الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 26 / يونيو 10:01

وا مرساه وا اخواناه/ بقلم: جميل أبو خلف

كل العرب
نُشر: 20/11/12 13:50,  حُتلن: 08:36

جميل أبو خلف في مقاله:

الفلسطينيون ظنوا أن القضية الفلسطينية ثابت من ثوابت السياسة المصرية سيما وأن حركة حماس تعتبر الأخت التوأم لحركة الإخوان المسلمون في مصر وفي العالم الإسلامي

مع تفاؤلي وفرحتي بظهور هذه الأنظمة الجديدة وبقدوم رؤساء جدد لهذه الدول التي حصلت فيها الثورات أو ما يسمى الربيع العربي فإنني لم ألاحظ بأن هذا الربيع قد علا وكست زهوره ظهر البسيطة بالشكل الذي كنت وكان الكثير ينتظره ويتوقعه

كنت من المتفائلين كثيراُ عندما هبت رياح التغيير في بعض الدول العربية والإسلامية عندما ثارت شعوب هذه الدول ضد رؤسائها لتقول كلمتها ولتستنشق عبير الحرية والديمقراطية بعدما ذاقت من الرؤساء المخلوعين كؤوس الظلم والاضطهاد طيلة قرون خلت

لعل الكثير منا قد سمع أو قرأ عن تلك المرأة التي صرخت مستغيثة عندما وقعت في أسر الروم، صرخة ونداء واستغاثة منها إلى خليفة المسلمين المعتصم بالله عندما نادت وامعتصماه وكأن لسان حالها يقول أين أنت يا خليفة المسلمين، خلصني من ظلم زعيم الروم وفك أسري ؟ وعلى الفور بلغ الخبر المعتصم وبعث برسالة شديدة الاختصار إلى هرقل ملك الروم تخلو من كل مجاملة أو إطراء وجاء فيها : من المعتصم خليفة المسلمين إلى كلب الروم (وليس إلى صديقي العظيم) إن لم تطلق سراح هذه المرأة المسلمة فسأبعث إليك جيشاً أوله عندك وأخره عندي، وعندما لم يستجيب سار اليه الجيش الإسلامي وحاصر عمورية وأطلق سراح هذه المرأة. هذه النخوة الإسلامية ..هكذا تكون نخوة المسلم تجاه أخيه المسلم، وهكذا هي استجابة المسلم عندما يستغيث أخوه المسلم طالباً منه العون والنجدة واضعاً نصب عينيه حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضواً تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

استبدال أنظمة الحكم الدكتاتورية
لقد كنت من المتفائلين كثيراُ عندما هبت رياح التغيير في بعض الدول العربية والإسلامية عندما ثارت شعوب هذه الدول ضد رؤسائها لتقول كلمتها ولتستنشق عبير الحرية والديمقراطية بعدما ذاقت من الرؤساء المخلوعين كؤوس الظلم والاضطهاد طيلة قرون خلت.
نعم لقد تنفست هذه الشعوب الصعداء وفرحت بمجيء قيادات جديدة إلى سدة الحكم، وفرحت في استبدال أنظمة الحكم الدكتاتورية بأنظمة ديمقراطية ظناً منهم أن هذه الأنظمة قد تكون وبالطبع أفضل بكثير مما كانت عليه هذه الدول في زمن القيادة المتسلطة والمستبدة. لا يختلف اثنان في أفضلية النظام الديمقراطي عن النظام الدكتاتوري لأنه وببساطة يكون الرئيس في النظام الديمقراطي من اختيار الشعب ،وأن الشعب يستطيع تنحيته في حال لم يؤد هذا الرئيس واجباته ولم يلتزم ببرامجه التي وضعها في أجندته والتي تكون في الغالب لمصلحة دولته ومصلحة شعبه وأمته جميعاً.


الربيع العربي
إنني ومع كامل تفاؤلي وفرحتي بظهور هذه الأنظمة الجديدة، وبقدوم رؤساء جدد لهذه الدول التي حصلت فيها الثورات ، أو ما يسمى" الربيع العربي " فإنني لم ألاحظ بأن هذا الربيع قد علا وكست زهوره ظهر البسيطة بالشكل الذي كنت وكان الكثير ينتظره ويتوقعه .
صحيح أن عمر هذه الثورات ليس بالكبير، وأنه يجوز تسميتها بدول حديثة الديمقراطية إلاّ أن هذه التسمية وهذا اللقب لا يمكن أن نرضاه وان كانت كذلك ؛ فمن المفروض أن نلمس التغيير ولو تدريجياً لهذه الدول ومواقف هذه الدول وإلا كيف يمكن أن تكون ثورة بدون تغيير ؟ وان جاز لنا أن نعطي تعريفاً لكلمة ثورة فيمكن تعريفها بأنه من الضروري أن يكون هناك تغيير جوهري وأساسي في المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية وغيرها من المجالات التي تنفع المواطن والدولة مع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي تحصل على الساحتين الإقليمية والدولية .
لقد كان أول المتفائلين من جلوس مرسي على كرسي الرئاسة هو الشعب الفلسطيني وخاصة المحاصر منه (قطاع غزة) بأن تتغير أحوالهم ويرفع الحصار الإسرائيلي الجائر عنهم والذي دام خمس سنوات،ورغم أن مصر فتحت الأبواب للفلسطينيين بالعبور من معبر رفح إلا أن هذا الأمر لم يكن كافيا إذ لم يسمح للفلسطينيين بالتنقل بشكل حر ودائم .

وعود مرسي
لقد كانت وعود السيد مرسي قبيل انتخابه رئيساً لمصر أنه وفي أعقاب انتخابه رئيساً ، أي في حال فوزه بالانتخابات أن حصار غزة لن يستمر يوماً واحداً وان الفلسطينيين وعلى وجه الخصوص شعب غزة سيحظون بحياة كريمة تتوفر فيها كل مقومات الحياة ، وأضاف أن مصر ستنهض وتعيد مكانتها العربية ولن يهزأ بها أحد بعد اليوم ..لقد التزم النظام الجديد في الاتفاقيات والمعاهدات المبرمة مع الجانب الإسرائيلي ولم يستطع اتخاذ المواقف أو القرارات التي تخدم مواطنيه ، ومن أجل رفع الحصار الكامل ورفع الظلم عن الفلسطينيين في غزة في الوقت الذي طرح نفسه كبديل وكمعارض لسلطة وحكم مبارك الجائر فأغلقت الأنفاق المؤدية إلى رفح المصرية وبقي الحال كما كان عليه في السابق .
لو التفتنا من حولنا وتوجهنا بأبصارنا إلى ما يحدث في غزة وما يعاني منه الفلسطينيون هناك لخرجنا جميعاً بصوت واحد لنقول للسيد مرسي لقد قطعت على نفسك وعودا تجاه الغزيين ولم تنفذها حتى ألآن. ناهيك عن الحصار المفروض وما يترتب عليه من أضرار ومخاطر على شعب غزة وناهيك عن إغلاق الأنفاق، فبهذه الأيام لم يتعرض الغزيون للحصار فحسب ، ولم يتعرضوا للجوع فحسب بل يتعرضون للقتل بأعتى وأقوى آلات الحرب المتاحة لدى الاسرائيليين وبالبث المباشر أمام أعين العالم الإسلامي بما فيهم أكبر دولة عربية وهي مصر والذين هم اخوانهم بالدين .
إن الواجب الديني والأخلاقي يحتم على السيد مرسي اتخاذ قرارات تصعيديه من أجل مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة بالشكل المناسب للغطرسة الإسرائيلية والاستهتار الإسرائيلي بالغزيين وبالعالم العربي أجمع. إن كانت هناك خطوات أو مواقف من جانب الرئيس المصري تجاه العدوان التي تتعرض له غزة مثل سحب السفير المصري وطرد سفير إسرائيل من مصر فهذه الخطوات في تصوري تبقى هشة لا وزن لها ولا قيمة.
لقد سئم الشعب الفلسطيني من المواقف والإجراءات التقليدية مثل سحب السفير أو الدعوة إلى اجتماع طارئ ، ولو رجعنا بالذاكرة قليلاً لتذكرنا أن مثل هذه المواقف كانت تتخذ في فترة حكم مبارك . لقد انتظر الشعب الفلسطيني وما زال ينتظر الخلاص من الدولة الجارة، بل قل من إخوانهم المسلمين الذين هم امتداد لهم وإخوانهم في الدين والعقيدة.

صراخ نساء غزة لمرسي
لقد صرخت هذه المرأة بأعلى صوتها حتى لامست نخوة المعتصم فأجابها وها هم نساء وأطفال وشيوخ غزة يصرخون ويرسلون النداءات المتكررة لكل من كان عنده حس إنساني وإسلامي،ولكل الشرفاء عله يخرج من بينهم من يسمع استغاثتهم وصراخهم .
إن عبارات الاستنكار والشجب التي نسمعها من هنا وهناك على لسان بعض الرؤساء العرب لا تسمن ولا تغني من جوع ، وان المساعي الدبلوماسية التي يبذلها المصريون أو غيرهم كذلك لا تسمن ولا تغني من جوع في الوقت الذي يقتل الشعب الفلسطيني ويتعرض للاضطهاد والجوع ، وانه لا بد من اتخاذ خطوات جدّية وجريئة لإنقاذ وإغاثة الشعب الفلسطيني من الهلاك ومن القتل الذي يتعرض له كي لا تتكرر مجزرة 2008 والتي راح ضحيتها ما يقارب ال- 1000 شهيد .
لقد ظن الفلسطينيون أن القضية الفلسطينية ثابت من ثوابت السياسة المصرية سيما وأن حركة حماس تعتبر الأخت التوأم لحركة الإخوان المسلمون في مصر وفي العالم الإسلامي فالأحرى أن تأخذ هذه القيمة وهذه القرابة الأيديولوجية والعلاقة المميزة معنى أفضل ودورا أكبر كي يشعر الشعبان أنهما جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .
نعم كيف لا وقد بدا حكم الإخوان من غزة حتى نواكشط ، كيف لا وقد علقت الآمال الكبيرة بعد صعودهم إلى الحكم ؛ فالرغبة والأمل لدى الغزيين بأن تصرخ نساء غزة وينادين أخاهم وامرساه وينادونه وااخواناه فيستجيب لهم في الحال وبدون مقدمات ؛ فهل يسمع معتصم مصر نداء إخوانه في غزة؟. 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net
 

مقالات متعلقة