الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 26 / يونيو 10:01

الاخفاق في مكارم الأخلاق /بقلم:جميل أبو خلف

كل العرب
نُشر: 08/11/12 12:21,  حُتلن: 08:00

جميل أبو خلف في مقاله:
 
كم من المواقف والأحداث اليومية نتعرض لها ولا نتذوق الذوق والمنطق والأخلاق ولا نقيم لهذه الامور وزنا أو ذكرا

لم نرق بأخلاقنا والحمد لله إلى ما وصل إليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا حتى لمستوى اخلاق صحبه الكرام ولا ادنى من ذلك ولكن فلنحاول أن نتحلى بالذوق قدر المستطاع

غابت الأخلاق فينا إلا من رحم الله وسادت بيننا أجواء البغض والنزاع والتناحر بسبب غياب الدين الذي هو أساس مكارم الأخلاق وتفشت الرذيلة لأن القلوب خالية من التراحم والتسامح والمحبة

يتوهم الإنسان أنه على مستوى رفيع من الأخلاق والذوق السليم لكنه يخفق في ذلك ويكون العكس عندما يتعرض لموقف بسيط في العمل أو في الشارع أو في أي مكان آخر عندها يظهر قبحه وبعده عن الجمال الحقيقي

يهتم كثير من الناس في لبس أجمل الثياب وهذا جيد ويهتمون بالتطيب بأحسن الطيب وهذا جيد ويهتمون كذلك بالظهور بهيئة حسنة وأنيقة وهذا جيد أيضاً وقد يلبسون أحسن أنواع الزينة من الذهب والفضة ليتباهوا امام الناس بأناقة المظهر وجماله!!

كم هو جميل حقاً أن نتحلى بالأخلاق الحميدة في تعاملنا مع الآخرين، وكم هو جميل حقاً بأن نتزيّن بحسن الخلق، والأجمل من هذا كله أن نشعر بهذا الجمال وهذه الزينة الحقيقية مع الجميع وفي كل لحظة من لحظات حياتنا، وفي كل الظروف، ساعة الشّدة، وساعة الرخاء، وفي كل الأوقات السعيدة وفي لحظة الغضب والبؤس، وهنا تكمن أهمية مكارم الأخلاق. فأين نحن من حسن الخلق ؟ وأين نحن من الذوق؟ وأين نحن من الفضائل؟ وأين نحن من الكلمة الطيبة؟.

جمال الجوهر
يهتم كثير من الناس في لبس أجمل الثياب وهذا جيد، ويهتمون بالتطيب بأحسن الطيب وهذا جيد، ويهتمون كذلك بالظهور بهيئة حسنة وأنيقة وهذا جيد أيضاً، وقد يلبسون أحسن أنواع الزينة من الذهب والفضة ليتباهوا امام الناس بأناقة المظهر وجماله!! في تصوري أن كل هذا مقبول ومحمود ولا بأس به، طالما لم يخالطه ما يغضب الله ويتجاوز حدوده. والسؤال: هل المهم هو جمال المظهر أم جمال الجوهر؟ اعتقد أن العاقل من البشر سيختار حتما جمال الجوهر أولا مع الاحتفاظ بالحق بجمال المظهر.لماذا استجبنا لنداء الله في جزئية اللباس ورفضنا التزين بالأخلاق الحميدة ولباس ثوب الفضيلة والمروءة والذوق؟.

أساس الرقي
قد يظن كثير من الناس بأنهم إذا امتلكوا المال أو المسكن في مكان راق أو حيّ هادئ قد يتحولون مباشرة الى الرقي ظناً منهم بأن كثرة الأموال دليل على الرقي والتحضر وينسون أو يتناسون أن أساس الرقي يكمن في أخلاقهم الحسنة في تعاملهم مع الناس!! يتوهم الإنسان أنه على مستوى رفيع من الأخلاق والذوق السليم لكنه يخفق في ذلك ويكون العكس عندما يتعرض لموقف بسيط في العمل أو في الشارع أو في أي مكان آخر، عندها يظهر قبحه وبعده عن الجمال الحقيقي بعدما ظهر للناس بأحسن الثياب.

التعامل مع الآخرين
كم من المواقف والأحداث اليومية نتعرض لها ولا نتذوق الذوق والمنطق والأخلاق ولا نقيم لهذه الامور وزنا أو ذكرا !! فمعظمنا يظن انه قمة في الذوق والأخلاق! لكنه سرعان ما يرسب في ابسط اختبار!! فمثلا تراه يرفع صوته ويجهر به ويغفل عن امتعاض الناس وإيذائهم ، وتراه يؤذي جيرانه وأصدقاءه وأقرباءه دون اكتراث بمشاعرهم او حتى تقبل انتقادهم له .
كم هي نسبة الاشخاص الذين ينتقون أفضل العبارات وأجمل الكلمات عندما يتكلمون ويتعاملون مع الآخرين ؟ وما هي نسبة الذين يستخدمون عبارة "لو سمحت" او "من فضلك " او "اذا تكرمت " ؟ وكم هي نسبة الذين ينتظرون أدوارهم لمراجة الموظفين او المسؤولين في العيادات أو المؤسسات أو في الأماكن العامة ؟ كم نسبة من يسلبون البعض حقهم في تلقي الخدمات ويتلفظون بكلام جارح :" زيح شوي" او ابعد اشوف " وغيرها ... الأمثلة وللأسف هي كثيرة في هذا المجال، والمؤسف أكثر ان هذه التصرفات غير الأخلاقية لا حدود لها عند اصحابها فتراهم يفخرون ويعتزون بقلة الذوق وهذا يدل على جهلهم وحماقتهم وبعدهم عن المنهج السوي عرفا ودينا .

اكتساب حسن الخلق
أما آن الأوان أن نقف وقفة متأنية وجريئة نتحدى بها أنفسنا ونكبح جماحها من خلال ارغامها على الالتزام بحسن الخلق والذوق السليم ونحيدها عن قلة الحياء والصلف ! فإذا كان احدنا يبحث عن ثيابه من ماركات عالمية مشهورة وذات جودة فلماذا لا يحرص الناس على اكتساب حسن الخلق من سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا رسول الله ؟ الم ينزل الله فيه قرآنا يتلى الى يوم القيامة يوم قال :" وانك لعلى خلق عظيم " الم يقل امير الشعراء احمد شوقي في اشهر قصيدة له البردة وهو يبكي حال الامة كيف تركت اخلاقها وألقتها وراء ظهرها:
بنيت لهم من الاخلاق ركنا فخانوا الركن فانهدم اضطرابا
وكان جـــــنابهم فيــها مهـــــيبا وللأخــــلاق أجـــدر أن تهابا
الم يقل رسول الله عليه الصلاة والسلام : "انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق "
الأصل أن نستمد أخلاقنا وحسن تعاملنا وتصرفاتنا من تعاليم ديننا الحنيف ومن خير البشر الشفيع المشّفع بالمحشر محمد صلى الله عليه وسلم والذي كان مثالاً يحتذى به في تصرفاته وكلامه مع الآخرين حتى وان كانوا غير محقين في بعض الأحيان ، ولنا في هذا المقام عبرة نأخذها منه ونتعلم منه صلى الله عليه وسلم عندما جاء احد اليهود يطالبه بدين قد استدانة منه الرسول الكريم حيث تعامل معه هذا اليهودي بغلظة وحاول فضحه أمام المسلمين بالمسجد علماً بأن الوقت المحدد لموعد تسديد الدين لم يأت بعد فغضب عمر بن الخطاب واستل سيفه لقلة احترامه للرسول صلى الله عليه وسلم فعندها طلب الرسول من عمر بن الخطاب أن يتركه وعزم الرسول صلى الله عليه وسلم إرجاع المبلغ لهذا اليهودي ولكن في النهاية تبيّن للرسول صلى الله عليه وسلم وباعتراف من اليهودي بأنه أراد أن يختبره في أخلاقه وعندما أبدى الرسول الكريم حسن خلقه العظيم ما كان من هذا اليهودي إلا أن أعلن إسلامه !!

مكارم الأخلاق
لم نرق بأخلاقنا والحمد لله إلى ما وصل إليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا حتى لمستوى اخلاق صحبه الكرام ولا ادنى من ذلك ، ولكن فلنحاول أن نتحلى بالذوق قدر المستطاع ولنراقب تصرفاتنا وأفعالنا مع الآخرين لعلنا نحظى بمجالسة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ؛ ألم يقل الرسول الكريم أن "من أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقا" ؟. ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن أكثر ما يُدخل الجنة قال " تقوى الله وحسن الخلق " ؟. إن الأزمة التي يعيشها الناس ولا سيما المسلمون هي أزمة أخلاقية بالدرجة الاولى، ولم نفلح إلا عندما تسود بيننا وفينا مكارم الأخلاق.

التعامل الإنساني
لقد غابت الأخلاق فينا إلا من رحم الله ، ولقد سادت بيننا أجواء البغض والنزاع والتناحر بسبب غياب الدين الذي هو أساس مكارم الأخلاق ، لقد تفشت الرذيلة لأن القلوب خالية من التراحم والتسامح والمحبة ، وكثرت المشاحنات والأحقاد بسبب فقداننا للجانب الأخلاقي والذي هو من ضروريات وأساسيات التعامل الإنساني. في بداية الدعوة الإسلامية كان الناس يدخلون في دين الله أفواجا بسبب حسن الخلق ولكن في وقتنا الحالي أصبح بعض الناس يخرجون عن دين الله بسبب أخلاق المسلمين الذميمة ، ولأنهم نسوا ما قال نبينا الكريم : "الدين المعاملة ..." فهل وقفت أخي الحبيب مع نفسك وقفة صادقة ووقفة رجل شجاع من أجل تزيين نفسك بزينة الأخلاق ؟ 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة