الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 17:01

خطأ أوباما الذي لا يزال يقوم على خطأ!/ بقلم: سليمان جودة

كل العرب
نُشر: 18/02/16 08:13,  حُتلن: 08:14

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

سليمان جودة في مقاله:

موقف أوباما كان في وقته خطأ وإن سياسته تجاه مصر منذ اقتراف ذلك الخطأ وبامتداد سنوات خمس هي خطأ قائم على خطأ!

انضمام الإخوان إلى حشود المظاهرات بدأ في اللحظة نفسها التي انتهى فيها أوباما من خطابه ذاك ولا يغيب عن فطنة القارئ الكريم معنى هذا الارتباط المباشر بين خطاب يجري إلقاؤه في البيت الأبيض وبين حركة فورية في الشارع يقوم بها الإخوان في مصر

أغراني مقال الكاتب الأستاذ مشاري الذايدي، على الصفحة الأخيرة، عن الكاتب الأميركي ديفيد إغناتيوس، بأن أضيف سطورًا في الموضوع الذي تعرض له الكاتبان معًا.

ذلك أن إغناتيوس، كان قد كتب مقالاً، نقلته عنه «الشرق الأوسط»، وكان قد قال فيه إن رؤية هيلاري كلينتون، لما جرى في مصر، في 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وقت جريانه، كانت هي الأصح، وهي الأقرب للواقع، وفي المقابل، كانت رؤية الرئيس الأميركي أوباما، هي الأشد خطأ وخطرًا!

والمعروف أن كلينتون كانت تتبنى وقتها، كوزيرة للخارجية في بلادها، انتقالاً تدريجيًا للسلطة، فيما بعد مبارك، بل إنها كانت ترى أن انتقال السلطة في القاهرة، من نظام مبارك، إلى نظام آخر خارج نظام مبارك، يحتاج لسنوات، وأن تعهد الرئيس الأسبق، في الخطاب الذي ألقاه بعد «25 يناير» بأيام، بأنه لن يترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولا ابنه جمال كذلك، كان يكفي جدًا للبناء عليه.

ولم تكن كلينتون وحدها في هذا الطرح، فالسفير الأميركي فرانك وزنر، كان يتبنى الرؤية ذاتها، وكان قد طار إلى شرم الشيخ، بعد 25 يناير بساعات، مبعوثًا من أوباما، والتقى فيها بمبارك الذي أبدى، بشكل واضح، عدم رغبته في الترشح رئاسيًا مرة أخرى، وأن ابنه لن يترشح، وأن كل ما يهمه الآن، أي وقتها، أن يرعى انتقالاً هادئًا للسلطة، لا تسقط فيه البلاد فريسة للمتطرفين.

وحين عاد وزنر إلى بلاده، فإنه نقل هذا الكلام إلى ساكن البيت الأبيض، وكان الأمل في ذلك الوقت، أن يتحلى أوباما بشيء من المسؤولية الجادة، تجاه ما يحدث في بلد بحجم مصر، ثم تجاه منطقة بكاملها كانت ولا تزال تموج بأحلام التغيير.. ولم يكن أحد ضد هذه الأحلام.. ولكن كل عاقل، كان ضد أن تبالغ الأحلام في التحليق في السماء، فلا يكون أمامها في النهاية، إلا أن ترتطم بالأرض، التي هي الواقع، وبكل قسوة!.. وهذا هو ما حدث بالضبط، بكل أسف!

وبدلاً من أن يتبنى الرئيس الأميركي، رؤية وزيرة خارجيته، ورؤية مبعوثه الخاص إلى مبارك، فإنه خرج في ليلة الأول من فبراير (شباط) من ذلك العام، ليقول إن انتقال السلطة في القاهرة، يجب أن يتم «الآن»!

أفتح قوسًا هنا، لأقول، إن انضمام الإخوان إلى حشود المظاهرات، بدأ في اللحظة نفسها، التي انتهى فيها أوباما من خطابه ذاك.. ولا يغيب عن فطنة القارئ الكريم، معنى هذا الارتباط المباشر، بين خطاب يجري إلقاؤه في البيت الأبيض، وبين حركة فورية في الشارع يقوم بها الإخوان في مصر.. لا يغيب أبدًا!

أعود إلى إغناتيوس الذي يقول في مقالته، إن اندفاع أوباما وراء الرغبة في الانتقال الفوري للسلطة في مصر، كان من الأخطاء الكبرى التي اقترفها الرئيس الأميركي على مدى رئاسته!

ثم أعود إلى الأستاذ الذايدي، الذي أضاف إضافتين مُهمتين، في تعليقه على المقال.. أما أولاهما، فهي إشارته إلى أن الكاتب الأميركي، مقرَّب من إدارة أوباما، وأن هناك من يعتبره الوجه الصحافي لها.. وأما الإضافة الثانية، فهي أن كلينتون لم تكن وحدها التي تبنت تلك الرؤية، ولا كان وزنر وحده معها، لأن الدولة السعودية، ومعها دولة الإمارات، كانت تتبنى الرؤية نفسها.. فهذا ما جرى في حينه، ولا بد أن يؤرَّخ له بأمانة، وأن يظل يقال!

ولست أريد أن أقول إن أوباما لو كان قد أنصت إلى رأي الملك عبد الله، باعتبار أن أهل مكة أدرى بشعابها، لكان حال المنطقة، الآن، حالاً آخر، ولكانت المنطقة قد تجنبت كل هذا العنف، الذي هي في غنى عنه، ولكانت المنطقة نفسها، قد خلت من «داعش» وغير «داعش».. غير أننا، كما ترى، نقول: لو!

ولكن.. ما أريد أن أقوله بشكل محدد هنا، هو أن إغناتيوس إذا كان يرى ذلك، في هذه الأيام، فالمؤكد أنه قد نقل ما يراه، إلى إدارة أوباما، بحكم أنه قريب منها، وأنه واحد من وجوهها الصحافية، فلماذا، إذن، لا تتصرف هذه الإدارة تجاه مصر، حاليًا، بناء على ما تبين لها، وليس بناء على ما كان منها، تجاه مبارك، قبل خمس سنوات!!

في لغة أوضح، فإن المتوقع منها، كإدارة أميركية حاكمة، أن تتصرف مع القاهرة، في عام 2016، على أساس ما تبين لها، من خطأ موقفها، في 2011، وليس أبدًا، بناء على الخطأ القديم ذاته، وكأنها لم يتبين لها شيء!.. إن كل متابعي الشأن المصري الأميركي، يكتشفون بسهولة، أن الولايات المتحدة لا تزال تتصرف مع الحكومة المصرية، وكأن موقفها يوم ألقى أوباما خطابه في 2011، كان هو الصحيح.. وهو الأمر غير المفهوم بالمرة!

ليت إغناتيوس يهمس في أذن أوباما بهذه العبارة الخالدة: الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.. وهي عبارة تعود إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، في واحد من خطاباته الباقية.

وإذا شئنا عبارة من واقع عصرنا، قلنا إن موقف أوباما كان في وقته، خطأ، وإن سياسته تجاه مصر، منذ اقتراف ذلك الخطأ، وبامتداد سنوات خمس، هي خطأ قائم على خطأ!.. وأولى بإدارته، أن تبدل موقفها الراهن، من الدولة المصرية، ما دام الضباب الذي أحاط بالخطأ الأولي، قد تبدد وانقشع!

نقلاً عن الشرق الأوسط

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة