الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 20 / سبتمبر 13:01

الانعكاسات غير المتوقعة/بقلم :أ.محمد خليل مصلح

كل العرب
نُشر: 26/06/14 10:12,  حُتلن: 08:15

محمد خليل مصلح في مقاله:

كل ما يصدر عن الاحتلال من قرارات وتصريحات على المستويات سواء الامنية أو السياسية أو العسكرية تعكس ما عليه الحكومة ورئيسها نتنياهو من هشاشة و فزع واضطراب

بالنسبة لنتنياهو فهو اسوء الاحتمالات وأكثرها تعقيدا على المستوى السياسي والأمني والأخلاقي فالعملية حدثت في ظل معطيين هامين وحدثين تاريخيين المعطيين هما الخلاف بين إسرائيل والسلطة في أعقاب فشل المفاوضات والذي وصل الى حد التهديد  إضافة إلى إضراب الأسرى

يبدو ان فقدان المستوطنين الثلاثة اصابت الكيان الاسرائيلي في مقتل ؛ فقد معها التوازن والقدرة على القراءة والتحليل والفعل الطبيعي في مثل هذا الاوضاع أو الأزمات؛ وكل ما يصدر عن الاحتلال من قرارات وتصريحات على المستويات سواء الامنية أو السياسية أو العسكرية تعكس ما عليه الحكومة ورئيسها نتنياهو من هشاشة و فزع واضطراب وقلق وخوف على المستقبل السياسي ؛ لكل شركاء الائتلاف المأزوم.

وفي قراءة تحليلية للعملية ، والتي لم ولن تنتهي ما لم تنتهي الازمة وتظهر النتائج ؛ والتي لن تخرج عن الاحتمالات التالية : احتمال النجاح الكامل والمطالبة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، ولذلك انعكاسات غير متوقعة لكل الاطراف الطرف الفلسطيني قد تكون الانعكاسات لمثل تلك العملية التي قد بنيت على حصيلة تداعيات عملية صفقة شاليط والتي تعتبر صفقة تاريخية حدثت على ارض محررة من الاحتلال تمثل قاعدة صلبة للمقاومة رفعت من اسهمها في الاراضي المحتلة وهي في نفس الوقت ستبقى محفزة للمقاومة ان تلجأ اليها اذا تعذرت الوسائل الاخرى مع الاحتلال ؛ نحن نتحدث عن تحطيم البنية التحتية الصلبة لحماس في الضفة كما يصفها الاحتلال كمهمة من الحرب والعقاب ؛ مع اخذنا بالاعتبار عدم دقة هذا الوصف ؛ فبنية حماس تعرضت لسنوات من التدمير المبرمج من قبل اجهزة السلطة والتنسيق الامني ؛ ومع ذلك لا نقلل ما لحماس من قوة وجذور قوية مجتمعية وعقدية ممتدة في المجتمع الفلسطيني ؛ تستعصي على التدمير والسحق التام ؛ ما يشكك من قدرة هذا الاندفاع الغير مضبوط لقوات الاحتلال و الذي لا ينم عن استراتيجية ولا خطة طويلة المدى تتعامل مع الانعكاسات غير متوقعة لعملية الاحتلال العسكرية لتدمير حماس ومسحها عن الارض ، ومع هذا التقدير للانعكاسات غير متوقعة من قبل الجهة الخاطفة ؛ فان الثمن مقابل تحرير الاسرى يتضاءل مهما كان كما يبدو !


اما بالنسبة لنتنياهو فهو اسوء الاحتمالات وأكثرها تعقيدا على المستوى السياسي والأمني والأخلاقي ؛ فالعملية حدثت في ظل معطيين هامين وحدثين تاريخيين ؛ المعطيين هما الخلاف بين إسرائيل والسلطة في أعقاب فشل المفاوضات والذي وصل الى حد التهديد ، إضافة إلى إضراب الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال الإسرائيلية. اما الحدثين فهما حرب الايام الثمانية " عمود السحاب " وصفقة شاليط التي تعتبر بالنسبة لنتنياهو هي “العار الأكبر لحكم نتنياهو ”، بسبب إطلاق سراح 1027 أسيرا فلسطينيا مقابل الجندي الأسير غلعاد شاليط ؛ بحسب المحلل العسكري عاموس هارئيل ، وهي ما زالت تعتبر هزيمة نفسية وسياسية وأمنية لنتنياهو وأجهزته برغم كل الترتيبات والإجراءات التي تم اتخاذها خاصة قانون شمغار والذي خضع نتنياهو فيه ل نفتالي بينت زعيم حزب البيت اليهودي وعد السماع لنصائح رئيس الموساد بعدم تشريع هذا القانون لانعكاساته السياسية والأخلاقية في المستقبل في حال حدوث عملية اختطاف يهود ؛ بعد ذلك وضمن نجاح هذا الاحتمال لم يعد امام نتنياهو متسع من الوقت ليقود دولة الاحتلال بل سيعتبر في تاريخ دولة الاحتلال الزعيم الاكثر ضرار وغباء في تاريخ الدولة والفترة التاريخية التي سجلت اكثر الهزائم والإخفاقات على الصعيد الداخلي والخارجي والعلاقات مع الحلفاء ، وهذا يتأكد اذا تحقق ما هو غير متوقع من تدمير قد يصيب اجهزة السلطة ويحولها الى اجهزة ملحقة على غرار اجهزة لحد في لبنان بتماديه في الضغط على السيد الرئيس ابو مازن ؛ ما يزيد من حالة الاحتقان والرفض لهذا الوضع الذي تتعرض لها الضفة الغربية والسلطة ؛ فتنطلق الانتفاضة الثالثة التي يخشاها الطرفين السلطة والاحتلال ؛ ما يعني نجاح المقاومة بنقل ساحة المواجهات في الضفة الى النقطة الاقرب الى قلب الاحتلال ؛ السيناريو نفسه الذي حدث في غزة ، والذي تسبب بضرب اجهزة السلطة الفلسطينية ؛ انعكاسات خطيرة وغير متوقعة قد تجسد لمرحلة نضال قد تكون الاخطر على الاحتلال ، والذي ينقلنا الى نقطة الصفر العودة الى اعادة احتلال كل الضفة وتحمل المسؤولية والحديث عن سيناريوهات اخري في الصراع .

اما الحرب فهي كما وصفها العسكريون انها كانت حرب كاملة الاركان لكنها مصغرة والنتائج لم تكن المرجوة ولم تحقق اهدافها ، بل كانت هزيمة في نتائجها السياسية ، والتي تعتبر كابوس من جملة الكوابيس التي واجهت نتنياهو في حكمه وهو يحاول الشفاء منها دون جدوى ، والتي قد يجد في عملية الخطف فرصة لتصفية الحساب مع حماس في غزة ؛ لكن الخوف من النتائج غير محسوبة اقليميا ودوليا تمنعه من الاندفاع دون اسقاط احتمال ان تأجيلها مرتبط بنتائج عملية الخطف للتنفيس عن الجمهور الاسرائيلي وغضبه الداخلي وحماية مستقبله السياسي .

الاحتمال الثاني وهو وان كان اقل مأساوية في النتائج بالنسبة لنتنياهو ؛ هو قتل المستوطنين الثلاثة والكشف عنهم دون الوصول الى الخاطفين مع الفارق على معنويات الجيش وأجهزة الامن اذا تم الوصول الى الخاطفين على غرار محاولة انقاذ حياة المختطف ملازم نحشون فاكسمان الفاشلة في التاسع من اكتوبر العام 1994 ؛ قد تمنع هذه المحاولة مع المخطوفين الثلاثة من سقوط نتنياهو لكن اتوقع انها ستدخله في حالة من الهستيريا والضعف وعدم الثقة بالنفس قد تنهي استمراره في الحكم ومطالبة المعارضة بحجب الثقة او الطلب بانتخابات جديدة مبكرة ؛ قد تنهي حقبة حكم اليمن الصهيوني ، او القيام بمغامرة عسكرية تقلب الطاولة بكل اوراقها على جميع الاطراف بمن فيهم الاطراف الدولية خاصة الولايات المتحدة الحليف القوي لإسرائيل .
لا شك ان مرور الساعات بل الدقائق دون الوصول الى اي معلومة مهمة تقرب قوات الاحتلال من كشف الجهة الخاطفة ومكان الخاطفين ، وهل هم احياء او تم قتلهم ؟ ستصيب الكيان المحتل بكل مكوناته بحالة من الاحباط و اليأس ؛ مع نسيان قانون الانعكاسات غير المتوقعة !.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة