الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 11:02

عودة الى الملف الفلسطيني/ بقلم: ابراهيم صرصور

كل العرب
نُشر: 06/01/16 14:44,  حُتلن: 09:45

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

ابراهيم صرصور في مقاله:

المسارعة والإصرار على اتهام حماس بما ليس فيها من التهم الباطلة والخطيرة رغم إنكارها لها وتأكيدها على وحدة الشعب والجغرافيا الفلسطينيين

الحركة الإسلامية الفلسطينية صادقة كل الصدق في خدمة قضايا شعبها وجدية الى أبعد الحدود في ايمانها بالشراكة الحقيقية المبنية على أسس اسلامية – وطنية – قومية طاهرة وشفافة

خطوات بناء الثقة على نحو الافراج عن المعتقلين السياسيين ووقف الاعتقالات السياسية نهائيا عودة منظمات المجتمع الأهلي الى وضعها الطبيعي إقامة المؤسسات واستيعاب الكوادر على أسس وطنية بعيدا عن الفصائلية

لا يخفى على احد غياب الملف الفلسطيني الملفت من على جدول اعمال المجتمع الدولي، بعد ان غاب عن جدول اعمال الامة العربية والإسلامية، وحتى عن جدول الشعب الفلسطيني نفسه.

( 1 )
لذلك كله أسباب ومسببات .. الامة منشغله بأزماتها التي تتوالد كالنمل، حيث شغلتها عن قضايا شعوبها فما بالك بقضية فلسطين.. المجتمع الدولي لم يبد اهتماما جديا بالقضية الفلسطينية في ظل ظروف دولية اقل تعقيدا مما عليه اليوم ، فلا أتوقع ان تهتم به في ظل المشهد الدولي المعقد الذي يسود حاليا.

السلطة الفلسطينية عاجزة تماما عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بسبب الخلل الواضح في موازين القوة ، وبسبب غياب السند الفعال على المستويين الدولي والعربي. لم تعد السلطة الفلسطينية تمثل فعليا أكثر من ( بلدية !!) سيئة بفعل عوامل هدم ذاتية ، ولكن أساسا بسبب سياسات حكومة نتيناهو التي تصر وبشكل منهجي على تفريغ ما تبقى من مضامين هذه السلطة ، حتى باتت حملا ثقيلا على كاهل الشعب الفلسطيني يحقق الاحتلال الإسرائيلي من خلالها وبسبب وجودها الوهمي اكبر جرائمه وافظع سياساته ضد فلسطين وطنا وشعبا ومقدسات. لم يعد في المشهد من لاعب فلسطيني حقيقي الا الشعب الفلسطيني الذي يقود بكل مكوناته المقاوِمَة للاحتلال الإسرائيلي ، وعلى رأس كل أولئك الشباب الذي يقدمون ارواحهم ودماءهم وقودا للمشروع الوطني الفلسطيني حتى يظل حيا في الذاكرة وواقعا على الأرض ..

( 2 )
مر نحو عشرة أعوام على الانتخابات البرلمانية الفلسطينية التي جرت في العام 2006، والتي فازت فيها ( حماس ) بالأغلبية المطلقة ، والتي اعتُبِرَت علامة فارقة في التاريخ الفلسطيني من حيث مشاركة حماس التي عَدَلَتْ عن موقفها المعارض للانتخابات البرلمانية في ظل الاحتلال ، الموقف الجديد الذي نعتبره تطورا لافتا في الفكر السياسي الإسلامي وحيويته ، ومن حيث ما جَرَّتْهُ من تطورات ما زالت تلقي بظلالها على المشهد الفلسطيني حتى هذا اليوم ..

لا شك ان مرور عشر سنوات منذ تلك الانتخابات قد ظلل الكثير من الحقائق في الذاكرة الفلسطينية والعربية ، ولذا يستحق النظر في مستقبل القضية الفلسطينية على ضوء الوضع الراهن من التذكير بهذا الماضي – الحاضر كمدخل لصياغة الحقيقة التي تصر بعض المكونات الفلسطينية تجاهلها ، الامر الذي ساهم بشكل مباشر في تغييب الملف الفلسطيني عن اجندات المجتمع الدولي ..

( 3 )
منذ نجاح حماس في تصحيح الأوضاع في قطاع غزة فيما يمكن تسميته ( بحركة حزيران التصحيحية ) عام 2007 ، انبرى كثير من رجالات السلطة الفلسطينية يتهمون حماس بما لم يجرؤ عليه فقهاء التحليل السياسي والاستراتيجي في العالم ، ويرفعون في وجهها لائحة طويلة عريضة من الافتراءات والاتهامات ، أصابت اصحابها في مقتل اخلاقي أكثر مما أساءت إلى حماس والحركة الإسلامية الفلسطينية ...

من أكثر هذه الاتهامات سخفا ، والتي ما زالت تذكرنا بالذي مارسته في التاريخ القريب وحتى الآن بعض الأنظمة العربية الظلامية ضد الإخوان المسلمين ، هو تخويف الرأي العام من أن حماس في طريقها إلى إقامة ( إمارة ظلامية ) في قطاع غزة ، ستكون ، كما ذهب إلى ذلك رأس الدولة في فلسطين ، قاعدةً ل – ( القاعدة ) حينا ، ول – ( داعش ) حينا اخرى . لم اكن اتصور ان يجنح خيال بعض القيادات الفلسطينية إلى هذا الحد من الشطط مهما كانت الأسباب والمبررات ، وإن كنت ارى انه لا مبرر أبدا لمثل هذا النوع من اللغط الذي يمكن ان يُعرض مليونين من الفلسطينيين تقريبا في قطاع غزة إلى ان يكونوا ضحايا حرب دولية ظالمة ، يسمونها ( الحرب ضد الإرهاب ) ، تُضاف إلى حروب الاحتلال الإسرائيلي والحصار الصهيو - مصري الذي ما يزال يفتك بالقطاع منذ ذلك الوقت والى الان ..

لا شك عندي في ان هذا الاتهام لحماس لا ينبع عن قناعات عند قائليه بقدر ما يعبر عن إحباط مزلزل وجدنا اثره في توصيات لجنة التحقيق التي شكلها الرئيس الفلسطيني أبو مازن في حينه للتحقيق في ملف السقوط المدوي والسريع لنَمِرِ الأجهزة الأمنية الكرتوني ، والذي ولغ في دماء وأقوات وأعراض ومقدرات الفلسطينيين حتى الثمالة ، فما هي إلا لحظات إلا وأنهد السقف من فوقه ، لأن القاعدة مضطردة ثابتة لا تتغير : كذلك يضرب الله الحق والباطل ، ( فأما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ، كذلك يضرب الله الأمثال ).

( 4 )
لا أتردد في تقرير هذه الحقيقة ، رغم اني لا ازعم أن ( حماس ) حقٌ خالصٌ لا باطل معه ، وأن ( فتح ) باطلٌ خالصٌ لا حق معه .... إلا ان الذي لا يساورني فيه شك ان الحركة الإسلامية الفلسطينية صادقة كل الصدق في خدمة قضايا شعبها ، وجدية الى أبعد الحدود في ايمانها بالشراكة الحقيقية المبنية على أسس اسلامية – وطنية – قومية طاهرة وشفافة ، مع غيرها من أطياف الشعب الفلسطيني ، على قاعدة ان الكل شركاء في المصير وفي المسير ، ولا فضل لأحد على احد إلا بما يقدم في خدمة قضيته من نفسه وماله ودمه ..

إن المسارعة والإصرار على اتهام حماس بما ليس فيها من التهم الباطلة والخطيرة ، رغم إنكارها لها وتأكيدها على وحدة الشعب والجغرافيا الفلسطينيين ، واستعدادها الدائم للمشاركة في المفاوضات والحوار الداخلي على أسسٍ متفقٍ عليها تصب في مصلحة مجموع الشعب بعيدا عن المصالح الفصائلية والفئوية ، تدفعنا إلى الحديث بجرأة وصدق عن الدوافع الحقيقية وراء دفع هذه العناصر المتنفذة في فتح ومنظمة التحرير ، والتي لا تمثل ثقلا يُذكر على مستوى الشعب الفلسطيني ، نحو مزيد من القطيعة والصدام ، وكأني بهم لا يريدون المصالحة لعلمهم انها ستدفع بهم الى عالم المجهول ، وستقصيهم عن مواقع التأثير ، وهم الذين عاشوا حياتهم ( يقضمون ) ما شاءوا من جسد القضية والشعب دون رقيب ولا حسيب ....

( 5 )
من غير المجدي تجاهل الأسباب الحقيقة للانقسام الحقيقة او المقنع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني ، إذا ما اردنا فعلا ان نلامس الحلول الحقيقة للازمة . يمكن تلخيص أسباب الانقسام في :
أولا - النظام السياسي الفلسطيني والذي يعاني من خلل واضح سواء في منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها أو السلطة الفلسطينية ، والتي تسيطر حركة فتح على 85% منها ، الامر الذي يعني غياب المؤسسة الوطنية الجامعة التي تؤسس لحياة ديموقراطية حقيقة .
ثانيا - اختلاف الرؤى السياسية سواء في جانب الثوابت او البرامج السياسية ، وغياب المرجعية القيادية الحاكمة للأداء الوطني الفلسطيني .
ثالثا - التدخلات الخارجية وخصوصا الامريكية والإسرائيلية التي تعرقل جهود المصالحة بشكل مستمر .
رابعا – عدم جدية الرئيس أبو مازن وحركة فتح في تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه وخصوصا فيما يتعلق بإعادة بناء المنظمة ، تعطيل المؤسسات الفلسطينية المنتخبة خصوصا المجلس التشريعي ، معاودة التفاوض على ما تم الاتفاق عليه ، ملاحقة الأجهزة الأمنية للقوى التي تعتبرها ( معارضة ) خصوصا في الضفة الغربية ، علاقة السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي ( التنسيق الأمني ) .. الخ .. كل ذلك أدى إلى ضعف الثقة بين الأطراف .

( 6 )
للخروج من مأزق الانقسام لا بد من مداهمة الأسباب والعمل الجدي والمخلص والصادق لتجاوزها ..

من نافلة القول ان التعددية الفلسطينية الفكرية والسياسية ستبقى علامة فارقة في بنية الشعب الفلسطيني . لذلك من غير المنطقي مطالبة الشعب الفلسطيني بالتوحد الكامل من حول رؤية فصيل ما من الفصائل . الا ان هذه البديهية لا تبرر للمجموع الوطني الفلسطيني الاستسلام امام واقع الانقسام ، وعدم السعي على تجاوز هذه الحالة المرضية من خلال بناء مؤسسات وطنية ديموقراطية ممثلة لكل مكونات الشعب ، والملتزمة بثوابت الشعب والعاملة على تنفيذ ارادته وحماية مصالحة العليا .

خطوات بناء الثقة على نحو الافراج عن المعتقلين السياسيين ووقف الاعتقالات السياسية نهائيا، عودة منظمات المجتمع الأهلي الى وضعها الطبيعي ، إقامة المؤسسات واستيعاب الكوادر على أسس وطنية بعيدا عن الفصائلية، التعامل مع كل مكونات الشعب الفلسطيني على قدم المساواة ، ووقف الحملات الإعلامية المتبادلة ، كلها مقدمات ضرورية لتجاوز حالة الانقسام.

البدء في إعادة بناء المؤسسات الوطنية ، تطوير آليات صناعة القرار الوطني الفلسطيني وتقليل تأثيرات السياسية الدولية السلبية عليها ( أمريكا وإسرائيل وغيرهما ) ، بناء الأجهزة الأمنية على أسس وطنية تضمن اعدادها على قاعدة الولاء للشعب والوطن فقط بعيدا عن الفصائلية ، وتحمل العقيدة الأمنية المنحازة الى حق الشعب في الاستقلال وكنس الاحتلال ، تنفيذ اتفاقيات المصالحة بشكل كامل ومتزامن ، والزج بالشعب الفلسطيني في كل اماكن تواجده في صناعة القرار الفلسطيني ، كلها خطوات ملحة وغير قابلة للتجاوز إذا ما اردنا فعلا إغلاق ملف الانقسام والى الابد.

( 7 )
لا مفر إذا من التحرر الفوري من سياسة الاتهامات المتبادلة ، والرجوع الفوري الى الحوار ، وتحكيم العقل والاستجابة الى صوت القضية المتحشرج ... وإلا فلن يرحم التاريخ احدا ، ولن يغفر الشعب الفلسطيني لأحد عَبَثَ في قضيته المقدسة .. والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.

ابراهيم صرصور – قيادي في الحركة الإسلامية / الداخل الفلسطيني

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة