الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 05:02

ذوو الاحتياجات الخاصةً في مجتمع جاهل/ بقلم: رزان بشارات

كل العرب
نُشر: 23/05/13 11:14,  حُتلن: 14:21

رزان بشارات في مقالها:


نحن في مجتمع جاهل لا يميز بين الخير والشر ولا يميز بين الصالح والطالح البشر فيه شقتهم الرياح العاصفة الى عدة اقسام وطبقات

العاجز هو الانسان الذي يجلس دون جدوى ومنفع العاجز من يضرب ويقتل العاجز من يبغض ولا يحب العاجز من لا يتنفس صفاء قلوبكم

اطلب من مجتمعي التعامل بقلب واسع مع اولئك الاشخاص فالبراءة عنوانهم والابتسامة افتتاحية نهارهم عيونهم لامعة بنظرات الصدق والحب للحياة

هؤلاء الاشخاص الذين يصفهم المجتمع بذوي الصفات الخاصة ينسون أنهم مشابهون لديهم الاعاقات والاحتياجات الخاصة ولكن في وجه آخر

في صباح ذات يوم مشمس والأمل يناشدنا وجدت نفسي اصافح الافق البعيد وتخطر ببالي العديد من الافكار التي تقودني الى مخيلتي العريقة.. وسألت نفسي.. هل يصح لنا العيش في مجتمع متدهور؟ او يجب أن نبني مخططنا لمجتمع افضل؟ وهل نحن ما عليه من خصال توّجَت شخصيتنا وكياننا هي تأثيرا للمجتمع، للثقافة وللعائلة، أم أننا نخلق مميزاتنا بانفسنا تحديا للواقع، فللأسف.. كل منا لديه رؤيته التي تميزه في الحكم على الظواهر المختلفة، فكل منا لديه قلمه الخاص، بلونه، بحدته، بنوعه وبثمنه، نلون ونرسم رسمة لم نعد نفهم منها سوى الحداد.. معا كونا رسمتنا التي تُعرِّف مجتمعنا.. المجتمع الذي يرحب الصدر لكل انحلال اضافي.. عذرا، مجتمعنا ليس مغلقا فهو كالفلتر او المصفاة ولكنه يعمل بطريقة معاكسة، ينقي النظيف ويلقي به خارجا، ويحتضن السيء بشوائبه.. وكأنه يجدف بالقارب عكس التيار.

الخجل
بدأ نهاري والساعة تقارب الثانية عشر ظهرا، ذهبت الى النويدي الذي يجمعني ببعض الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وكالعادة يبدأ انسجامي معهم بتبادل النظرات، الابتسامة ومن ثم القاء التحية، فيميزون ابتسامتي ويدركون مفادها. رأيتهم مجتمعون في الفناء المقابل للمركز، كانوا يتبادلون الاحاديث، الغناء، العزف والرقص اثناء تجولي لفتت انتباهي شابة تجلس جانبا قد حوطت عالمها بسياج متين... سيطر فضولي على خطواتي واذ بي أرى نفسي أربت على كتفها وأحدق في عينيها المتجمدتين.. وسألتْ وكأنها كانت قد جهزت سؤالها، اتقنت صيغته، احتبست مشاعرها واعطت زمام الامور لعقلها وناشدته للسيطرة وثم سالتني: من أنا؟ قلت اسمها ومميزاتها عاودت الكرّة وسألت: من أنا؟ ولم تنتظر اجابتي أو ردة فعلي واكملت انا خجولة، اخجل من كل الاشخاص حولي ولا استطيع اللعب ولا الضحك ولا الغناء مثلهم.. لماذا تعامليني وكانني مخلوق عادي؟؟

الإختلاف
نظرت اليها ودموعي تغلغل في عيني.. دون ان ادعها تلاحظ ارتجاج يدي.. ورجفة قلبي..وقلت: اتعلمين .. انك ربما تكوني فعلا مختلفة.. ولكن هذا ما يميزك عن الآخرين... انظري الى جوفك الى اعماق قلبك، وطلبت منها أن تحدثني عن امور جميلة حدثت معها، اردت أن اخفف حدة ألمها ولكنها اجابت ودموعها بدأت بالتساقط دمعة تلو الاخرى وصوتها المنخفض الحزين بدا وكأن الذئاب إفترسته واصبح قاسيا.. لا انت تسخرين مني.. ليتك ترين وجوه البشر كيف ينظرون الي.. قلت في سري، نحن في مجتمع جاهل.. لا يميز بين الخير والشر ولا يميز بين الصالح والطالح.. البشر فيه شقتهم الرياح العاصفة الى عدة اقسام وطبقات، المظاهر حفرت لهم حجرة الهلاك ، النفاق ،الكذب، القتل ،الشهوة وادخلتهم في دوامة الاعصار القاذفة.. فكيف له أن يميز جمالك الداخلي ويتجاهل الخارج.. ولكني احتضنتها بقوة ولم استطع التعبير لها إلا بفتات من الكلام.. الجوهر الجوهر هو ما يغلب.. فصمت..واكملتْ بنبرة أحن.. وكأنها تتوسلني لانقاذها من طوفان صارم شديد.. انا عاجزة؟ .. أجبت؛ طبعا انت لست عاجزة .. فالعاجز هو الانسان الذي يجلس دون جدوى ومنفع.. العاجز من يضرب ويقتل .. العاجز من يبغض ولا يحب...العاجز من لا يتنفس صفاء قلوبكم..العاجز من لا يتمتع بالحان ربيعكم.. ومن ينظر اليك ولا يتعمق بدفء مشاعرك هو ذلك الشخص العاجز.

احتياجات خاصة
شردت افكاري بعد هذا الحديث معها.. انها شابة في العشرين من عمرها.. لديها احتياجات خاصة، هنالك خلل جسماني في بعض اعضاء جسدها.. نظرت لكل من حولي ودققت النظر بعدة امور وبعد التساؤلات وكل علامات الاستفهام التي استقرت جوفي.. ادركت أن ليس هنالك بشر وانما نسور جارحة! المجتمع.. من اطلق على هؤلاء الاشخاص (ذوي الاحتياجات الخاصة) ووضعهم في فئة مختلفة.. ما بالكم! هيا فلنخرج من قوقعة الظلام ونحرر تفكيرنا للخير والسلام، نستطيع أن نوجه أفكارنا بإرادتنا وعزيمتنا، اطلب من مجتمعي التعامل بقلب واسع مع اولئك الاشخاص.. فالبراءة عنوانهم والابتسامة افتتاحية نهارهم، عيونهم لامعة بنظرات الصدق والحب للحياة.. صادقون في مشاعرهم واضحون للغاية دون تجمل لا يعرفون الخصام يتمتعون بدفء خاص وقلب ابيض.. لا يجاملون ولا يتجملون.. حبهم للحياة اكبر من حب الحياة لهم وحبهم للاشخاص الذين حولهم اكبر من حب أولائك الاشخاص لهم.. يتقربون من كل فئات المجتمع بعفوية دون حسبان.. الا أن فئات المجتمع تصنفهم بصفات خاصة.. هؤلاء الاشخاص الذين يصفهم المجتمع بذوي الصفات الخاصة ينسون أنهم مشابهون لديهم الاعاقات والاحتياجات الخاصة ولكن في وجه آخر..

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة