الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 11:01

من العاجز؟/ بقلم: الطالبة الجامعية جوليا شقّور

كل العرب
نُشر: 24/01/16 13:14,  حُتلن: 18:09

جوليا شقّور في مقالها:

نرى في مجتمعنا العديد من هذه المواقف، وحتى هذا اليوم لم نبادر بالتفكير بحلول جذرية مناسبة، فإننا نحاول استدراك الوضع بحلول مؤقتة، كوضع "العاجزين" بأماكن خاص

بالرغم من نقص بعض الحواس التي نملكها عندهم، الا أنهم قادرون على فهمنا في أغلب الحالات، ونحن مع كل ما نملك لم نقدر حتى هذا اليوم فهمهم كما ينبغي

لم نجتهد لإيجاد طرق لإدخالهم لعالمنا بصورة فعلية، مسلطين الضوء على نقصهم بصورة مبالغ بها

نحن معتادون على النظر الى فاقدي الحواس على أنهم عاجزون، ولا يجيدون فهم الاخر. وكثيرا ما تسول الينا انفسنا أن نرى في ذلك ضعفهم، على أننا اقوياء ونستطيع التفاهم وقضاء كل حاجاتنا دون مساعدة من أحد.

وكانت هذه نظرتي أنا ايضا الى أن جاء ذلك اليوم... كنت أعمل في دكان صغير للأحذية، وحدث في أحد الايام عند بداية ورديتي كالمعتاد، أني رأيت شخصًا "غريبًا"، مشيته ونظرته مختلفتين، كان ينظر بإمعان وتركيز شديدين، وكانه يقول: "لا أريد مساعدة من احد ولا أن أشرح نفسي لأحد، استطيع أن اتدبر امري". ولكن سرعان ما بدأت هذه النظرة بالتلاشي، فلم تصل الاخيرة الى هدفها المنشود.

وما كان منه الا أن اقترب مني طالبا المساعدة بتلميحات جعلتني افهم أنه لا يستطيع النطق. فبدأت اكلمه واعيد الكلام دون جدوى، حتى تيقنت أنه لا يسمعني ايضا، فقد كان يكرر اشاراته ذاتها. هنا بدأت معاناتي مع نفسي... كيف سأفهمه؟ اريد بشدة مساعدته... كيف سأفهم ما يدور بذهنه وماذا يريد؟ هل تضايق من طريقتي؟ هل اسلوبي كان جيدا؟ هل كنت اجيبه على ما كان يريده فعلا؟...

وهنا لجأت الى اساليب أخرى كالكتابة مثلا، ثم طلبت منه أن يتصل بأقربائه من هاتفي عسى أن أجد من يساعدني على فهمه. الا أنّ جميع محاولاتي باءت بالفشل. الشيء الوحيد الذي نجحت به في النهاية هو الهروب، الهروب من موقف حاولت جاهدة النجاح في.

في تلك اللحظة شعرت بعجز رهيب لم اشعر به من قبل، وتسائلت في نفسي، يا ترى من العاجز، أهو من فقد الحواس أو من يمتلكها كلها وبالرغم من ذالك لم يستطع ان يفهم؟! نعم... انا العاجز!!

نرى في مجتمعنا العديد من هذه المواقف، وحتى هذا اليوم لم نبادر بالتفكير بحلول جذرية مناسبة، فإننا نحاول استدراك الوضع بحلول مؤقتة، كوضع "العاجزين" بأماكن خاصة (مثل مدارس لذوي الاحتياجات الخاصة) وابعادهم عن حياتنا اليومية، وكأنّ فقدانهم لبعض الحواس هو مسؤوليتهم أو اختيارهم. ولكن وبالرغم من نقص بعض الحواس التي نملكها عندهم، الا أنهم قادرون على فهمنا في أغلب الحالات، ونحن مع كل ما نملك لم نقدر حتى هذا اليوم فهمهم كما ينبغي. ليس فقط ذلك، بل لم نجتهد لإيجاد طرق لإدخالهم لعالمنا بصورة فعلية، مسلطين الضوء على نقصهم بصورة مبالغ بها.

* كاتبة المقال جوليا شقور - طالبة عمل اجتماعي سنة أولى 


 

مقالات متعلقة