الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 26 / يونيو 10:01

هادم اللذات لا محالة آت/ بقلم: جميل أبو خلف

كل العرب
نُشر: 19/06/12 10:49,  حُتلن: 12:38

تخيّل أن ملك الموت توجه إليك وأخبرك أنه سيقبض روحك ، فماذا سيكون موقفك ؟ وماذا سيكون شعورك ؟ وماذا كنت ستفعل في هذه السويعات أو اللحظات المتبقية من عمرك ؟
بالطبع سيكون حالك كحال الطائر الذي وقع في شباك صيّاده ويترقب مصيره المحتوم ؛ بالطبع ستخاف خوفاً شديداً لا بل يفوق خوف الطائر الواقع في قبضة الصّياد .
نعم ستصاب بالذعر الشديد ، لهذا الموقف الرهيب طابع ولون مختلف عن خوفك من أمور أخرى ، كيف لا تخاف وملك الموت فوق رأسك ينتظر الأمر من الواحد القهار ليقبض روحك!!
نعم انه هادم اللذات ، انه مفرّق الجماعات ، وميتم البنين والبنات ، انه الموت ، انه الحاجز الكبير الذي يحول بينك وبين أحبائك ، انه الحاجز الحديدي الضخم الذي يحجزك ويحجبك عن كل من تحب ، انه الخاتمة لوجودك على الأديم ، بإذن من رحمان رحيم .
إن حالة الخوف الشديدة التي ستظهر علينا ونشعر بها من زيارة هذا الضيف غير المرغوب به عند البعض ستجعل الكثير منا يلجأ إلى المزيد من العبادة والمزيد من الاستغفار والاكثار من فعل الخيرات لأنها ستكون فرصته الأخيرة قبل مغادرته هذه الحياة ، ولربما يتوجه إلى أحبائه وذويه من أجل توصيتهم وتوديعهم ، ولربما يصاب البعض بحالة الهستيريا من هول الموقف ووقع الخبر وتأثيره عليه .
الموت لا يميز بين صغير أو كبير ، أو أمير ووزير أو عالم أو جاهل ...
"إن أجل الله لا يؤخر لو كنتك تعلمون"
إن حب الدنيا وطول الأمل والغفلة ينتج عنه كراهية الموت وهذا هو الداء الذي أصاب الكثير منا ولم يبادر أكثرنا في إيجاد الدواء من أجل الشفاء.
قد تختلف المواقف قليلاً إلا أن معظمنا في النهاية يتقبل هذا الحق وهو كاره له .
لقد أثرت هذا الموضوع ووجهت هذا السؤال من أجل لفت الأنظار لطريقة الحياة التي نعيشها في هذا الزمن العجيب لما يحدث فيه من تجاوزات عند أغلبنا ، عند العامة وعند الخاصة ، عند السيّد وعند المسود ، عند الشاب والفتاة وعند الكبير والصغير، لما آلت إليه أحوالنا من مخالفات وتجاوزات بعيدة كل البعد عن تعاليم الشرع الحنيف وسنّة المصطفى ومخالفة أمره .
لقد طرحت هذه السؤال من أجل أن نحاول ولو محاولة الدوس على الفرامل من أجل التخفيف من سرعة هوى النفس وحب الشهوات والتي تزيد ولا تنقص في زمان أصبح المرء منا مكشوفا على الكثير من الفتن والمغريات والتي أصبحت قاب قوسين أو أدنى منّا ، كيف لا وقد أراد الشيطان أن يقصر علينا المسافات (حرصاً على راحتنا) وأوصل الفتن والمغريات إلى عقر بيوتنا.
إن الدوس على دواسة فرامل أعمالنا المخالفة لأوامر الله ورسوله ، وكبح جماح أنفسنا من فعل السوء والمنكرات يساهم وبشكل كبير إلى إدخال الطمأنينة والراحة النفسية والرضا إلى قلوبنا إضافة إلى ذلك سيملأ القلوب بالإيمان وتفريغها من الآثام والعصيان .
تكاد ان لم تجد أحدا إلا وقد يشكو من الكلل والملل والكآبة وضنك العيش ، وقد نلوم الزمن أو الظروف في كثير من الأحيان ونعيب الزمن ونبرئ أنفسنا من كل عيب أو لوم ، وأجدر بنا أن لا نلوم أحدا إلا أنفسنا وأن لا نعيب إلا أنفسنا الأمارة بالسوء والتي تحرضنا على ارتكاب المعاصي والمنكرات ؛
ولله در الشاعر عندما قال:
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
فيجدر بنا ألا نلوم أو نعيب الا أنفسنا التي غرقت في بحار بل محيطات من المعاصي ، وقد تجد أقلنا جرأة على المعصية قد يتهاون ويستغيب ويمشي في النميمة والحسد ؛ أما أكثرنا جرأة فحدث ولا حرج من إقباله على الموبقات والكبائر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لقد ماتت فينا كثير من الأشياء قبل أن تموت أجسادنا ، ووافقنا على موتها ولم نخف أو نرتعش أو نتأسف على موتها ، لا بل بموتها شعرنا بأننا أحرار!!
نعم وافقنا واستمتعنا عندما ماتت الغيرة فينا ، ولم نكترث لموت المودة والرحمة بيننا ، ولم نكترث لموت أو فقدان الاستقرار النفسي فينا .
إن التقرب من الله هو الدرع الواقي الذي يحمي من هلاك النفس ووقوعها في المعاصي فمن أجل الخروج من محيط المعاصي الذي كدنا أن نصل إلى قعر مياهه فينبغي علينا أن نسارع في الخروج إلى شاطئ أعمال البر والصالحات فعندها لا يضيرنا ولا نكترث ان جاءنا ملك الموت لأنها تكون بداية حياة أخرى في حال موتنا.

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة