الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 22 / نوفمبر 21:01

عمونة – قلنسوة.. كفوف ناعمة وجرافات مجرمة/ بقلم: جوني منصور

كل العرب
نُشر: 11/01/17 12:34,  حُتلن: 13:35

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

جوني منصور في مقاله:

في قضية عمونة عملت الحكومة كل جهدها للالتفاف على كل القوانين والأعراف المعمول بها

في قلنسوة ومن قبلها في حرفيش ومجد الكروم وفي العراقيب وام الحيران وبير هداج وغيرها، تنفذ القانون بحرفيته دون اي علاج للقضية

حكومة اسرائيل الحالية وبعد سبعين عاما من تأسيسها لا تزال تنظر إلى مواطنيها العرب الذين يشكلون 20% من مجمل السكان، نظرة عدائية

إن كان هناك جدل جماهيري واسع بخصوص اعلان الاضراب ليوم واحد، فهذا أمر شرعي وصحي للغاية في مجتمع متعدد الاتجاهات

لستُ بصدد إجراء مقارنة ما بين المستوطنة "عمونة" ومدينة قلنسوة. فقلنسوة مدينة عربية فلسطينية يعود عمرها إلى آلاف السنين. وأهلها هم أصحاب البلاد والأرض الاصليين، لم يبرحوها مطلقا. في حين أن "عمونة" هي مستوطنة من بين مئات المستوطنات التي اقامتها حكومات اسرائيل المتعاقبة على أراض فلسطينية محتلة، لها (أي الأراضي) اصحابها الشرعيين من الفلسطينيين ابناء البلاد الاصليين. وسكان عمونة هم من المستوطنين اللصوص الذين يساهمون مع حكومتهم ومؤسساتهم الاستيطانية بعملية سرقة ونهب املاك الشعب الفلسطيني، بهدف إقامة مستوطنة بذريعة الحق الالهي الذي ابتدعته آلة الكذب والبهتان الاسرائيلية.

ففي الوقت الذي تعمل فيه حكومة نتنياهو العنصرية ومنذ شهور طويلة على شرعنة المستوطنات، وتعمل على ايجاد حل لمستوطنة عمونة غير الشرعية ككل المستوطنات في الضفة الغربية والجولان المحتلين، لا تقوم هذه الحكومة بأي خطوة لايجاد حلول لمشكلة السكن التي يعاني منها مواطنوها العرب الفلسطينيين. ومشكلة الأرض والسكن في المجتمع العربي في اسرائيل لها من العمر أكثر من اربعة عقود من الزمن. ولم تضع اي حكومة خطة آنية ومستقبلية لوقف نزيف الكثافة السكانية في القرى والبلدات العربية نتيجة للبناء المكثف في قطع الأراضي الباقية ضمن حدود القرية أو البلدة.

لعمونة تم تخصيص عدة جلسات للحكومة وللكنيست ولعدد من الاحزاب، وتهافتت وسائل الاعلام الاسرائيلية المجندة في اغلبيتها لخدمة آلة التدمير والهدم الاسرائيلية. في حين أن هذه الحكومة لم تخصص جلسة واحدة لمعالجة القضية. ولم يبادر رئيس الحكومة ولو لمرة واحدة بالاطلاع على أزمة الأراضي والسكن في القرى العربية.

وخصصت حكومة نتنياهو مئات ملايين الشواقل لمعالجة مستوطنة عمونة، بالإضافة إلى عملية نقلهم إلى موقع آخر يعود هو أيضا لملكية فلسطينية. هنا، في قضية عمونة عملت الحكومة كل جهدها للالتفاف على كل القوانين والأعراف المعمول بها، في حين أنه في قلنسوة ومن قبلها في حرفيش ومجد الكروم وفي العراقيب وام الحيران وبير هداج وغيرها، تنفذ القانون بحرفيته دون اي علاج للقضية التي مصدر الاشكالية فيه وزارات الحكومة المعنية، ودوائرها الحكومية التي تقوم بتنفيذ سياسات الهدم. لمجرد هذه المقارنة في التعامل الرسمي من قبل حكومة اسرائيل، وهي إطار رسمي يمثل مصالح المواطنين كل المواطنين، نجد الفارق الكبير، والتمييز الصارخ بقوة في سياسات الحكومة اليمينية.

من الواضح لنا، أن سياسات حكومة اسرائيل الحالية وكل الحكومات السابقة عملت وتعمل على نزع كل الأراضي من ايدي الفلسطينيين، وعدم توسيع مسطحات القرى والبلدات العربية، لتزداد الكثافة داخل المسطح القائم، وبالتالي تتحول قرانا إلى مخيمات لاجئين بالتمام. وأيضا، تصبح الحياة أكثر تعقيدا، وتزداد الضغوط البشرية اليومية وتنتشر الجريمة والفاقة والفقر... وعندها "يضرب المجتمع بعضه بعضا" كما هو حاصل في مظاهر العنف المستشرية جدا في بلداتنا من قتل وسرقة واطلاق نيران، وحوادث طرق وتدمير الممتلكات العامة الخ...

إن واجب الحكومة أولا وقبل اي سلطة ومؤسسة غير حكومية معالجة قضايا مواطنيها دون تفرقة باللون والدين والجنس والانتماء القومي او السياسي.
إن حكومة اسرائيل الحالية وبعد سبعين عاما من تأسيسها لا تزال تنظر إلى مواطنيها العرب الذين يشكلون 20% من مجمل السكان، نظرة عدائية. هذه النظرة مرتبطة ارتباطا قويا بالصراع الفلسطيني – الاسرائيلي الذي لم يصل إلى نقطة الحل، ويبدو أنه لن يصل بالمنظور القريب.

هناك من يدعي انه يجب عدم ربط القضايا اليومية بالقضية الكبرى. ولكن بنظري هو هكذا. القضية الفلسطينية تقض مضاجع الاسرائيليين بعدم تمكنهم من تصفيتها نهائيا. والشوكة العالقة في حلوق الاسرائيليين هي الفلسطينيين في اسرائيل.
هذه الشريحة السكانية الباقية في وطنها، والتي عبر عقود طويلة من نضالها وكفاحها من اجل البقاء والوجود والاستمرارية، بلغت درجة عالية من الوعي الذاتي والثقة بالنفس بأنها - اي الشريحة - تصر على تحصيل حقوقها القومية والمدنية من دولة اسرائيل التي فُرضت عليهم، وهم أصبحوا مواطنيها. فمن حق المواطن ان ينال حقوقه إن لم يكن بالرضا فبالمطالبة القانونية والعادلة.

لهذا، وإن كان هناك جدل جماهيري واسع بخصوص اعلان الاضراب ليوم واحد، فهذا أمر شرعي وصحي للغاية في مجتمع متعدد الاتجاهات الفكرية والتيارات السياسية والاجتماعية والثقافية. لكن، اليوم وفي ظل عملية الهدم ذات الدلالات التهديدية من قبل نتنياهو وعصابته، فإن الاضراب هو وسيلة لا تزال نافعة وناجعة إلى حد ما. ولكن يجب ألا تبقى سلاحا يُشهر حالا في اعقاب احداث آنية. فمن هنا، وبعد تجربة عمونة وكيفية تعامل هذه الحكومة معها، وتجربة قلنسوة وكيفية تعامل ذات الحكومة من المفروض تشكيل غرفة طوارئ مؤلفة من مختصين في ميادين الحياة المختلفة، وفي مقدمتهم رجال إعلام ومثقفين وطبعا سياسيين، لمواجهة كل ما يعكر صفو سير حياة المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل، ويقدم توصيات تتناسب والحدث الماثل أمامها في لحظة واقعية. وباعتقادي انه من الواجب الاستفادة من كافة وسائل الاعلام والميديا المتوفرة وتعميم الاخبار والتقارير بلغات مختلفة(اقترح تبني ستة لغات معتمدة من قبل الأمم المتحدة) لنقل ما يجري في مجتمعنا الى العالم. اصبح من الضروري مخاطبة الرأي العام العالمي بما يجري للأقلية العربية الفلسطيينة الاصلانية في أرضها ووطنها وما يلحق بها من سياسات قمعية وملاحقات سياسية وتضييقات يومية.
لهذا، وبعد الاضراب ليوم واحد، علينا من يوم غد وضع خطة تفصيلية لمواجهة الحكومة والتصدي لسياساتها القمعية والاقتلاعية، وتفويت الفرصة على هذه الحكومة بتصويرنا محليا وعالميا أننا شعب مخالف للقانون.
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة