للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
يقول الناقد السوري، كمال أبو ديب في لقاء معه: "لدينا إبداع لا يقلّ امتيازا عمّا ينتجه الغرب، لكنّنا أدمنّا تهميش أنفسنا". وأنا أتّفق معه تماما وأضيف: "وأدمنّا الجهل الذي نعيشه، سواء فُرِض علينا أو فرضناه على أنفسنا" وذلك لأسباب عديدة، ولكن سياسية واجتماعية بالأساس.
وإن كان التعميم جائزا هنا، إلّا أنّني أقول ذلك الآن، لأنّ عددا ليس بقليل من المثقّفين العرب يرون أنّ ما بلغناه من إبداع، مرتبط ارتباطا كليّا بما أخذناه عن الغرب، وبذلك لا يكونون قد تجاهلوا نظرية المؤامرة فحسب، بل شاركوا فيها أيضا. ووجودهم بيننا، والذي لا يختلف كثيرا عن وجود السلطة السياسية، يُؤكّد أن وجود الاستعمار وخطابه القمعي المستبدّ، ما كان ليرحل فيزيقيا، لو لم يضمن استمراره الميتافيزيقي، معتمدا بذلك على صنائعه السلطوية، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وحتى الدينية، التي خلقها قبل رحيله.
وتساءلت أثناء قراءتي: ماذا سأقول عن كتاب كهذا، غير أنّه على كل مثقّف يهتمّ بتراثنا وأدبنا ويُؤمن بقدرتنا على الإبداع، أن يقرأه من الغلاف إلى الغلاف، وبعمق، خاصة وأنّ لكل واحد منّا ارتباطه الخاصّ بالسلطة، ونزوعه المتوارث نحوها، وفي داخله معاناة منها، وبشكل خاص من السلطة العربية على جميع مستوياتها وأشكالها. وسؤال آخر شغل تفكيري: كيف سأبتعد فيما سأقوله في هذه العجالة، عن السطحيّة، والوقت لا يكفي للحديث عن فصل واحد من فصول هذا الكتاب الذي يطرح بعمق، كثيرا من المسائل والمشكلات التي واجهها وما زال يواجهها الوجود العربي بكل مكوناته الثقافية والسياسية والاجتماعية، والاقتصادية؟
المشكلة هنا، ليست علاقة كمال أبو ديب الشخصية بالسلطة العربية، ولكنّها بلا شكّ، صورة من صورها. وهو حين يقوم في كتابه، ليس بتوصيف السلطة العربية بكل أشكالها فحسب، بل بتفكيكها ودراسة تعالق أقانيمها الثلاثة: الألوهة والحاكمية والأبوة، إنّما يسعى لفضح الحالة العربية التي تكرّس العبودية والتّبعية. وهو يفعل ذلك تمهيدا وتيمّنا بانتقال المبدع العربي من حالة محاكاة الثقافات الأخرى، الغربية بشكل خاص، إلى حالة الإلهام التي، كما يرى أبو ديب، لم نصلها حتى الآن، ليس لأنّنا عاجزون، بل لأنّ هذه الحالة مرتبطة كليّا بالأوضاع العربية: السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
للتأكيد على قدرتنا وعدم عجزنا، استعان أبو ديب بناقدين عربيين، اعتبرهما أكبر ناقدين في العالم، وهما: المصري إيهاب حسن والفلسطيني إدوارد سعيد. فالأول هو أهمّ ناقد لدراسات الحداثة وما بعد الحداثة. والثاني، لم يترك موضوعا يتعلّق بالقضايا العربية والإسلامية والفلسطينية إلّا نبشه وكتب فيه، ويكفيه أنّه صاحب كتاب "الاستشراق" الذي فكّك نظريات الغرب في هذا المجال وفضحها. وكمال أبو ديب هو من نقل كتاب "الاستشراق" إلى العربية، وقدّمه للمثقّف العربي ليقول له: "جاء الوقت لتقف على حقيقة الاستشراق وحقيقة تعامل الغرب معنا". كما أنّ لكمال أبو ديب إسهامات نقدية عديدة، فيها إضاءات وإضافات كثيرة إلى ما جاء به الغرب من نظريات.
في دراستي حول الحرية والإبداع والرقابة، والتي بيّنت فيها أثر الرقابة على الرواية السورية الحديثة، أشرت إلى أنّ الرقابة ومنع نشر الكتب أو إحراقها بعد نشرها، ليس امتيازا عربيا. ومن يقرأ أعمال كمال أبو ديب، وخاصة هذا الكتاب، سيجد أنّه يفعل ذلك بشمولية أكبر، ليؤكّد ما سبق وذكرته أنّ "لدينا إبداعا لا يقلّ امتيازا عمّا ينتجه الغرب"، ويضيف أنّ القيم الإنسانية .
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com