الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 26 / يونيو 10:01

ماذا أقول لغزة؟/ بقلم: جميل أبو خلف

كل العرب
نُشر: 07/08/14 12:07,  حُتلن: 07:44

 جميل أبو خلف في مقاله:

 الرجل فيكم يعدل أكثر من ألف رجل من أبناء أمتكم التي أسموها الأمه العربية

قلبي كان ينزف دماً من هول ما رأيت أثناء معركتكم الباسلة عندما كانت أشلاء أجساد شهدائكم متفرقة ومتناثرة

أبدعتم وصنعتم المعجزات من خلال نضالكم وصمودكم وتصديكم لهؤلاء الذين جاؤوا من خلف المحيطات ظانين أنهم أصحاب حق وأصحاب أرض

يجول في خاطري كلمات وعبارات ولكنني احترت في كيفية جمعها واخراجها، إنها سلسة وسهلة تخرج من أعماقي كما خرجت أرواح أطفال ونساء وشيوخ غزة الطاهرة الى بارئها وخرجت بسرعة تساوي سرعة الصواريخ الغزية؛ كلمات تدفقت من فمي ولساني لتحاكي أبطال غزة العزيزة على قلوب الملايين وتقول لهم إنكم أثبتم للقاصي والداني أنكم تعادلوا أمة بأفعالكم، بل تفوقون كل الأمم بكبريائكم وجبروتكم وعنادكم وقوة أرادتكم وعزيمتكم الصلبة ولم يضيركم أنهم جاؤوكم بالجرف الصلب، وأثبتم أنه جرف أليّن من الماء من خلال مقاومتكم وتصديكم له في صدوركم العارية ، كلمات تدور في خاطري كثيرة تفوق عدد ذرات رمال شاطئ غزة الأبية العصية لكنني أحتار في أن أختار أجملها لأوفيكم حقكم وأن تليق بقدركم يا عاليي الشأن ويا مرفوعي الهمة والرأس ، وددت أن أقول أن الرجل فيكم يعدل أكثر من ألف رجل من أبناء أمتكم التي أسموها الأمه العربية، ووددت أن أقول أنكم وضعتم معايير جديدة لمواصفات الرجال وليس الآن فحسب بل منذ عشرات السنين .

كلمات كثيرة تعادل أمواج بحر غزة أحببت أن أقولها فيكم أيها الأبطال وأيها الغيوري، لكنني مرة أخرى أخشى أن لا تلائم وتتناغم مع عنفوانكم وصلايتكم وصلاجتكم ؟
لقد رفعتم الغطاء عن كثير من الأشياء وكشفتم عنها من خلال معركتكم الطاهرة النادرة في نوعها وهي "العصف المأكول" ، لقد وضعتم الأمور في نصابها الصحيح من خلال صمودكم في أرض غزة العزيزة، لقد رفعتم القناع أولاَ عن رؤوس المتخاذلين والمتواطئين والمفسدين، لقد كشفتم عن هويتهم التي استبدلوها من خلال مواقفهم المخزية والمذلة واللئيمة حيث استبدلوها ومع سبق الأسرار وكتبوا بداخلها القومية الغربية بدل العربية وأصر البعض منهم بأن يتخنث لأنه لم يعد يلائم وصف أو جنس ذكر له.

كلمات كثيرة تتسابق فتخرج من فمي ولم تعد تطيق أن تبقى في قلبي لأن مكانها الصحيح أصبح فضاء غزة لتطير فيه وتصل إلى أبطالها وأطفالها وشيخها وتقول لهم لقد أبدعتم وصنعتم المعجزات من خلال نضالكم وصمودكم وتصديكم لهؤلاء الذين جاؤوا من خلف المحيطات ظانين أنهم أصحاب حق وأصحاب أرض !.
لقد كنتم كثير رغم قلتكم وكنتم أقوياء بل جبابرة رغم ضعفكم يا شعب الجبارين، ولقد كنتم أغنياء رغم فقركم؛ لقد أصبحتم تصدرون الكرامة بالجملة الى كل الأمم وخاصة للأمة التي كانت تلقب بالأمة العربية سابقاً وأصبحتم تصدرون وبالجملة العزة لكافة أمم الأرض إلا لمن رفضها من أبناء جلدتكم والذين أبوا إلا أن يرتموا بأحضان أسيادهم طوعاً أو كرها.

لقد قالوها علناَ أو سراً لا نريد أن نعتز بكم والوضع الطبيعي لنا أن نكون أذلاء جبناء، ولقد فضلنا التقوقع والمكوث في قصورنا نتلذذ على سيل دمائكم وأنتم تقارعون عدوكم الذي هو صديقنا السرمدي . كلمات كثيرة وددت أن أطلقها من جوفي لتخرق مسامعكم وقلوبكم يا أصحاب القلوب القوية والرحيمة والتي تعدل قلب الأسد في غابته وقلب الثكلى على أبنائها ، كلمات رغبت في تنفيسها من داخلي لتدخل الى قلوبكم كما يدخل الهواء لعلي أساعدكم على التنفس بعدما حاولوا أعدائكم قطع أنفاسكم والتي انتم بحاجة ماسة اليها ، أنفاس الحرية، أنفاس الراحة وانفاس العروبة ...

عذراً يا شعب غزة ماذا عساي أن أفعل أو أقدم لكم غير هذه الكلمات ؟ فبرغم قلة حيلتي إلا أنني أحاول أن أساهم في إرجاع نبض أطفالكم الذين ما زالوا تحت الركام من خلال التضرع والدعاء الى رب البري . نعم هذا سلاحي البسيط فاعذروني وأسال الله أن يسامحني ويغفر لي على ما لم أستطع تقديمه لكم، فسلاحكم أقوى من سلاحي ايها المؤمنون الصابرون ولقد قلدتم نبيكم "صلى الله عليه وسلم" في بعض الابتكارات والخطط العسكرية المختلفة والتي احتار عدوكم كيف يتعامل معها وكيف يستطيع افشالها واثبتم بأنكم قادرين على دحره رغم خسائركم البشرية والمادية وغيرها . لقد تأسيتم بمعلمكم الأول بالقول والفعل واتبعتم نهجه وسرتم على دربه عندما لم تحاولوا قتل من لا علاقة له في الحرب فهذا هو موقف الرجال والأبطال والشجعان . لقد حسدكم حسادكم على هذه الصفات والأخلاق التي تحليتم بها طيلة شهر كامل ولقد غار منكم عدوكم من فنون القتال لديكم ومن شجاعة ابطالكم وقد ظهر هذا جلياً من خلال تصريحاته وردود أفعاله بالميدان؛ وأنني لأعتقد أن كثير من الأمم ستدرس في مدارسها العسكرية طريقة قتالكم وفنون الحرب التي خضضتموها في معركتكم المباركة " العصف المأكول" .

اسمحوا لي أن أهنأكم من أعماق قلبي ايها الأبطال على ما قدمتم من انتصارات ليس لشعبكم ووطنكم فحسب أنما للأمة العربية أولاً ولشعوب العالم الحر بشكل عام واستطعتم أن تكونوا نموذجاً يحتذى به على مر الأجيال . لقد رفعتم رؤوسكم وبقيت شامخة يا صانعي المجد والحضارة ويا صانعي الحياة بموتكم، سأقول لكم عذراً وشكراً فهل قبلتم العذر مني؟ وقبلتم الشكر مني؟ لقد حضرت معكم في قلبي أنا وأخواني الذين اختاروا أن لا يكونوا متخاذلين ومتواطئين فصدقوني ان محبتي لكم كانت أكثر من محبة أبناء عروبتكم الى عروشهم وقلبي كان ينزف دماً من هول ما رأيت أثناء معركتكم الباسلة عندما كانت أشلاء أجساد شهدائكم متفرقة ومتناثرة فماذا عساي أن اقول لكم يا أبطال غزة؟ فلا أملك إلا أن أردد قول الله تعالى "فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ان كنتم مؤمنين".

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة