تيسير نجح في "حربه" على إسرائيل واستلّ من أنياب السلطة حق الإقامة المؤقتة لزوجته وذلك سنة 2006
العائلة تعيش "معركة" مضنية من المراجعات وتقديم الأوراق وتتحمّل فظاظة وتدخل الموظفين الأمنيين في خصوصياتها وكل ما يرافق هذا من عروض مشينة تخص كرامة العائلة القومية والوطنية
عُقد مؤخرا مؤتمر صحفي من قبل المؤسسة العربية لحقوق الانسان في مدينة الناصرة برئاسة محمد زيدان بعنوان "قانون يسلب المواطنة" لمناقشة تعديل قانون المواطنة وأثره على العائلات الفلسطينية في إسرائيل على خلفية قرار الحكومة الإسرائيلية في أيار 2002 بأن "قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل" الصادر سنة 1952 لا يسري عملياً على المواطنين العرب الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، إذا ما أتخذ المواطن العربي شريكاً لحياته من المناطق العربية منذ حزيران 1967- أي من الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكان من بين المشاركين بالمؤتمر الصحفي تيسير خطيب من سكان مدينة عكا ولانا خطيب أصلاً من سكان مدينة جنين في الضفة الغربية، وقد سردا معاناتهما الممتدة لسنوات حيث جاء في تقرير المؤسسة العربية لحقوق الانسان من خلال البحث الميداني الذي قام به سميح غنادري: "يقوم الشاب تيسير خطيب، من مواليد عام 1973 من مدينة عكا، بزيارة مخيم جنين في الضفة الغربية سنة 2002، حيث كان هدف الزيارة جمع معلومات عن هوية اللاجئين الفلسطينيين لدراسة الدكتوراة التي بدأ الإعداد لها بعد تحصيله لمنحة دراسية من جامعة في كندا. وكان قد أنهى دراسته الجامعية للقب الثاني في جامعة ألمانية متخصصاً في موضوع الأنثروبولوجيا- علم الأنسنة وفي جنين يوجّهه المسؤولون الى مكتب وزارة الصحة. يلتقي هناك بالموظفة المسؤولة في المكتب- لانا خطيب. وهي من مواليد سنة 1978".
حدث ما هو أشبه بالحقل المغناطيسي بينهما، "انجذبتُ إليها" يقول تيسير."جذبني ذاك الشاب" تقول لانا. كان على تيسير أن يعود بعد أسبوع لجنين للمكتب لأخذ معلومات ستعدها له "الموظفة". لكنه عاد في اليوم التالي "ليس من أجل المعلومات فقط"- قال لي تيسير. "فوجئت" بعودته في اليوم التالي، وكنت أنتظر وأتوقع هذا"- تقول لي لانا. وكنتُ قد التقيتُ بكل منهما على انفراد.
حب رغم الحواجز
هذا وتكررت الزيارات والحب بدأ ينمو رغم الحواجز ورغم كون المخيم- جنين- يعيش يومها فترة اجتياح عسكري عنيف. يتفقان على الخطوبة. يتحفظ أهل لانا في البدء لفترة وجيزة من هذه العلاقة من باب القلق على مصير ابنتهم. فأولاً ستتغرّب الى كندا حيث سيواصل تيسير دراسته الأكاديمية، فهل سيعودان الى الوطن بعد الدراسة؟ وإن عادا مَن سيضمن المواطنة للانا في إسرائيل؟ وكان قد صدر يومها "التعديل رقم واحد لقانون المواطنة" الذي يمنع ذلك.
لانا وتيسير يخطبان بمباركة الأهل عام 2003 ويجد تيسير الحل عام 2005 فيستغل ثغرة في القانون تجيز للأقرباء من الدرجة الأولى زيارة أقربائهم، رغم الحظر الجارف لعبور الحدود، وذلك في حالات استثنائية خاصة- مثلا مرض خطير. أم تيسير مريضة جدا. ولانا- خطيبته، إذ عقد قرانه عليها في جنين قبل سفره الى كندا. تحصل الخطيبة ووالدتها فقط، دون إخوتها، على تصريح بزيارة أم تيسير ليومين. تصل عكا لتجد، حسب التخطيط المسبق، قاعة الأعراس جاهزة. يتزوجان. في صباح اليوم التالي للعرس تغادر العروس – الزوجة، بيت زوجها في عكا وتعود الى جنين.
حق الإقامة المؤقتة للزوجة لكن تيسير نجح وإستلّ من أنياب السلطة حق الإقامة المؤقتة لزوجته، وذلك سنة 2006. وتلك إقامة يجب تجديدها سنوياً. وكل سنة، وعلى مدى ثلاثة أشهر قبل انتهاء مدة التصريح السنوي للزوجة بحقها في أن تعيش مع زوجها(؟!)، تعيش العائلة "معركة" مضنية من المراجعات وتقديم الأوراق. وتتحمّل فظاظة وتدخل الموظفين الأمنيين في خصوصياتها، وكل ما يرافق هذا من عروض مشينة تخص كرامة العائلة القومية والوطنية. ويصل الأمر أحياناً حد نصيحة الزوجة من قبل ضابط أمن بأن تطلّق زوجها. تنتهي أشهر المرارة هذه "بانتصار" الزوجين وتحقيق حق استمرار عيشهما معاً، مؤقتاً لسنة إضافية. هكذا هي الحال حتى اليوم – نيسان 2012.
لقد صدّق العالم الرواية الخيالية للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز "الحب في زمن الكوليرا". فلماذا لا يصدّق رواية واقعية سطرّتها حياة تيسير ولانا وعدنان ويسرى. أبطالها أحياء يُرزقون. هم الضحية والشاهد، الرواية والراوي. أسم روايتهم: "الحب في زمن الأبرتهايد".