الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 22:02

تريدون فقرًا أقلّ؟ استثمروا في المصالح التجاريّة لصالح الجمهور/ إياد شيخ أحمد

إياد شيخ أحمد
نُشر: 11/03/18 11:50,  حُتلن: 14:23

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

إياد شيخ أحمد في مقاله:

التقرير الأخير لمؤسّسة التأمين الوطنيّ حول حجم الفقر والفجوات الاجتماعيّة في إسرائيل، يعرض مرّة أخرى، صورة قاتمة وصعبة عن أبعاد هذه الظاهرة


يشكّل الفقر وانعدام المساواة مشكلة اجتماعيّة تستدعي نقاشًا معمّقًا وبلورة خطّة لتقليص حجم هذه الظاهرة

 تقليص ظاهرة الفقر في إسرائيل يتطلّب خطّة عمل مبلورة ومنظّمة، قسم منها يمكن أن يكون تشجيع ودعم إقامة المصالح التجاريّة الاجتماعيّة كأداة هامّة للحدّ من الفقر في المناطق الضعيفة

معدّلات الفقر العالية في المجتمع العربيّ تتطلّب تفكيرًا خلّاقًا، يتمحور حول المصالح التجاريّة التي تريد تحقيق الأرباح، ولكنّها تعمل من أجل المجتمع. النتيجة: عدد أقلّ من الأشخاص الذين يعتمدون على المخصّصات، وعدد أكثر من الأشخاص الذين يعملون من أجل العيش بكرامة.

التقرير الأخير لمؤسّسة التأمين الوطنيّ حول حجم الفقر والفجوات الاجتماعيّة في إسرائيل، يعرض مرّة أخرى، صورة قاتمة وصعبة عن أبعاد هذه الظاهرة. بناءً على هذا التقرير، كانت في عام 2016 في إسرائيل463,300 أسرة فقيرة، من ضمنها 842,300 طفل. أحد المعطيات المثير والباعث على الإحباط على حدّ سواء، الذي يتبيّن من التقرير هو الزيادة في انتشار الفقر بين الفئات السكّانيّة العاملة. المجتمعان اللذان يبرز فيهما انتشار الفقر، هما المجتمع العربيّ (49.4%) والمجتمع اليهوديّ المتزمّت (الحريديم) (45.1%.).

يشكّل الفقر وانعدام المساواة مشكلة اجتماعيّة تستدعي نقاشًا معمّقًا وبلورة خطّة لتقليص حجم هذه الظاهرة. وذلك بشكل خاصّ على ضوء حقيقة كون الاقتصاد الإسرائيليّ اقتصادًا قويًّا يتّسم بانخفاض معدّلات البطالة ومعدّلات نموّ مرتفعة. ولكن، هلّ يتغلغل النموّ، الذي تستفيد منه الأعشار العليا، إلى الشرائح الضعيفة أيضًا؟
العوامل المسبّبة لحجم الفقر العالي كثيرة ومن ضمنها حجم الأسرة، غلاء المعيشة، مستوى الراتب، مستوى التعليم، وجود معيل وحيد في الأسرة، حجم المخصّصات التي يتمّ الحصول عليها من مؤسّسة التأمين الوطنيّ، البعد عن مركز البلاد وعوامل إضافيّة. في المجتمع العربيّ هناك عوامل إضافيّة.
فعلى سبيل المثال، في عام 2018 كانت نسبة النساء المشاركات في سوق العمل متدنّية، إذ لم تتجاوز الـ 30 ٪، وبالتالي فإنّ غالبيّة الأُسَر في هذا المجتمع تعتمد على معيل وحيد. بالإضافة إلى ذلك، قسم كبير من العاملين في المجتمع العربيّ يعملون في وظائف ذات أجر منخفض، في فرع البناء أو في مجال الصيانة، كما أنّ جزءًا كبيرًا من البلدات العربيّة يفتقر إلى مناطق صناعيّة، ولذلك فإنّ الوظائف المعروضة محدودة منذ البداية. هذه العوامل، جنبًا إلى جنب، مع غلاء المعيشة، تزيد من ظاهرة الفقر والفجوات الاجتماعيّة.

يستند الضمان الاجتماعيّ في دولة إسرائيل في معظمه على مخصّصات مؤسّسة التأمين الوطنيّ، ولكنّ هذا الجهاز وحده ليس كافيًا. بالإضافة إليه، يجب تبنّي خطط جديدة تشجّع الاندماج في سوق العمل وتقلّل من الاعتماد على المخصّصات.
فعلى سبيل المثال، يجب استثمار الموارد في تطوير سوق المال الاجتماعيّ في إسرائيل، كآليّة تعزّز قطاع الأعمال وكذلك القطاع الثالث. بإمكان هذين القطاعين الإسهام بشكل كبير للمناطق الضعيفة، والمساعدة في حلّ مشكلة الفقر.
في هذا السياق، بإمكان المصالح التجاريّة في مناطق الهامش والأطراف وفي المناطق الضعيفة أن توفّر أماكن عمل كثيرة لسكّان المنطقة وتقليص الاعتماد على المخصّصات. علاوة على إسهامها الاقتصاديّ، فإنّ المصالح التجاريّة الاجتماعيّة بإمكانها الإسهام في النهوض بالأهداف الاجتماعيّة والعامّة. هذه النقطة في غاية الأهمّيّة بصورة خاصّة وذلك لأنّ الضعف الاقتصاديّ لهذه المناطق الضعيفة، يجعل سلّة خدمات الثقافة والتعليم غير المنهجيّ في الحكم المحلّيّ محدودة بشكل عامّ أو غير قائمة بالمرّة. وهكذا، يمكن استخدام جزء من أرباح المصالح التجاريّة الاجتماعيّة لأهداف عامّة لصالح سكّان المنطقة.

مثال على مشروع اجتماعيّ ذي خصوصيّة هو مشروع السنابل- وهو مبادرة توفّر في كلّ يوم آلاف الوجبات الساخنة لتلاميذ المدارس ورياض الأطفال في المجلس المحلّيّ في حورة والبلدات المجاورة. يشكّل مشروع السنابل مكان عمل هامًّا ومصدرًا لتطوير وتمكين نساء بلدة حورة، كما يقدّم إسهامًا كبيرًا للمجتمع ولبيئة المنظّمة.
علاوة على ذلك، هناك مصالح تجاريّة اجتماعيّة تعمل على دمج أشخاص ذوي احتياجات خاصّة، أو أبناء شبيبة في ضائقة، وتوفّر لهم مكان عمل ومصدر رزق، وكذلك طريقًا للخروج من دائرة الإجرام إلى طريق جديدة، إكمال التعليم وتعلّم مهنة.
للإجمال، تقليص ظاهرة الفقر في إسرائيل يتطلّب خطّة عمل مبلورة ومنظّمة، قسم منها يمكن أن يكون تشجيع ودعم إقامة المصالح التجاريّة الاجتماعيّة كأداة هامّة للحدّ من الفقر في المناطق الضعيفة.


* الكاتب هو مدقّق حسابات ومحاضر في جامعة بن غوريون وفي الكلّيّة الأكاديميّة سابير

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة