الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 04:01

نحو مجتمع عصامي (3)


نُشر: 17/04/06 11:16

24- متابعة لحديثي في المقالة السابقة عن ضرورة إحياء قيم المعاملات المالية في الفقه الإسلامي وخاصة إحياء قيم الشركات وفق هذا الفقه كدعامة هامة من دعائم المجتمع العصامي، واسمحوا لي أن أضع هذا النص الفقهي بين أيديكم وهو مأخوذ من موسوعة الفقه الاسلامي وأدلته - المجلد الرابع - للدكتور وهبة الزحيلي حيث يتحدث هذا النص عن بعض الشركات وفق المفهوم الاسلامي : ( شركة العقود: هي عبارة عن العقد الواقع بين إثنين فأكثر للإشتراك في مال وربحه وهو تعريف الحنفية السابق، وهي أنواع خمسة عند الحنابلة: شركة العنان، وشركة المفاوضة، وشركة الأبدان، وشركة الوجوه، والمضاربة، وقسمها الحنفية الى ستة أنواع: وهي شركة الأموال، وشركة الأعمال، وشركة الوجوه، وكل نوع من هذه الأنواع إما مفاوضة وإما عنان ... وسأبحث شرك العقود وفقا لمنهج الحنفية في التقسيم ...
أولا - تعريف شركة الأموال: وهي أن يشترك اثنان في مال فيقولا: اشتركنا فيه على أن نبيع ونشتري معا، أو أطلقا، ( أي لم يحددا البيع أو الشراء )، على أن ما رزق الله عز وجل من ربح فهو بيننا على شرط كذا، وهي اما مفاوضة أو عنان .
1- شركة العنان: وهي أن يشترك اثنان في مال لهما على ان يتجرا فيه والربح بينهما ( أي والخسارة عليهما أيضا) ... وهذا النوع من الشركات هو السائد بين الناس، لأن شركة العنان لا يشترط فيها المساواة لا في المال وفي التصرف ... ويجوز مع ذلك أن يتساويا في الربح او يختلفا، فيوزع الربح بينهما حسب الشرط الذي اتفقا عليه، أما الخسارة فتكون بنسبة رأس المال فحسب عملا بقاعدة: ( الربح على ما شرطا والوضيعة على قدر المالين ) .
2- شركة المفاوضة: وهي في الاصطلاح: أن يتعاقد إثنان فأكثر على أن يشتركا في عمل بشرط أن يكونا متساويين في رأس مالهما وتصرفهما ودينهما أي ( ملتهما)، ويكون كل واحد منهما كفيلا عن الآخر فيما يجب عليه من شراء وبيع ... أي أنهما متضامنان في الحقوق والواجبات المتعلقة بما يتجران فيه .. فهما يتساويان في رأس المال وفي الربح، فلا يصح ان يكون أحدهما اكثر مالا من الآخر ... وبعبارة اخرى تنعقد شركة المفاوضة على أساس الإشتراط فيما يملكه كل شريك من مال يصح أن يكون رأس مال للشركة وهو النقود الحاضرة، مع تساوي جميع الشركاء في الربح وفي رأس المال، وعلى ان يعمل كل شريك في مال صاحبه مستبدا برأيه ... ثانيا: شركة الوجوه: هي أن يشترك وجيهان عند الناس، من غير ان يكون لهما رأس مال على أن يشتريا في ذممهما بالنسبة ( أي بمؤجل) ويبيعا بالنقد، بما لهما من وجاهة عند الناس ...
شركة الأعمال أو الأبدان: وهي أن يشترك إثنان على أن يتقبلا في ذممها عملا من الأعمال، ويكون الكسب بينهما كالخياطة والحدادة والصباغة ونحوها، فيقولان اشتركنا على أن نعمل فيه على أن ما رزق الله عز وجل من أجرة، فهو بيننا على شرط كذا ... ليكون بينهما كسبهما متساويا او متفاوتا، سواء اتحدت حرفتهما كنجار ونجار او اختلفت كخياط ونجار ...
المبحث الثاني - شركة المضاربة: هي أن يدفع المالك إلى العامل مالا ليتجر فيه ويكون الربح مشتركا بينهما بحسب ما شرطا ، وأما الخسارة فهي على رب المال وحده ، ولا يتحمل العامل المضارب من الخسران شيئا وانما هو يخسر عمله وجهده ...)، ولا شك أني كتبت مختصر المختصر حول هذه الشركات ، ولا شك ان لكل شركة منها تفريعات فقهية طويلة جدا وتحتاج الى فقيه كي يلم بها ، ولكنني في نفس الوقت أؤكد أننا بأمس الحاجة الى احياء هذه الثروة الفقهية التي تتحدث عن هذه الشركات بهدف احياء هذه الشركات كيما نتقن من خلالها الجمع بين المال والأرض والإنسان ، وكيما نستثمرها كركائز تسهم في بناء الذات نحو مجتمع عصامي .
25- بالإضافة الى كل ما ذكر فأنا على قناعة أننا بحاجة الى إحياء دافع العمل التطوعي في نفوس أهلنا بحيث ننجح بدفع كل منا الى تخصيص مجموعة أيام من كل سنة بهدف ان يعمل فيها على خدمة مصالح مجتمعنا العربي الفلسطيني العامة ، وحتى نضبط هذا الجانب فأنا أرى من الضروري إحياء مشروع بعنوان ( زكاة الوقت ) وتعريف هذا المشروع هو أن نحدد نسبة مئوية واضحة كأن نحدد 1% أو 2% أو أكثر بحيث تكون هذه النسبة هي نسبة زكاة الوقت كل عام ، بمعنى أن أخصص 1% من أيام كل سنة فيما اذا اتفق على هذ النسبة كيما تكون محصلة هذه النسبة من الأيام وقفاً ودائما يلزمني على ضوئه أن أقضي هذه الأيام كل عام في خدمة مصالحنا العامة المختلفة التي قد تكون في النقب أو الجليل او المدن الساحلية ( عكا وحيفا ويافا واللد والرملة )، وبذلك نضيف عنصرا هاما آخر الى الأرض والمال والقدرات العلمية ألا وهو حركة التطوع الدائمة التي من شأنها ان تصنع لحمة يومية متينة بين أبناء مجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل .
26- وعلى ضوء كل ما تقدم فإن من الواجب علينا أن نستثمر كل ما تقدم لإقامة كل مؤسسة أهلية من شأنها أن ترعى احد مشاريعنا الأهلية والتي من شأنها مجتمعة أن تحقق لمجتمعنا كل ما يصبو إليه من تعليم وصحة وتصنيع وزراعة ورخاء .. الخ، وهذا يدفعنا أن نقيم مؤسسات لرعاية التعليم الأهلي، ومؤسسات أخرى لرعاية الصحة الأهلية وبناء العيادات والمستشفيات ، ومؤسسات أخرى لرعاية الأمومة والطفولة، وأخرى لرعاية التصنيع الأهلي وحركة الأسواق الأهلية والاقتصاد الأهلي، ومؤسسات أخرى لرعاية الوقف والمقدسات، وأخرى لرعاية الأرض والمسكن، وأخرى لرعاية سجناء الحرية، وأخرى لرعاية المزروعات والثروة الحيوانية والسمكية ، ... الخ، أي بمعنى آخر ان من الواجب علينا إقامة كل مؤسسة من شأنها أن تسهم في تحقيق كل طموح مجتمعنا وكل مطالبه العادلة، ولا شك ان كل ذلك سيمكننا من امتلاك المصادر المالية الذاتية الشفافة وسيمكننا من إقامة كل المؤسسات الأهلية والمشاريع الأهلية الشاملة كخطوة ضرورية نحو بناء الذات ونحو مجتمع عصامي .
27-وإذا ما تكللت مساعينا بالنجاح وأقمنا كل المشاريع التي ذكرتها سابقا فسنكون عندها قوما عمليين، لا بل سنكون قوما عصاميين كفة الكلام عندنا كنصف كفة العمل ، وعندها سنحسن التواصل العملي مع كل مجتمعنا العربي الفلسطيني في النقب والمثلث والجليل والمدن الساحلية، وعندها سنحسن ترجمة أعمالنا الى أقوال، وشعاراتنا الى مبادرات، وتضامننا الى تلاحم وتآزر، وعندها سنحسن التواصل الشامخ مع الحاضر الاسلامي والعربي ومع شعوب وجاليات الحاضر الاسلامي والعربي.
28- وهنا أؤكد أننا نطرح هذا المشروع ليس على اعتبار أنه ملك للحركة الاسلامية بل هو فكرة اقتنعنا بها وها نحن نضعها رسالة بين يدي الجميع وأمانة في أعناق الجميع كيما نعمل على تنفيذها سوية خدمة لكل أبناء مجتمعنا دون أن نُفرط بأحد منهم أو بأي حق من حقوقهم ، ونسأل الله تعالى التوفيق.
29- وواضح كل الوضوح أن هذا المشروع يقوم في الأساس على إحياء القيم الاسلامية العربية التي صنعت حضارة اسلامية عربية مجيدة وسطرت تاريخا اسلاميا عربيا مجيدا ولن يكتب لهذا المشروع النجاح إلا اذا نجحنا بإحياء هذه القيم والا فسنبقى نتخبط مكبين على وجوهنا ولن نحسن السير خطوة إلى الأمام ، بمعنى آخر فإن هذا المشروع يرفض في الاساس نظرية الإعتماد على صناديق الدعم الغربية التي تعطي بيد وتفرض أجندتها وسياساتها وشروطها بيد أخرى ، وفي نفس الوقت فإن هذا المشروع يرفض في الاساس نظرية استيراد القيم الدخيلة الغربية وغيرها ، لأن كلا النظريتين نظرية الاعتماد على صناديق الدعم الغربية ونظرية استيراد القيم الدخيلة تتناقض مع بناء الذات وفق الطاقات الذاتية والقيم الذاتية والارادة الذاتية نحو مجتمع عصامي.
30- لذلك أؤكد مرة بعد مرة أن لدينا القيم الذاتية الرفيعة، وقد تحدثت عنها خلال الفقرات السابقة وان واجب الوقت يفرض علينا السعي الى احيائها فوراً، إذ لا بد من احياء الزكاة وصدقة الفطر والصدقة الجارية والوقف والوصية والميراث وسنة الإنفاق وقيم المعاملات المالية في الفقه الاسلامي وخاصة إحياء قيم الشركات وفق هذا الفقه الخالد، وإذا ما نجحنا بإحياء هذه القيم الذاتية فإننا سننجح بإذن الله تعالى باحياء الطاقات الذاتية التي ستمكننا من التصدي لاغراءات صناديق الدعم الغربية وعندها ستكون افكارنا كما قال المثل : ( اذا كانت اللقمة من الفاس كانت الفكرة من الراس )، وعندها سنكون أصحاب فكرة ذاتية وإرادة ذاتية وبناء ذاتي ومسيرة ذاتية ، وإلا فإن الذين يتحدثون عن بناء الذات من خلال قيم مستوردة ومن خلال صناديق دعم غربية فإنما هم في الحقيقة يخدعون أنفسهم ويخدعوننا ويخدعون كل مجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل ومثلهم كمثل من يحرث في البحر ويضرب حديدا بارداً .
31- ثم اذا ما نجحنا باحياء القيم الذاتية ثم احياء الطاقات الذاتية فعندها سيسهل علينا القيام بمبادرات طلائعية مبدعية تجمع بين الأرض ورأس المال والإنسان العامل والإنسان ذي القدرات العلمية، وانني أطمع ان تقوم طليعة من بيننا من أصحاب العزائم العالية والإرادات القوية بتبني كل هذا المشروع من ألفه الى يائه والسعي الى تحقيقه على أرض الواقع، فهناك أرضنا الواسعة في البطوف التي يتهددها ما يتهددها من مخاطر لأسباب مختلفة وهناك أرضنا في النقب التي تعاني ما تعاني من مخاطر، وهناك أرضنا في الروحة وبعض مناطق المثلث المطموع بها ليل نهار، انني اطمع ان تقوم طليعة من بيننا لاستثمار هذه الأرض وإقامة تجمعات سكنية طلائعية تقوم على أصول هذا المشروع نحو مجتمع عصامي ، وعلى سبيل المثال لو راجعتم الفقرة (24) مرة أخرى لوجدتم انها تضم قيما لنوعية شركات اسلامية يمكن تطبيقها اليوم على هذه الأراضي، وان تطبيقها سينتج عنه اقامة تجمعات سكنية على قاعدة شركة العنان او شركة المفاوضة او شركة الأبدان او شركة الوجوه او شركة المضاربة، وسيشكل كل تجمع من هذه التجمعات السكنية نواة حية ونابضة يتوفر فيها القيم الذاتية والطاقات الذاتية والإرادة الذاتية والبناء الذاتي نحو مجتمع عصامي.
32- وأخيرا أنا لست من الحالمين، بل أنا من الموقنين انه اذا وجد الفهم السليم لأصول هذا المشروع ثم اذا وجدت العزائم العالية والإرادات القوية والاخلاص لتبني هذا المشروع ، فسيقوم على أصل ثابت ونام يوما بعد يوم، وانني ارى متفائلا بعض اصول هذا المشروع قد قامت على اصل ثابت والمطلوب فيما بعد العمل المتواصل ، ومن سار على الدرب وصل، وان بداية الألف ميل هي ميل واحد، وان طريق الحق لا يعيبه قلة السالكين فيه، وقل اعملو فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.73
USD
4.00
EUR
4.68
GBP
222617.69
BTC
0.51
CNY