الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 27 / نوفمبر 11:02

رد فعل لقانون القومية / بقلم: سعيد أبو شقرة

سعيد أبو شقرة
نُشر: 25/07/18 12:33,  حُتلن: 23:38

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

سعيد أبو شقرة في مقاله:

ليس لديّ أدنى شكٍّ بأننا سنواصل توثيق أواصرنا، ووقوفنا صامدين في وجه المؤامرات الشيطانيّة العاتية التي تهدف إلى زرع الكراهية، وتوطين التغريب

وراء هذا القانون وقف أشخاص حملوه أوّلاً كفكرة، ثمّ عملوا على تنميته وتطويره حتى نال المصادقة النهائيّة، ليكون بمثابة صفعةٍ على وجوهنا، ويبقى تذكرةً دائمةً بأنّ الحياة في هذه البقعة من الأرض تُقاس بالتبعيّة العرقيّة والطائفيّة والدينيّة

لم يكن هناك بُدٌّ من مشاركتكم بما اعتراني واختلج في صدري من مشاعر الأسى، حتى في هذه اللحظات التي جمعتني بأبنائي الذين يدرسون في الخارج، والتي يُفترض أن أستمتع أثناءها بإجازتي الصيفيّة في كنف عائلتي.

لستُ وحدي من أيقظت المُصادقة على قانون "القوميّة" في الكنيست داخله كتلةً من مشاعر مختلطة، فيها من الكآبة والارتباك والخذلان. إنّ سنُّ مثل هذا القانون ليس إلاّ خيانةً للمواطنين الذين عملوا جاهدين دون كلل أو ملل، محاوِلين تمهيد طريقٍ قد تُفضي إلى بصيصٍ من الأمل. ونجحوا، مع كلّ العوائق والصعوبات بابتكار أساليب في نسج شراكاتٍ مُلهمة تدعو للتفاؤل وتعزّز الإحساس بالانتماء.

وراء هذا القانون وقف أشخاص حملوه أوّلاً كفكرة، ثمّ عملوا على تنميته وتطويره حتى نال المصادقة النهائيّة، ليكون بمثابة صفعةٍ على وجوهنا، ويبقى تذكرةً دائمةً بأنّ الحياة في هذه البقعة من الأرض تُقاس بالتبعيّة العرقيّة والطائفيّة والدينيّة. لمن ساوره الشكّ بذلك، ولمن ظنّ بأنّ هذا التصوّر مبعثه الحشود الغاضبة والدهماء من قليلي الفهم ومعدومي الذكاء، فإنّ صورة "السلفي" التي توثّق "احتفالية النصر" بعد المصادقة على القانون، تأتي لتؤكّد بأنّ العنصريّة قائمةٌ ومُستشرية، بل وها هي تحظى بصلاحيّة ومشروعيّةً قانونيّة.

لا يمكن إعفاء مؤيّدي القانون الجديد والاكتفاء باتهامهم بالغوغائيّة والعُنصريّة، لأنّ صُنّاع هذا القانون والمبادرين في تشريعه هم شخصيّات قياديّة في الدولة، ممّن صوّتوا – جهارًا نهارًا- لصالح إضفاء الشرعيّة على الفئويّة الدينيّة والطبقيّة، وتصنيف الناس إلى جيّدين وأقلّ جودة؛ فرزٍ أوّل وفرزٍ ثانٍ. في حقيقة الأمر مُرادهم في القول: بغضّ النظر عمّا تفعله في الحياة، فإن أصولك العرقيّة والدينيّة ستُلاحقك إلى الأبد. ومع شعوري بالهزيمة والخيانة من قِبَل الدولة التي خلّفتنا وراءها، إلاّ أنّ خشيتي على مستقبل هذا المكان أكبر. يرعبني من أن يودي بنا قادتها، المفتقدون للمسؤوليّة والرؤيا، إلى مهالك الردى، وأن يجتثوا تطلّعنا إلى حياةٍ تنعم بالهدوء والسلام والسكينة.

لحسن حظّنا، فإنّ هناك من يستحق التقدير على العمل لسنواتٍ طِوال في سبيل المساواة والتعايش، سواءً كان ذلك على مستوى الأفراد أو الهيئات العامّة. وليس لديّ أدنى شكٍّ بأننا سنواصل توثيق أواصرنا، ووقوفنا صامدين في وجه المؤامرات الشيطانيّة العاتية التي تهدف إلى زرع الكراهية، وتوطين التغريب، وإشعال فتيلة الحرب بين الإنسان وأخيه الإنسان. وبصفتي مديرًا لصالة العرض للفنون أم الفحم فإنني أعلن عن استمراريّتها في البقاء كما عهدتموها، منصّةً للثقافاتِ مُتعدّدةً، مبدؤها التكافؤ، وقوامها تشجيع الإبداع الفنيّ ذي المضمون القويّ على امتداد أطرافه واتساع بقعته، لتُشكّل نقطة التقاءٍ مكينة تحفظ حريّة الفكر والتعبير، مُتصدّيةً للقوى الظلاميّة التي تحاول قمعنا وسلبنا هذه القِيم.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة