للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
سمع أشرف طرق باب بيته ، فتوجه نحوه ليرى من الطارق. فتح الباب فوجد من خلفه رجلين ضخمي الجثة.
- "صباح الخير " ، خاطبه أحد الرجلين ، " سيد أشرف ؟ "
- " نعم ،هل لي أن أساعدكما؟"
- " أرجو التوقيع على استلامك لهذا المستند."
- " ممّن هذا المستند؟"
- " من المحامي جميل ، وهو بمثابة انذار لحضرتكم قبل الحجز . الرجاء التفهم ."
استلم اشرف المستند ولم يشعر كيف غادر الرجلان بيته، تاركين إيّاهُ وهمومه ، التي تأبى في المدة الأخيرة مفارقته في ليله ونهاره .
جلس وتأمل وتذكّر ، ولم يستطع استيعاب ما يحدث معه خلال السنة الأخيرة من مشاكل مستعصية ومتتالية ، كيف انهار وبسرعة البرق وهبط من القمة إلى الحضيض ، انهيارٌ مستمرٌ يرافقه حتى هذه اللحظة التي استلم فيه هذا المستند القضائي الأخير...
لقد كان يعمل أشرف مع أبيه واخوته في مصنعهم الكبير ، ذلك المصنع الذي كان يُعتبر من أنجح المصانع في هذه المنطقة التي يقطن بها . كان العمل في المصنع مُنظمًا للغاية، بحيث تُقسّم الأرباح بين الأب والأخوة بالتساوي وبشكلٍ أرضى الجميع ، فكانوا كالجسد الواحد والقلب الواحد...
لكن الطمع أفسد َ هذا القلب، وخاصة بعد أن تزوج أشرف من امرأة سوءٍ، طمّاعة، حقودة، حسودة وغيورة، حيث بدأت توسوس له والشيطان على سرقة المصنع. في البداية كان يسرق مبالغ قليلة، لكن الطمع والجشع دفعه أن يسلب أكثر وأكثر، حتى استطاع أن يجمع مبلغًا كبيرًا من المال...
ذات يومٍ لاحظ أحد اخوته اختلاسه للمال فأبلغ أباه بالأمر . لكن أشرف أنكر وبشدة هذه التهمة، وبدأ بالصياح والوعيد والتهديد. احتار الأب في أمره ووقع بين نارين : إمّا أن يُبلغ الشرطة بما حصل ، فيكون المصنع وتكون العائلة عرضة للألسن النمّامة وللشائعات المقيتة ، وإمّا أن يسكت على مضض. أختار الأب حقن غضبه والسكوت، طاردًا أشرف من المصنع، لاعنًا إيّاهُ، مُتمنيًا زوال نعمته التي كسبتها يداه بالغش والحرام.
فكّر أشرف بما عساه يفعل بعد طرده من المصنع ، فقرّر أن يبني مصنعًا شبيهًا لمصنع والده واخوته ، لكي ينافسهم في العمل والتجارة ، لكن بسبب سوء ادارته وعدم خبرته الكافية ونتيجة تصرفات ومصروفات زوجته المُبذرة، فقد معظم أمواله وأخذ مصنعه بالانهيار . بدأت الانذارات بالحجز على أملاكه تنهال عليه بغزارة، وها هو الانذار الأخير يستلمه من هذين الرجلين قبل لحظات ، ليستمر معه مسلسل المعاناة ...
أراد أشرف أن يُحدّث شخصًا ما عن آلامه وهمومه ، لكن البيت كان خاويًا ، فزوجته ذهبت لزيارة أهلها ، وحتى لو كانت في البيت ، فهي لا تهتم بهمومه ، ولا تُقاسمه أوجاعه كما كانت تُقاسمه المال الحرام ، وأولاده موجودون في المدرسة والجامعة ، وهم أيضًا لا يبالون بمشاكله ومصائبه التي تتوالى عليه الواحدة تلو الاخرى ، فهُم مشغولون بعالمهم ومتطلباتهم ، وما يهمهم هو ارتداء أفخر الملابس، والأكل في أفخم المطاعم ...
احتار أشرف فيما يفعله ، امسك جهاز التحكم في التلفاز وبدأ يتنقل بين القنوات التلفزيونية المختلفة ، وأخيرًا استقر على قناة كان يقرأ الشيخ من خلالها ما تيسر من سورة البقرة ، وعندما قرأ الشيخ الآية 188 ذرفت عيناه دموع الندم على ما اقترفته يداه وما جمعته من مال الحرام وذكّرته الآية الكريمة بأنه بات لا يملك من الشرف والكرامة إلا اسمهُ :
بسم الله الرحمن الرحيم :" وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" - صدق الله العظيم.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net