الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 26 / يونيو 10:01

رسالة بلا عنوان/ بقلم: جميل أبو خلف

كل العرب
نُشر: 27/11/13 08:22,  حُتلن: 08:28

جميل أبو خلف في مقاله:

الإنسان المظلوم لا يعيش مثل الإنسان الطبيعي ولا يحس مثل الإنسان الطبيعي ولا يعيش حياته كغيره من البشر

عدم النّهي عن الظلم والسكوت عنه وعدم نصرة الظالم بحد ذاته ظلم وذلك لأن السكوت عن ردع الظالم جريمة ليست أقل من جريمة الظالم 

نقطة البداية الصحيحة عندما يطرق باب العزيز الجبار وباب من لا يردّ دعاء وباب من يفوض له الأمر كله وباب من وعد المظلومين بالنصر

لا يمكن أن يسقط هذا اليوم من ذاكرتي، ولا يمكن محو هذا الخبر من ذاكرتي، خاصة وأنه صدر من ظالم إلى مظلوم ولا يمكن نسيانه أبد الدهر، لأن الإنسان المظلوم لا يعيش مثل الإنسان الطبيعي ولا يحس مثل الإنسان الطبيعي، ولا يعيش حياته كغيره من البشر، فلا يشعر بطعم الشراب ولا الطعام ولا ينجح في إغماض عينيه عند حلول الليل مثل غيره، ولا يستطيع حتى الابتسام في النهار مثل غيره إلا تصنّعا، بل أكثر من ذلك يشعر بأن هناك صخرة كبيرة تجثم على صدره.

يشعر في بعض الأحيان أن الجميع قد تخلى عنه وتركه وحيدا، دون الاكتراث لمشاعره وعندها يشعر أن كل شيء قد انتهى، ولكن في الواقع تكون هناك نقطة البداية، نقطة البداية الصحيحة عندما يطرق باب العزيز الجبار، وباب من لا يردّ دعاء وباب من يفوض له الأمر كله وباب من وعد المظلومين بالنصر. نعم انه الباب المفتوح على مصراعيه وطيلة ساعات الليل والنهار وبخلاف الأبواب الأخرى، انه باب الكبير المتعال.

الدعاء
إن دعاء المظلوم مستجاب لا محالة ولو بعد حين حتى ولو كان المظلوم كافرا، نعم لأن الظلم حرمه الله على نفسه أولاً وحرمه على عباده. فهل يكون شعور الإنسان المظلوم بعد تحقيق وعد الله له باستجابة دعائه طبيعيا؟ وهل يعود له إحساسه الطبيعي بطعم الحياة؟ وهل يحس بطعم الشراب والطعام من جديد؟ أو يستمتع بحياته من جديد، أو يستطيع أن يبتسم من جديد؟ وهل تنجلي تلك الصخرة الجاثمة على صدره والتي أرهقته طوال تلك الفترة وسلبت منه أسباب السعادة؟

الظلم
بتصوري لا يرجع مثل ما كان عليه فحسب، إنما يرجع بأفضل حال مما كان عليه لأنه شعر بقدرة الله عز وجل وأيقن بأن الله قادر على كل شيء وأنه سبحانه وتعالى هو الضار والنافع، فعندها يزداد يقينه وإيمانه بالله عز وجل وترى همته عالية بإذن الله وقد بلغت عنان السماء لأنه عرف ورأى كيف تجلت قدرة الله واقتص له من الظالم في الحياة الدنيا قبل الآخرة.
لقد حرّم الله سبحانه وتعالى على عباده الدعاء على الآخرين بسوء إلا في حالة وقوع الإنسان بالظلم، فبهذه الحالة رخّص الله بأن يدعو المظلوم على الظالم لأن وقع الظلم على النفس البشرية شديد ويجعل المظلوم دائم التفكير في ظالمه ومقصرا في انجاز أي عمل آخر سوى البحث عن الانتصاف لنفسه ويصبح مشلول التفكير والإرادة.

ظلمات يوم القيامة
لقد اخترت أن يكون عنوان هذا المقال " رسالة بلا عنوان " كي لا أخص أحدا بعينه أو جهة دون أخرى أو مؤسسة دون غيرها وأبقيت هذه الرسالة مفتوحة لكل من تسول له نفسه الإقدام على ظلم الآخرين سواء كانوا أفرادا أو جماعات أو حكاما أو محكومين، فالظلم ظلمات يوم القيامة، ولا أوجه رسالتي هذه إلى الظالمين بشكل مباشر فحسب، إنما أيضا موجهة إلى كل من يتجرأ على تقديم العون للظالمين لأنه بذلك يصبح ظالما مثلهم، وأحرى أن يسير وفق الحديث النبوي المشهور " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " والمعنى الواضح أنه يمنعه عن ظلمه ولا أن يعينه عليه .

إن عدم النّهي عن الظلم والسكوت عنه وعدم نصرة الظالم بحد ذاته ظلم وذلك لأن السكوت عن ردع الظالم جريمة ليست أقل من جريمة الظالم لأننا مكّنّاه من القدوم على الظلم وكذلك شجعناه على الإقدام على هذا العمل الجائر.
هناك كم كبير من الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد ويجب أن تكون لنا في قصصهم عبرة،فماذا كانت عاقبة فرعون وجنوده عندما جار على بني إسرائيل واستضعفهم وذبّح أبناءهم واستحيى نساءهم ؟ وكيف كانت نهاية النمرود الظالم لنفسه ؟ وكيف كانت نهاية قارون " فخسفنا به وبداره الأرض " بل كيف كانت عاقبة أبي جهل وأمية بن خلف وبقية صناديد قريش والذي عندما بلغ سيلهم الزبى كل مدى رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء وقال " اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بأبي جهل وعليك ب ........ " حتى جاء نصر الله.

التوبة
لا بد لكل إنسان من التوبة من المظالم سواء كان لنفسه أو لإخوانه لأن الظلم ظلمات يوم القيامة ولا تسقط المظالم إلا بإرجاع الحقوق إلى أهلها، فلنا أن نعتبر من التاريخ القديم والحديث وما قصّ لنا فيه عن قصص الظالمين وأن نمتثل إلى العدل وننصر المظلومين والمستضعفين ونهجر الظلم وأهله كي نسعد بحياتنا ولا يصيبنا غضب الله في الدنيا والآخرة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة