الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 17:01

الشعبوية العربية/ بقلم: د.حسين الديك

كل العرب
نُشر: 05/09/16 09:00,  حُتلن: 09:08

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

د.حسين الديك:

اصبحت الشعبوية دستور للانظمة العربية السلطوية والتي تعتمد على خلق عدو وهمي للتذرع به في قمع الشعوب وكبت حرياتها وسلب حقوقها

 في العالم العربي فقد اصبحت النخب شعبوية وغارقة في الخطاب الشعبوي ولا تختلف في رؤيتها وعباراتها عن الشعبويين السلطويين 

الشعبوية مصطلح قائم على استمالة الشعب من خلال العواطف والمشاعر والانفعالات، ولقد أبدع العرب عبر تاريخهم بهذه السمة فقد صبغ تاريخ العرب بالتاريخ الشعبوي أي أنهم شعبويون تاريخيا، وتستخدم الشعبويا خطابات وشعارات و عبارات براقة رنانة عاطفية مثيرة فقط لاستقطاب الجماهير وكسب تاييدهم ، ولكنها في الواقع لا تقدم اي برنامج عمل او خطط واقعية تنقل هذه الجماهير وتاخذ بيدها الى بر الامان ، وهذا ما اصطلح على تسميته بالشعبوية العربية.

واصبحت الشعبوية دستور للانظمة العربية السلطوية والتي تعتمد على خلق عدو وهمي للتذرع به في قمع الشعوب وكبت حرياتها وسلب حقوقها ، وفي تاريخ العرب الحديث مثلت الدكتاتوريات العربية هذا العدو بجهات عدة ولكنها في الحقيقة هذا شيىء غير موجود بل هو نوع من الوهم والخيال فقط ، واستبسلت الانظمة العربية السلطوية في صنع بطولاتها المزعومة من خلال دغدغة المشاعر والعواطف واللعب على المخاوف من اجل الوصول الى الناس وكسب تاييدهم وبذلك كرست فلسفة الديماغوجية لترويض الجماهير العربية والتحكم بها واستعبادها.
ولقد ازدهر الخطاب الشعبوي في العالم العربي منذ التحرر من الاستعمار في اواسط القرن الماضي اذ تمثل في احتكار شخصيات عربية للسلطة والتحكم بالجماهير من خلال الخطاب الشعبوي واستطاعوا بناء انظمة تاتوليتارية سلطوية في بلادهم ، ابرز مظاهر تلك الانطمة هو التبجيل والتهليل والتصفيق للزعيم وللقائد وللحاكم الذي يقدم خطابا عاطفيا انفعاليا لا يمت للواقع باية صلة ، بل يحول الهزائم الى انتصارات ، ولعل خطاب الزعماء العرب بعد الهزيمة عام 1967م نموذج على ذلك.
وتتلخص الشعبوية العربية في التصفيق والتمجيد والتبجيل لقائد لا ينتصر ولم ينتصر ولن ينتصر، ولكنه يجمع الناس حوله بخطاب حماسي قومي او ديني ويحول الهزائم الى انجازات ويمثل العقيد القذافي نموذجا لذلك .
وفي الدول المتقدمة يأتي في مواجهة الخطاب الشعبوي الخطاب العقلاني المادي الملموس الذي يرتكز الى الحقائق والارقام والبيانات والمعادلات والبرامج الواضحة والتي تنفذ لتحقيق غايات المجتمع واهدافه ، وتواجه الخطاب الشعبوي خطاب النخب المثقفة في الدول المتقدمة والديمقراطية لتمثل نوعا من التوازن في الواقع الموجود رغم محدوديته.
واما في العالم العربي فقد اصبحت النخب شعبوية وغارقة في الخطاب الشعبوي ولا تختلف في رؤيتها وعباراتها عن الشعبويين السلطويين ، وهنا تكمن المصيبة الاكبر بمجتمع نخبه وقياداته شعبوية ؟؟ فاصبحت الشعبوية ميزة او ماركة مسجلة للمجتمع العربي والتي لا يمكن التحرر منها بل يدافع عنها كمنتج فريد يعتز به ويفاخر به الامم.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net


مقالات متعلقة