي، وعلى ثوابته الوطنية التي تندرج ضمن إطار الاجماع العام. فهي قد أصبحت تهدد مجرد البقاء في الوطن، وملامح الهوية الوطنية، والحقوق المدنية الأساسية التي تكفل العيش الحرّ والكريم، وتضمن إمكانية التطور المجتمعي للأجيال المقبلة.
ومن الطبيعي أن تتنبه لهذه المخاطر كافة قطاعات المجتمع العربي وأن تتجند للتصدي لها ولإفشالها، أو لتقليص نتائجها الهدّامة – وذلك أضعف الإيمان. كما أنّ القوى الديمقراطية اليهودية الحقيقيّة باتت تستشعر الخطر الداهم على مجمل الحريّات السياسية والاجتماعية العامة طالما واصل الائتلاف الحاكم التمتع بالأغلبية البرلمانية التي يحظى بها في هذه الدورة.

أحزاب الائتلاف الحاكم
وجليّ أن أحزاب اليمين الفاشي تسعى للمحافظة على أغلبيتها البرلمانية، بل ولتعزيزها في الانتخابات المقبلة التي تقرع طبولها في هذه الأيّام – وحظوظها في ذلك وفيرة كما تظهر استطلاعات الرأي العام المبكرة.
وبناء على ما تقدم أرى أنّ الهدف الذي يتحتم على كافة الأحزاب والحركات والأطر السياسية العربية والديمقراطية تحديده والعمل من أجل تحقيقه في هذه المرحلة، وبالتحديد في سياق الاصطفاف لخوض الانتخابات البرلمانية التي أصبحت قاب قوسين وأدنى، يتمثل في دحر الهجمة الفاشيّة - العنصريّة وإيقاف مسلسل التشريعات وسنّ القوانين المكّارثية المعادية للجماهير العربية. ولتحقيق هذا الهدف يتوجب منع أحزاب الائتلاف الحاكم (التي بادرت لسنّ التشريعات سيئة الصيت) من الفوز مرة أخرى بالأغلبية البرلمانية، وتفويت الفرصة عليها لتشكيل حكومة تأتمر بإمرة غلاة المستوطنين الذين تغلغلوا إلى كافة أحزاب اليمين الإسرائيلي وأمسوا يسيرونها كما يطيب لهم.
والوسيلة لتحقيق هذا الهدف هي أن تلقي الجماهير العربية بثقلها السياسي وطاقاتها الكامنة في ساحة المعركة الانتخابية المقبلة من خلال مشاركة مكثفة وتصويت كمّي ونوعي مناقض للانفلات الفاشي والعنصري الموجه ضد العرب. وبذلك يمكن تشكيل إطار برلماني مانع مناوئ للفاشية يفوّت الفرصة أمام تشكيل حكومة تكون بمثابة استنساخ للحكومة الحالية أو ربما أسوأ منها.

تشكيل حركة سياسية
وأعتقد أنّ أنجع الأدوات لشحذ الهمم واستنهاض الجماهير العربية للمشاركة الفعالة والإدلاء بأصواتها هي تشكيل قائمة ديمقراطية موحدة لخوض الانتخابات البرلمانية الوشيكة، تنضوي تحت لوائها كافة القوائم العربية والديمقراطية التي تدافع وتنافح عن وجود ومكانة ومستقبل الجماهير العربية الفلسطينية في وطنها. ولا غرابة في أن تستقطب هذه القائمة دعم القوى الديمقراطية الحقيقية في الوسط اليهودي لأنّها ستمثل التحدّي والتصدّي بلا هوادة لليمين الفاشي والعنصري.
ولا بدّ من التأكيد على أنّ الأحزاب والقوائم التي ستنضوي تحت راية القائمة الديمقراطية الموحدة ستقوم باختيار مرشحيها كما تشاء، ولاحقا ستحافظ على استقلاليتها التنظيمية والفكرية، وعلى حريتها في العمل الشعبي والبرلماني، إذ ليس المقصود أبدا تشكيل حركة سياسية جديدة ذات أيديولوجية خاصّة تلغي أو تستبدل الحركات القائمة والفاعلة على الساحة.
إن الاقتراح الذي نعرضه هنا يختلف جوهريا عمّا تتداوله الأحزاب اليهودية الصهيونية حول سبل مواجهة الائتلاف اليميني الذي يقوده نتنياهو والليكود ويأتمر بإمرة المستوطنين وقياداتهم في الانتخابات المقبلة. ففي حين تتنافس هذه الأحزاب فيما بينها على إعادة تقسيم "الكعكة الانتخابية" القائمة بينها بواسطة استحضار وإحياء شخصيات سياسية مستهلكة (مثل الراب درعي ويائير لبيد), فإن الاقتراح المعروض هنا يهدف إلى تكبير "الكعكة الانتخابية"، أي كسب أصوات جديدة للمعسكر المعادي للفاشية والعنصرية, وليس تقسيم نفس كمية الأصوات على شاكلة مختلفة.
ونقدّر أنّه بالإمكان رفع نسبة التصويت لدى المواطنين العرب من حوالي 50% (كما كانت عليه في الانتخابات الأخيرة) إلى حوالي 70%, وهي نسبة المشاركة المتوسطة لدى المصوّتين اليهود. وبالتالي فهذا الارتفاع في نسبة التصويت (أو أيّ ارتفاع يمكن تحقيقه) سيؤدي إلى زيادة ملموسة في التمثيل العربي في الكنيست على حساب الأغلبية الراهنة التي تتمتع بها أحزاب اليمين المتطرفة.

التصدّي للخطر
إن الهدف الأساس من تشكيل القائمة الديمقراطية الموحدة هو كبح جماح اليمين الفاشي العنصري، ووقف مسلسل التشريعات المعادية للجماهير العربية ومصالحها الأساسية. والقصد من إعادة تأكيد الهدف الأساس هو استباق أي نقاش أو عتاب قد يجريان في المستقبل حول جدوى الاصطفاف الانتخابي المقترح فيما لو هبت الرياح بما لا تشتهي السفن. إذ قد يحتمل، حتى وإن حققنا الهدف المرجو, أن يواصل البديل المعتدل (المرجو) لحكومة نتنياهو انتهاج سياسة الاحتلال والاستيطان والتملص من استحقاقات السلام العادل ومواصلة التمييز ضد الجماهير العربية. ولكن يجدر التنويه إلى أنّ مجرد وقف مسلسل سلب الحريات الديمقراطية وسنّ التشريعات الفاشية ومصادرة الحقوق الأساسية للجماهير العربية هو إنجاز جدير بحدّ ذاته إذا تحقق - كما نأمل.
زد على كل ما ورد آنفا أنه قد آن الأوان للاستجابة للنداءات التقليدية والمخلصة حول ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية, والتي طالما انطلقت على مر السنين والعقود من حناجر المواطنين العاديين غير الغارقين بالسياسة الحزبية، واتّسمت بنفحات الطوباوية والتجريدية والتغني بالوحدة كوسيلة لتجميع القوى والتأكيد على الانتماء الوطني.
وملخص القول هو أنّ التصدّي للخطر الداهم على حاضرنا ومستقبلنا في وطننا لا يكون بالتضجر من الفاشية ولعنها، وبإطلاق التمنيات بأفولها من تلقاء نفسها، بل بمواجهتها بما نملك من آليات عمل ما زالت تتيحها أطلال الديمقراطية الاسرائيلية. وعلى الأحزاب والقوى السياسية العربية والديمقراطية أن تعي متطلبات المرحلة وتحدياتها الخطيرة والجمّة، وأن تعيد ترتيب جدول أولوياتها من جديد, وأن تتجاوز مقولاتها التقليدية وحساسياتها الداخلية تجاه بعضها البعض. ولا شكّ في أنّ تشكيل قائمة ديمقراطية موحدة لخوض الانتخابات الوشيكة ستكون بمثابة مساهمة حقيقية وجادة في النضال من أجل البقاء والهوية والمساواة.
(يتبع الجزء الثاني)

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة