للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
البروفيسور أحمد ناطور في مقاله:
غادر هؤلاء القتلة مواقع الفضيلة وصاروا الى مهاوي الرذيلة يغرقون في عبابها حتى القاع
شوارعنا صارت ساحات حرب يدير رحاها الساقطون بأسلحة معلومة تفاصيلها للشرطة العليّة، فتترك لهم الحبل على الغارب
هؤلاء المجرمون ساقطون في كل معايير الشهامة فكان الرجال اذا اقتتلوا فسقط سيف احدهم من يده توقف الآخر عن القتال حتى يلتقط الأوّل سيفه بل كان هو من يلقي إليه بسيف منه
ماذا قد يُقال ولم يُقل بعد في احوالنا الرديئة. كل صباح يتفتق عن ضحية بريئة من ابنائنا، شاء احدهم ان يعبث بحياتها بالطيش حينا، وبالحيلة والغدر حينا، مع قصد جرمي مبيّت.
هي جرعة يومية قَسْرِية نتجرّعها كل صباح وكأنها القدر، او قُل هو واقعٌ قد اخترناه بمشيئتنا فأقبل علينا كما لو كنا صِنْوَيْن منذ البدء. لقد غادر هؤلاء القتلة مواقع الفضيلة وصاروا الى مهاوي الرذيلة يغرقون في عبابها حتى القاع. قلبوا المفاهيم، فصار الغدر عندهم رجولة، والاغتيال بطولة. صارت الجريمة تفعل فينا فعل جيش بحاله، وتلقي بارواحنا في مسبح الاجل.
رصاصهم يطوف الشوارع، ويصيب بشرِّه من يصيب، فلا شأن له بهوية المصاب، رجلا كان او امراة، شيخا كان او فتى، مصليا او عابر طريق، الا إن نوى القاتل اعدام شخص بعينه، عندها لا يكترث كثيرا إن هو قتل معه جمعا من اهله وجيرانه وذويه، فعدد القتلى عنده، انما هو رقم فحسب، لا يفضي الى وجوه آدمية، لها ملامح وأهلٌ واسماء.
ماذا قد يُقال في هؤلاء الذين يعيثون في الارض فسادا، ويستبيحون دماء الناس المعصومة. ترى الواحد منهم يختال بشبابه كأنه فردٌ على الارض، يقاتل الريح ويشتم السماء، واذا قيل له اتق الله، اخذته العزة بالاثم، فحسبه جهنم وبئس المهاد.
لقد حرص الاسلام على حياة الخلق، وتوعد من يستبيح حياتهم بالعقوبات الشداد، حيث قال تعالى: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعدَّ له عذابا عظيما". وعن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"، أي أن ذلك كفر بحق المستحَّل بغير حق، وهو فعل الكافرين.
ماذا قد يقال عن هؤلاء اذاً وهم يغالون في ارتكاب الكبائر، ويستحلّون دماء الناس المعصومة في رمضان، وهو شهر التعبد والتقرب الى الله، شهر الصبر والعفو والثبات، شهر الشهامة والكرامة. رجل يخرج من بيته آمنا مطمئنا الى المسجد للصلاة في رمضان، فيأتي ساقط مارق ليرديه قتيلا. مُصلٍ يخرج من الصلاة فيقتل على عتبات المسجد، وثالث يُعدم على قارعة الطريق، ورابع يُغتال وهو يؤدي واجبه في مدرسته الوادعة. لقد صارت شوارعنا ساحات حرب يدير رحاها الساقطون، بأسلحة معلومة تفاصيلها للشرطة العليّة، فتترك لهم الحبل على الغارب.
هؤلاء هم اهل الجاهلية من حيث انتمائهم العقائدي، ومن حيث الممارسة فكرا وتطبيقا على السواء.
إنّ سكوت الشرطة عن هذه الفوضى هو مشاركة فاعلة في خلقها اصلا. أرأيت لو كانت ضحية يهودية واحدة بين من سقطوا، أكانت الشرطة لتتبنى دور المتفرج الحالم باطراقة ابدية، كما هي فاعلة معنا منذ سنين. صحيح انها لم تكن لتفعل ذلك، ولو هي علمت أنّ هذا السلاح موجه الى غير العرب لجعلته في خانة "الآمن" ولقلبت الدنيا بما فيها، وكأن الأمن حكر عليهم. أمّا العرب فلا أمن لهم ولا أمان.
إنّ هؤلاء المجرمين ساقطون في كل معايير الشهامة. كان الرجال اذا اقتتلوا فسقط سيف احدهم من يده، توقف الآخر عن القتال حتى يلتقط الأوّل سيفه، بل كان هو من يلقي إليه بسيف منه. أمّا أن يضع احدهم جرابا على وجهه ثم يفر مسرعًا على درّاجة ناريّة بعد أن يطلق نار الغدر على الناس، فهو منتهى الجبن والنذالة. إنّ الغدر والاغتيال هو خيانة ونذالة. لا شجاعة ورجولة.
لقد سئمنا من النداء بوجوب تكثيف العمل على ترسيخ القيم ضد العنف، كما بِتنا لا نرجو خيرًا من شرطة الدولة اليهودية، ثم اقيمت هيئات ولجان هنا وهناك، الا أنّ شيئًا لم يتغير - لقد سقط سنة 2012 تسعة وستون قتيلا عربيا، وفي السنة التي تلتها كانوا ستة وخمسين، وفي سنة 2014 بلغ عدد ضحايا الاجرام واحدا وستين. أمّا في النصف الأول من السنة الجارية فقد بلغ عدد القتلى من الابرياء تسعة وثلاثين. معناه ان التدابير التي اتخذت حتى الآن لم تجدِ نفعًا. ولعله من الخير أن يُجمع الناس على مقاطعة المجرمين ولفظهم من بين ظهرانيهم، ذلك ليعلم هؤلاء أنّ هناك عقوبة مجتمعية جماعية اضافة الى العقوبة الجنائية، خاصة وأنّ هذه لم تشكل رادعًا لهم. ينبغي على المجتمع القِيَمي المعافى أن يكون قادرًا على لفظ هؤلاء من بين صفوفه وأوّل من ينبغي أن يفعل ذلك هم أهلهم وذووهم، فهم منهم براء.
إن من كان هذا حاله عند الله، لا ينبغي لنا أن نتغمده بالموافقة والقبول، فهو من اعراب الجاهلية.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net