الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 15 / مايو 13:02

كرم الرمّان..ما بين الذكريات والواقع! /إمطانس فرح

كل العرب
نُشر: 08/06/12 14:17,  حُتلن: 14:43


ها أنا أجلس قُبالة شاشة حاسوبي، أنضّد بيدٍ واحدة مقالتي، بينما تتنقّل يدي الأخرى ما بين الصحن الموجود بجانبي، المليء بالكرز الجولانيّ - أحضره لي صديقي بالأمس - وفمي الّذي ما انفكّ يلتهم حبّات الكرز الشهيّة.. وما يجمع بين الكرز و"كرم الرمّان" هو هضْبة الجولان.
شاهدت عرض مسرحيّة "كرم الرمّان"، في مسرح "الميدان"؛ أحببت المسرحيّة واستمتعت جدًّا بالعرض؛ فعلى مدار ساعة أو يزيد، حضرتُ مسرحيّة حضرَ فيها الجولان بكلّ قوّة وتميّز.
بلَكنة جولانيّة سوريّة دارت أحداث مسرحيّة "كرم الرمّان"، في بيت كان فيه الأب مقاتلًا في "حرب حَزِيران"، وما زال يعيش أحداثها ويحاورها في ذاكرته؛ الابنة تعمل خيّاطة من أجل دعم البيت اقتصاديًّا وتحمّل أعبائه؛ الابن الأكبر الملحّن الموسيقيّ (المثقّف) عاطل مِن العمل؛ والابن الأصغر متزوّج ويعمل على تلبية طلبات زوجته.
تعيش العائلة تحت سقف واحد، كلّ من أفرادها يعاني مشاكله ومشاكل الآخرين، ويتخبّط في تعقيدات حياته؛ وإن كان كلّ ذلك لا يكفي، يدخل حياتهم رجل أعمال ثريّ لهدف الزواج بالابنة، وفي الوقت ذاته، محاولًا إقناع العائلة الفقيرة بأن يشتري منهم "كرم الرمّان" الّذي يملكونه لإقامة مشروع تجاريّ مكانه.
لفتتني جدًّا بطلة المسرحيّة، الفنّانة الشابّة آمال قيس، الّتي استطاعت أن تتقن تجسيد دورها، بكلّ شفافيّة وحرْفيّة؛ جعلتك تصدقّها، تتعاطف معها، وتعيش تجربتها..
من وراء ماكينة الخياطة القديمة جلست قيس، ونقلت لنا حكايتها وعلاقتها الوطيدة بوالدها، وقلقها على أفراد أسرتها.
تعيش حياتها بين جدران البيت، متنقّلة كالفراشة، ما بين الشبّاك المطلّ على "كرم الرمّان" وماكينة الخياطة القديمة، ما بين الواقع المرير الّذي تحياه وذكريات الزمن الجميل، واقعيّة حينًا وحالمةً أحيانًا، حيث نتأرجح نحن معها ما بين الواقع والذكريات.
رغم أنّ الأجواء العامّة الّتي تسيطر على المسرحيّة حزينة سوداويّة تشاؤميّة، نوعًا ما، نجد عنصر التشويق والترقّب مخيّمًا عليها.
إنّ الأسرار الّتي حملتها الشخصيّات في المسرحيّة، والمشاكل الّتي لفّتها، والذكريات الّتي حنّت إليها، والمفاجآت الّتي واجهتها، جعلت الأحداث أكثر تشابكًا وصراعًا ومتعة.
إنّ "كرم الرمّان" ليس مجرّد كرم عاديّ، بل هو رمز للوجود والبقاء والذكريات الجميلة، رغم جفاف ثماره ونضوب عطائه. إنّه صراع ما بين الماضي والذكريات والحاضر و...
فلِح المؤلّف، الكاتب الشابّ مُعتزّ أبو صالح، في كتابة النصّ المسرحيّ؛ واستطاع المخرج منير بكري، مجدَّدًا، دمغ بصمة خاصّة تميّزه عن غيره، يثبت من خلالها أنّه جادّ ومحترف.
حوَت المسرحيّة عوامل عدّة ساعدت على نجاحها، بدءًا من ديكور المسرحيّة البسيط والمُبهر في آنٍ معًا؛ مرورًا بالموسيقى والإضاءة.. اختيار موفّق آخر لمسرح "الميدان"، باستضافته "كرم الرمّان".
لدينا طاقات فنّيّة وإبداعيّة مَهولة، مواهب عظيمة، كتّاب ومؤلّفون ومخرجون.. ولكن ينقصنا الدعم والميزانيات - كالعادة - والأهمّ.. ينقصنا أن يأتي جمهورنا العربيّ بمئاته، للتذوّق الفنّيّ ولدعم هذه الطاقات الشبابيّة وتشجيعها؛ لأنّها تستحقّ ذلك فعلًا، لا أكثر ولا أقلّ.
"كرم الرمّان"- الإنتاج: مسرح "عيون" الجولانيّ؛ التأليف: مُعتزّ أبو صالح؛ الإخراج: منير بكري؛ التمثيل: آمال قيس، عُقاب المغربي، هاني منذر، حسن رضا، منار أبو جبل، نهاد رضا.

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان: alarab@alarab.net
 

مقالات متعلقة