للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
موسى حجيرات:
أهم ما يشعر المرء ببقائه؛ فيسعد له، ويسرّ هو الاعتقاد برضا الله تعالى، وأجر التّعبّد والطّاعات
من ناحية ماديّة فيلحظ المرء المسلم الذي ساير الشّرع في صومه وسلوكيّاته الاستهلاكيّة في الشّهر الفضيل أنّه وفّر لنفسه توفيرًا ماديًّا كثيرًا
فما يبقى من رمضان فالكثير الكثير، والذي يغفل عنه الكثير من النّاس، فمنه، مثلا، مسبّبات قبول الصّوم كالتقيّد به، والتّعبّد به، والتّقرب إلى الله جلّ وعلا
انتهى رمضان، وغدًا نقول ولّى رمضان، وما هي إلا أشهر ونقول أقبل رمضان. فما زال يأتي ويذهب، ألا نسأل أنفسنا ما يذهب منه وما يبقى؟
إنّ أول ما يتبادر للذّهن من الذّاهب منه، والذي يوقن كلّ شخص أنّها ذاهبة لا محالة هي الأطباق الشّهيّة بأكلاتها، ومقبّلاتها، وسلطاتها، وزينتها بالمكسّرات، وأطباق الحلويات، قطايفها وكنافاتها.
وممّا لا محال للشّك فيه، فهي ذاهبة، والكلّ يعرف إلى أين. أليس من معتبر يستنتج: ما دام هي هكذا، فلم أشغلنا أنفسنا ساعات وأيّام لإعدادها؟ لمَ قدّسناها وأعطيناها أكبر وأكثر من قدرها العيني والزّماني؟
ثمّ كم جلست نساؤنا إلى شاشات التّلفاز يتابعن فضائيّات الأطعمة بأنواعها، ويحفظن وصفاتها للأكل، وينفّذنها بحذافيرها في رمضان؟
ها هو رمضان يولّي، وكأن شيء لم يكن.
إنّ تحضير موائد الطّعام حسب الوصفات ولغايات تنفيذ الوصفات للتّباهي والظّهور فقط ليزيد كثيرًا من الأطعمة على الموائد، ممّا يزيد ظاهريًّا من استهلاك الأطعمة بحيث يفوق معدّل الاستهلاك الرّمضاني للأطعمة ما يقارب %20 من الاستهلاك العام.
ولكن واقعيًّا فالأطعمة على الموائد تزيد كثيرًا عن حاجة أصحابها لها، لذا تُلقى فوائض الأطعمة في حاويات القمامة، ويتحوّل صنعها وتحضيرها هباءً منثورًا.
وليس عبثًا أن كانت نتائج إحصائيّة فريدة من نوعها في إحدى الدّول العربيّة أن قمامة رمضان تشكّل %45 من القمامة جميعها في كافّة أشهر السّنة.
وما يذهب، أيضًا، "تمضية الوقت"، حيث تنتشر في رمضان ظاهرة "تمضية الوقت"، والتي تعني التّخفيف من معاناة انتظار الإفطار بالسّفر بدون هدف، أي ركوب السّيارة والتّحرك إلى لا عنوان ثمّ العودة قبيل الإفطار.
ألا يرك هؤلاء أنّ الوقت لا شكّ ماض، وبشكل طبيعيّ، ولا حاجة لتقطيعه وتضييعه في غير فائدة، فلأنّنا محاسبون عليه، وكيف أمضيناه، فتتحوّل تمضيته بدون جدوى إلى عمل شيطاني.
والأغرب من ذلك أنّنا ندرك أنّ ليس كلّ ما في رمضان ماضٍ وزائل، لا بل يبقى الكثير، ولكن عجبًا لما لا نعدّ لما يبقى؟ عجبًا، لمَ لمْ نؤثر الإعداد لما يبقى على ما يفنى؟
فما يبقى من رمضان فالكثير الكثير، والذي يغفل عنه الكثير من النّاس، فمنه، مثلا، مسبّبات قبول الصّوم كالتقيّد به، والتّعبّد به، والتّقرب إلى الله جلّ وعلا. فقد يدرك الصّائمون جميعًا أنّ الصّوم أنواع، فما وافق منه الشّرع والدّين بمسبّباته، وغاياته، ومميّزاته، والنتائج التي يحصدها كان صومًا باقيًا، وما عداه يفنى.
كذلك يبقى من الصّيام الشّعور مع الفقراء والمحتاجين طوال العام، هذا الشّعور الذي ينمو في رمضان، ويتطوّر بقية الأشهر بحيث يتحوّل إلى شعور يلازم المسلم طوال حياته. يضاف إلى قائمة ما يبقى أجر الذّكر، والصّلاة، والرّكوع، والسّجود، والقيام، وأعمال البرّ والخير، والفضيلة التي يبادر إليها الصّائم في رمضان كثيرًا.
ومن ناحية ماديّة فيلحظ المرء المسلم الذي ساير الشّرع في صومه وسلوكيّاته الاستهلاكيّة في الشّهر الفضيل أنّه وفّر لنفسه توفيرًا ماديًّا كثيرًا، وتجنّب في رمضان ضيق الحال المادي الذي ينتج من التّقليد والإسراف للمباهاة، وكذلك تجنّب الاقتراض من الآخرين والاستدانة، ولكثرة تراكم الدّيون التي تنتج عادة من الفوضى الاستهلاكيّة.
وأهم ما يشعر المرء ببقائه؛ فيسعد له، ويسرّ هو الاعتقاد برضا الله تعالى، وأجر التّعبّد والطّاعات.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net