الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 23:02

طريقة جراحيّة حديثة لعلاج مشاكل المفاصل/ بقلم: د.رامي كردوش

كل العرب
نُشر: 22/07/13 15:47,  حُتلن: 16:04

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

د.رامي كردوش:

إلتهاب المفاصل مرض يسبّب تآكل الغضروف وفي حالات أكثر حدّة يؤدّي إلى تآكل العظم أيضًا

يعاني في البلاد حوالي 150,000 مريضٍ نن مرض التهاب المفاصل غالبهم فوق جيل الخمسين

لا تهملوا الآم مفاصلكم ولا تعتقدوا أنّها قدر يتعلّق بالسّنّ فالحلّ الجراحيّ الحديث سيغيّر من حياتكم وبأقلّ الأضرار

بموجب الطّريقة الحديثة وخلافًا لطرق أخرى متّبعة في البلاد لا يتمّ إحداث جروح قطعيّة في العضلات الّتي لها وظيفة حاسمة في موازنة المفصل والحفاظ عليه

تزوّجت قريبة لي منذ 30 عامًا رجلاً، وكان قد حدّثني في بداية تعرّفي به أنّه قد تمّ تشخيص تغييرات تآكليّة متقدّمة في مفصلي وركه، وكان آنذاك في نهاية العشرين من عمره.


د.رامي كردوش

رغم حداثة سنّه نسبيًّا، فقد كان حينها يعرج بصورة حادّة، ولم يكن متوازنًا في مشيته. استمرّ بالسّير رغم الألم طوال سنوات ممتدّة شاقّة، ممّا أثّر في جودة حياته بشكل نوعيّ، حيث رافقه ألم شديد عند تأدية كلّ نشاط وظيفيّ قام به خلال يومه، وكان ما يزال في عنفوان شبابه. مع مرور السّنين التحقتُ بكلّيّة الطّبّ، ومن ثَمّ تخصّصت في مجال جراحة العظام، وعندها فهمت حقيقة مشكلته. كنت قد عرضْتُ عليه، في أكثر من مناسبة خلال السّنوات الماضية، إجراء جراحة لتجديد مفصل الورك، لكنّه عارض ذلك بشدّة، تخوّفًا من العمليّة الجراحيّة. مرّت السّنوات وتفاقمت معها الأوجاع، ولم يشجّعه أحد في محيطه على إجراء الجراحة، ممّا عزّز رفضه، حتّى ناهز الخمسين وبدأ باستخدام عصا تساعده في المشي، ولم يعد يحتملُ أوجاعه، بعد أن صاحبته أكثر من عشرين عامًا. لكنّه قرّر، بعد تعسّر أدائه الوظيفيّ، إجراء جراحة لتغيير المفصل، وبعد أقلّ من ستّة أشهر من إجرائها زارني طالبًا تبديل المفصل في السّاق الأخرى.

مشاكل المفاصل
تؤرّق مشاكل المفاصل كلّ شخص ثان ممّن تجاوزوا جيل الخمسين، ولكنّ المشكلة لا تقتصر على هذا الجيل فقط، إذ تَكثرُ مشاكل المفاصل لدى صغار السّن، وخاصّة الّذين يعانون من السّمنة المفرطة، ومن خلال تجربتي لعدّة سنوات كتخصّصيّ عظام، لاحظت أنّ مشاكل المفاصل ترتبط بتأخّر العمر في المجتمع العربيّ بالبلاد، فعندما يستخدم الشّخص عصا للمشي، أو يستصعب صعود الدّرج، فإنّ الاعتقاد السّائد لدى الجمهور العربيّ أنّ ذلك مرتبط بتأخّر العمر، وأنّه جزء مسار طبيعيّ نحو الشّيخوخة، وبصفتي متخصّصًا في هذا المجال، أشدّد على أنّ الأمر ليس كذلك. المفصلان الأكبر في جسمنا هما مفصلا الرّكبة والورك، وهي تحمل كلّ ثقل وزننا، ويتضاعف حملها- وزن الجسم- سبعة أضعاف عند سيرنا. بسبب الحمولة الثّقيلة والاستغلال اليوميّ للمفاصل، فإنّها عُرضةٌ للإصابات والتّدهور الطّبيعيّ على مدار حياة الإنسان. كما يسهم تأخّر الجيل والرّغبة بالحركة في زيادة الحمولة الكبيرة في مفاصل الرّكبتين والوركين، وبسببها تتآكل المفاصل، ممّا يدفع بعضًا من الأشخاص إلى تغيير مفاصل الرّكبتين أو الوركين. إضافة لذلك، هنالك أمراض عصبيّة وعيوب خَلقيّة، تؤدّي إلى تشويه في المفصل، وتؤثّر سلبيًّا على أدائه وقدرة تحمّله.

إنتشار المرض
يعاني كلّ واحد من ثلاثة بالغين في الولايات المتّحدة من مرض التهاب المفاصل، ويعاني منه في البلاد حوالي 150,000 مريضٍ، غالبهم فوق جيل الخمسين. ينتشر المرض بصفة خاصّة وبنسبة 75% لدى النّساء، ومن بين أعراضه: ألم متعاظم في المفصل، انتفاخات وحساسيّات متزايدة، وتصلّب في المفصل، ممّا يعيق الحركة. يفاقم الوزن الزّائد حدّة الأعراض، كما يتبيّن أنّ النّساء في الوسط العربيّ يعانين من مشكلة تآكل الرّكبتين أكثر من مفاصل الورك.

الحل الجراحي
التهاب المفاصل مرض يسبّب تآكل الغضروف، وفي حالات أكثر حدّة يؤدّي إلى تآكل العظم أيضًا، ممّا يؤدّي إلى نشوء تهتّكات عظميّة داخل المفصل. ينتج تشوّه في المفصل خلال مراحل متقدّمة من المرض، ويؤدي ذلك لظهور حالة عرج معروفة لدى العامّة كرجلي X أو رجلي O. رغم أنّ الحلّ الجراحيّ المتمثّل في تبديل أو تجديد المفصل، يخفّف من الألم ويحسّن جودة حياة المرضى لأبعد حدّ، فإنّ نسبة قليلة من المرضى العرب نسبيًّا، يتوجّهون للحلّ الجراحيّ. يستمرّ هؤلاء بالمعاناة من الألم والإعاقة خوفًا من الجراحات، ونزولاً عند الاعتقاد السّائد خطئًا في كونها ظاهرة مرتبطة بتأخّر السّنّ.

إستطلاع
يتّضح من استطلاع هاتفيّ، قامت به شركة TNS- تليسكر، حول موضوع تبديل المفاصل في البلاد، وذلك في عيّنة مرضى ضمن أجيال 60-75، من أولئك الّذين عانوا بشكل ثابت من أوجاع الرّكبتين أو الوركين، وأيضًا في أوساط المرضى الّذين خضعوا لجراحة تبديل المفصل، أنّ:

* الدّافع المركزيّ وراء قرار إجراء الجراحة هو الألم غير المحتمل.

* حوالي %90 من الّذين أجروا جراحة تبديل مفصل، ممّن تمّ استطلاعهم، عبّروا عن رضا ملحوظ جرّاء نتائج الجراحة. حوالي نصف الرّاضين ذكروا أنّهم لو كانوا يعرفون أنّ النّتيجة ستكون كما حصل معهم، لكانوا اختاروا إجراء الجراحة في مرحلة أسبق.

* عندما تمّ سؤالهم حول الأمر الّذي يرضيهم بعد تغيير المفصل، أشاروا إلى عامل أساسيّ: "العودة للنّشاط الكامل والأداء السّليم".

ينشغل المرضى، في أحيان كثيرة، بسؤال: متى يمكنهم العودة لممارسة نمط حياة طبيعيّ بعد الجراحة؟ أقول وأشدّد: إنّ تغيير المفصل يتيح العودة لأطر حركة وحمولة معقولة وفق الوضع الّذي كان قبل المرض. مثلاً، في حال كان المريض معتادًا على الصّلاة والرّكوع، يمكنه القيام بذلك مجدّدًا عند شفائه بعد العمليّة.

تقنيّة مفصل الورك
تُدعى التقنيّة الحديثة لتبديل مفصل الورك: DAA) Direct Anterior Approach-)، وهي غير منوطة بجراحة قطعيّة في العضلات، ممّا حسّن بشكل دراماتيكيّ طبيعة الشّفاء بعد الجراحة، فبفضل الطّريقة الحديثة، تمّ تقصير زمن النّقاهة كثيرًا، وكذلك اختصار الآلام، والمحدوديّات اليوميّة، ومدّة المكوث (التّسرير) في المستشفى، والجرح المقطعيّ جرّاء العمليّة وغير ذلك من تداعيات العمليّة. بموجب الطّريقة الحديثة، وخلافًا لطرق أخرى متّبعة في البلاد، لا يتمّ إحداث جروح قطعيّة في العضلات الّتي لها وظيفة حاسمة في موازنة المفصل والحفاظ عليه. عندما نجري الجراحة بطريقة غزويّة مقتضبة، بين العضلات، فإنّ الغلاف العضليّ الّذي يغلّف المفصل يتمّ الحفاظ عليه، ويكون الشّفاء أسرع في الأصعدة كافّة.

نجاعة الجراحة
تمّ اتّباع الطّريقة الحديثة في وَحدة تبديل المفاصل في المركز الطّبّيّ "آساف هاروفيه" في الأشهر الأخيرة. وقد جاء ذلك تلبية لطلب بعض المرضى، حيث طلبوا بشكل صريح أن تتمّ جراحتهم وفق هذه الطّريقة، وذلك بعد أن سمعوا عنها وعن نجاعتها في الولايات المتّحدة. إنّ العديد من المراكز الطّبّيّة الرّائدة في الولايات المتّحدة تقوم بالجراحة وفق هذه الطّريقة الّتي يشهد الطّلب عليها ازديادًا ملموسًا.
لا تهملوا الآم مفاصلكم، ولا تعتقدوا أنّها قدر يتعلّق بالسّنّ، فالحلّ الجراحيّ الحديث سيغيّر من حياتكم وبأقلّ الأضرار.

*الدكتور رامي كردوش: نائب رئيس قسم العظام والمسؤول عن وحدة تغيير المفاصل في المركز الطبي اساف هروفي، تسريفين.

موقع العرب يدعو كافة الأطباء والصيادلة والممرضين وأصحاب الخبرة الواسعة في مجال الطب، الى إرسال مجموعة من المقالات التي تتعلق بالأمور الطبية على مختلفها لنشرها أمام جمهور الزوار الكرام لما فيه من توعية ضرورية للزوار. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الشخص المعني أو الطبيب، والبلدة وصور بجودة عالية على العنوان: alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة