الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 25 / نوفمبر 22:02

إنتخابات السلطات المحلية عرس ديموقراطي في مأتم اقتصادي واجتماعي/ د.سامي ميعاري

كل العرب
نُشر: 12/09/13 10:32,  حُتلن: 12:45

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

د. سامي ميعاري في مقاله:

البلدات العربية في مجتمعنا على موعد مع عرس ديموقراطي جديد يتمثل في انتخابات السلطات المحلية

عملية التحضير لمثل هذا اليوم لها أبعاد اقتصادية واجتماعية قد لا تكون سارة للمجتمع العربي في البلاد فالغاية يجب ألا تبرر الوسيلة 

من الناحية الإجتماعية صار من المؤرق للنفوس ومن المُحيّر للعقول ومن المُحبِط للجماهير ظهور وتجذّر أحزاب عربية تعمل تحت اسم العائلة

من الناحية الاقتصادية فإنه من المعروف لدينا بأن الدعاية الانتخابية للسلطات المحلية تبدأ قبل عام من موعد الانتخابات ما يعني تبذير كثير من الأموال وإنفاقها في سبيل المكاسب الفئوية بحيث نخسر انتخابات نزيهة

المعطيات والأبحاث تشير إلى أن نسبة الدَّيْنِ إلى المدخولات يكون أكبر كلما كان الحزب الموالي للرئيس أصغر هذا يعني أن وضعه في البلد يترجم إلى ضغوط من أجل زيادة الإنفاق حتى لو كانت المصادر المالية شحيحة

خلاصة الدراسات والأبحاث أكدت أن السلطات التي ينتخب فيها الرئيس على أسس عائلية هي أقل عملاً في الميدان الاقتصادي ومما يكشف تجذر البعد العائلي في انتخابات السلطات المحلية أن نسبة التصويت وصلت في هذه الانتخابات إلى حد 90% وهذه النسبة تعد الأعلى في العالم

الديموقراطية حلم الشعوب، وأمل الجماهير، وقيمة حضارية نبيلة ولا شك في أنها أمر لا يختلف عليه طرف مع طرف من حيث المبدأ، لأنه شكل راقٍ من أشكال الحياة السياسية والاجتماعية والنقابية. وما زالت شعوب كثيرة في العالم تناضل من أجل الديموقراطية والاحتكام إلى صناديق الانتخابات، لأنها السبيل إلى تداول السلطة بشكل سلمي لا يغضب طرفاً على حساب طرف.
والبلدات العربية في مجتمعنا على موعد مع عرس ديموقراطي جديد يتمثل في انتخابات السلطات المحلية، وهذا الحدث الهام تسبقه عادة دعاية انتخابية لها دور في انتخاب رئيس السلطة المحلية لكل بلد، لكن عملية التحضير لمثل هذا اليوم لها أبعاد اقتصادية واجتماعية قد لا تكون سارة للمجتمع العربي في البلاد فالغاية يجب ألا تبرر الوسيلة ومثل هذه المواقع المحلية يجب أن تترسخ في الفكر على أنها (تكليف وليست تشريف).

الناحية الإجتماعية
من الناحية الإجتماعية، صار من المؤرق للنفوس ومن المُحيّر للعقول ومن المُحبِط للجماهير ظهور وتجذّر أحزاب عربية تعمل تحت اسم العائلة، أو وجود عائلات تعمل تحت اسم أحزاب، وفي الحالتين الأمر جد خطير لأنه يعكس الموازين ويوظف جميع القدرات في قالب لا يرقى بنا إلى مصاف الأمم المتطورة ! فأضحت عملية التنافس على رئاسة السلطات المحلية العربية صورة للتنافس بين العائلات والقبائل الأمر الذي يمكن أن يهيئ لاحتكاك حاد وإيجاد أجواء مشبعة بالكراهية قد تؤدي لنشوب صدامات دامية – لا قدر الله – والسبب في ذلك هو طغيان التنافس العائلي على حساب التنافس الحزبي المسؤول.

الناحية الإقتصادية
أما من الناحية الاقتصادية، فإنه من المعروف لدينا بأن الدعاية الانتخابية للسلطات المحلية تبدأ قبل عام من موعد الانتخابات ما يعني تبذير كثير من الأموال وإنفاقها في سبيل المكاسب الفئوية بحيث نخسر انتخابات نزيهة ونخسر حياة حزبية وسياسية راقية في هذا المضمار. هنالك تباين في حجم هذه المشكلة وهي ليست على نفس المقاس في جميع السلطات المحلية، لكنها أصبحت واضحة جلية ظاهرة للعيان، فقد بدت معظم السلطات المحلية تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، فبعض هذه السلطات لم تستطع تسديد ديونها للمقاولين ولم تتمكن من دفع رواتب الموظفين أو جزء منها، وقد تفاقم الأمر إلى حد توقيف صلاحيات بعض السلطات وجرى تحويلها إلى لجنة معينة.

عوامل وأسباب الأزمة
إن هذه الأزمة ناتجة عن عدة عوامل، وفقا للباحثين: (آفي بن بسات) و(مومي دهان) وهي:
أولاً – عدد السكان الذين يتبعون السلطة المحلية لبلدهم، بحيث يؤثر العدد على مدى نجاعة المصروفات.
ثانياً – الوضع الاقتصادي والاجتماعي للسكان في ذلك البلد، لأن مستوى الدخل يؤثر على جباية الضرائب.
ثالثاً – ميزان القوى بين اللاعبين السياسيين المختلفين: بحيث يؤدي هذا التباين بين القوى السياسية في البلدة إلى دفع رئيس السلطة المحلية إلى حشد طاقاته من أجل خلق ائتلاف داخل السلطة المحلية مساند وداعم له.
رابعاً – رغبة السلطة المركزية في الإملاء على السلطة المحلية لتنفيذ برامج دون تمويل كامل لها.
خامساً – العامل الأهم: هو سياسة بعض رؤساء السلطات المحلية في الإنفاق المبالغ فيه في الفترة التي تسبق موعد الانتخابات الجديدة لتعزيز إمكانية انتخابه مجددا وزيادة الفرصة لنجاحه في الانتخابات الجديدة لدورة جديدة.
وهذا النوع من السياسة له عدة أوجه، مثل:
- تخصيص ميزانيات مضافة لمشاريع معينة حتى لو كانت ذات جدوى منخفضة وهذا كله من أجل ما يسمى ( مشاريع الجميلة) أي: المن على المنتفعين منها، ولا شك في أنها مشاريع تؤدي إلى سقوط السلطات المحلية في أزمة اقتصادية.
- عدم إلزام بعض المواطنين بدفع الضرائب بسبب انتمائهم لتيار الرئيس، من أجل جذبهم وحضهم إلى إعادة انتخابه وذلك على حساب موازنة السلطة المحلية لذلك البلد.

أسس عائلية وحمائلية
إن المعطيات والأبحاث تشير إلى أن نسبة الدَّيْنِ إلى المدخولات يكون أكبر كلما كان الحزب الموالي للرئيس أصغر، هذا يعني أن وضعه في البلد يترجم إلى ضغوط من أجل زيادة الإنفاق حتى لو كانت المصادر المالية شحيحة. فيما لا يغيب عن بالنا عن أن الائتلافات الحزبية داخل مجتمعنا بالأساس مبنية على أسس عائلية وحمائلية ذات تعصب قبلي لا يخدم المجتمع العربي بقدر ما يخدم الفئوية. ولإثبات ذلك أتناول هنا خلاصة الدراسات والأبحاث التي أكدت على أن السلطات التي ينتخب فيها الرئيس على أسس عائلية هي أقل عملاً في الميدان الاقتصادي. ومما يكشف تجذر البعد العائلي في انتخابات السلطات المحلية أن نسبة التصويت وصلت في هذه الانتخابات إلى حد 90% وهذه النسبة تعد الأعلى في العالم.

دفع الثمن
مثل هذا الانتخاب للرئيس يفرض عليه أثماناً على حساب المجتمع فيجد نفسه ملزماً اتجاه من صوتوا له بما يلي:
- تنفيذ التعهدات العائلية.
- إرضاء الذين دعموه.
- منح وظائف للمقربين.
- عطاءات مجهزة مسبقاً ترسو على الداعمين له من باب المكافأة لصنيعهم.
- تخفيض الضرائب التي يفترض أن يسددوها لخزينة السلطة المحلية.
وهذا كله يعكس الورطة الاقتصادية المحلية، ويعكس الفوضى وسوء الأداء الاقتصادي للسنوات الخمس – فترة رئيس العائلة – ولإثبات ذلك نسترجع الأرقام:
في الفترة ما بين 1996- 2008 - وفقاً لمعطيات وزارة الداخلية - فإنّ نسبة العجز إلى المدخولات في السلطات المحلية اليهودية وصلت إلى 5% ، بينما سجلت في السلطات المحلية العربية نسبة تقارب 7%.
والأهم من ذلك أنه في السنوات التي أجريت فيها الانتخابات وصلت نسبة العجز في السلطات المحلية العربية إلى ما يقارب 20% من مجمل المدخولات، أما نسبة الدّيْن للمدخولات فقد وصلت إلى ما يقارب 75% والنتيجة كالآتي:
- 33 سلطة محلية عربية أجلت رواتب الموظفين.
- 61 سلطة محلية عربية طولبت بخطة إشفاء.
- تم تعيين محاسب مرافق لستين سلطة محلية عربية. ولا ننس البعد الاقتصادي والسياسي لمثل هذا التدخل، فمن ناحية يحسن الأداء الاقتصادي لكنه يضرب اختيار الجمهور الديموقراطي للرئيس، ويفرض جملة من الإملاءات التي تنتهك إرادة الجماهير العربية، وتجعلهم تحت ما يشبه الوصاية .

أسس نزيهة 
ومن خلال مواكبة البعد الاقتصادي للحملات الانتخابية نخلص إلى أنه لا بد من تدعيم الاستقرار السياسي وتحسين الجودة من أجل تحسين أداء السلطات المحلية فننصح بإعادة النظر في طريقة انتخاب السلطات المحلية بحيث تدعم مكانة رئيس السلطة المحلية، وتقلص من الانشقاق بين الأحزاب المختلفة ووضع شروط لمرشح الرئاسة من الناحية الأكاديمية ومن ناحية الخبرة والكفاءة.
وفي النهاية لا بد من التذكير بأننا مجتمع يواجه جملة تحديات وصعوبات تحتم علينا وتفرض علينا أن نرتقي إلى أعلى القيم من أجل تحصين جبهتنا الداخلية . فلا بد من وجود مؤسسات مبنية على أسس نزيهة تستطيع اتخاذ القرارات وإدارة التنمية والنهوض بنا لتحقيق حياة كريمة للناخبين.

  موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة