للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
الخبير الاقتصادي د. سامي ميعاري حول تجميد تحويل اموال الضرائب للسلطة الفلسطينية لـ "كل العرب":
هذه الأموال تشكل ثلث موازنة السلطة الفلسطينية تقريباً وتعتبر رئة الانتعاش الاقتصادي
تسهم هذه الأموال بشكل كبير في مقدرة الحكومة الفلسطينية على دفع الرواتب وحجبها يؤدي لمعاقبة الأبرياء والاعتداء على لقمة عيش الأطفال والنساء والشيوخ
نشرت مؤخرًا أخبار عن أن اسرائيل اتخذت سلسلة اجراءات عقابية ضد الفلسطينيين، بينها تجميد تحويل اموال الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الوطنية الفلسطينية، وذلك ردًّا على تقدم فلسطين بطلبات الانضمام الى 15 اتفاقية ومعاهدة دولية، وللحديث عن هذا الموضوع وانعكاساته، التقينا الخبير الاقتصادي د. سامي ميعاري، والذي قال: "ثمة أحداث وأخبار يومية تطفو على السطح وتتربع على صدارة المشهد، تُلح عليَّ بالسؤال ذاته: هل فعلاً نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين للميلاد؟ هل انتهى زمن الرِّق والاستعباد؟ وهل انقضت عصور الإقطاع إلى غير رجعة؟ أم أن العقوبات الجماعية واستعباد شعب بأكمله تحت سيف لقمة العيش الذليلة ما زال قائماً؟. وهذا الموضوع يعيدنا مجدداً إلى آفاق تلك العلاقة اللصيقة بين السياسة والاقتصاد، وكيف أن كلاً منهما يكمن في تفاصيل الآخر".
د. سامي ميعاري
وأضاف: "أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل عبر المعابر الحدودية ومجالات أُخرى فيها حق معلوم للجانب الفلسطيني، وهي مقسومة بحسب ملحقات عملية التسوية، فيما يعرف بالبرتوكول الاقتصادي، أو اتفاقية باريس الاقتصادية، وهذه الأموال تشكل ثلث موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية تقريباً، لها في كل عام تقريباً فصل من فصول المشهد، وكأنها معتقل إداري لدى إسرائيل يتم تجديد حبسه بين الفينة والأخرى، كلما تعثرت العلاقات المتعثرة أصلاً، وكلما رغب الإسرائيلي في معاقبة الفلسطينين على نتائج انتخابات أو على موقف سياسي ابتزازي أو على عمل تصعيدي من طرف من أطراف الفصائل الفلسطينية، فيما يكرس نهج العقوبات الجماعية لأن هذه الأموال تسهم بشكل كبير في مقدرة الحكومة الفلسطينية على دفع الرواتب التي هي رئة الانتعاش الاقتصادي ودفقة الدم الكبرى التي تبقي الإنسان الفلسطيني في الأرض المحتلة قادراً على الاحتفاظ بنصيب من العيش ولو كان مقيتاً".
تجميد تحويل العائدات للسلطة الفلسطينية
وعن انعكاسات وتبعات تجميد تحويل العائدات للسلطة الفلسطينية قال: "إن حجب هذه الأموال التي هي حق فلسطيني ومنصوص عليه في الاتفاقات المبرمة، لا يحقق أية نتيجة مرجوة لإسرائيل، سوى المزيد من معاقبة الأبرياء والاعتداء على لقمة عيش الأطفال والنساء والشيوخ والناس عامة، ومن الواضح أنه انتهاك صارخ للمواثيق الدولية والقانون العالمي الذي لا يشمل إسرائيل دائماً، وهذه المخالفات القانونية ستظل تحشر إسرائيل في زاوية العزلة الدولية والخروج من قافلة الدول المتحضرة التي تجاوزت هذه العقلية الاستبدادية منذ زمن طويل، وأن ما كان بإمكان إسرائيل أن تفعله في العقود الماضية لم يعد مجدياً في رحاب النهضة الشبابية، والتغيرات الدولية التي تفرز خصماً عنيداً لا يستكين للجوع ولا يخر ذليلاً أمام آلة البطش، وفي الوقت الذي تتفكك فيه منظومة الاستبداد التاريخية ترجع إسرائيل قروناً للوراء، وهي ما زالت تعامل الشعب العريق صاحب الأرض معاملة القطيع من الأغنام الذي تطعمه وتجوعه متى تشاء".
ابتزاز الشعب الفلسطيني
ومضى في أقواله: "فيما تمعن حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف في ابتزاز الشعب الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال وإجراءاته التعسفية منذ عقود من الزمان، تكرس إسرائيل مجدداً سياسة فاشلة أفضت إلى الفشل حسب تجارب الغرب، عندما أمعن في محاصرة شعوب المنطقة وأعمل فيها آلة الدمار الرهيبة، فكان نتاج ذلك المزيد من العنف ومن التوتر ومن الدماء، والذي يفهم الدرس جيداً يعلم تمام العلم بأن الضغط يولد الانفجار وأن العنف يُقابل بمزيد من العنف، وأنه لا بديل عن نيل الحقوق لتمر عجلة الحياة الخالية من الدمار الشامل، فالتجارب الحية تؤكد أن الانتعاش الاقتصادي وفك أغلال القيود، هو الذي يؤدي إلى التهدئة وإلى السلام، فالنمو الاقتصادي مفتاح الهدوء ومفتاح الاستقرار ومفتاح الحل، ولكن المزيد من القهر والتجويع والحصار وحبس الأموال وقطع الرواتب لا يؤدي إلا إلى ردة الفعل، التي لن تكون في صالح حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل كما أثبتت التجارب. ولا يخطر ببال أحد أن حجب أموال عائدات الضرائب الفلسطينية وحده في جعبة هذه الحكومة، بل هو مرتبط ارتباطاً وثيق الصلة برزمة إجراءات تسعى إليها إسرائيل تجاه لقمة العيش الفلسطينية، مثل التوجه نحو استبدال العمال الفلسطينيين في إسرائيل واستقدام عمال صينيين بدلاً منهم، الأمر الذي سيفاقم الأزمة ويعمق الفجوة ويكرس الصدام الذي تسعى إليه إسرائيل سعياً حثيثاً".
واختتم حديثه: "في ظل العجز العربي كله والتواطؤ العالمي في معظمه، سيظل الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت كابوس الفقر والتجويع الممنهج، من أجل رفع الراية البيضاء والتنازل التام مجاناً، لكن يتوجب على الساسة والقادة في إسرائيل أن يرجعوا بنظرة إلى الوراء، فيدركوا بأن التجارب السابقة في هذا المضمار لم تأت بخير لهم وللمنطقة، وبأن صاحب الحق سيظل على حقة ولو مات جوعاً، فإلى متى يظل معول التطرف يهدم كل بنيان يبنيه الطامحون للحرية والكرامة والعيش الكريم؟".