الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 10:02

لسنا لعبة بأيديكم - القائمة المشتركة هي خيار وحيد/ بقلم: بروفيسور اسعد غانم

بروفيسور اسعد غانم
نُشر: 08/02/19 23:05,  حُتلن: 15:48

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

بروفيسور اسعد غانم في مقاله:

ليس هنالك ادنى شك بأنّ شعبنا كان تاريخيا ضحية لاعتداءات خارجية وعلى رأسها الاستعمار والكولونياليه الاوروبية بتجلياتها المختلفة

رغم الوضع المرزي وما نراه من وضع متدهور ومتفاقم في كل اماكن وجود شعبنا، الا ان انجازات شعبنا كثيرة

اي تقسيم للقائمة المشتركة سوف يؤدي الى خيبة امل، اشك في ان احدا يتصورها، وقد تكون كارثة على العمل السياسي الاساسي في مجتمعنا، والذي من المفروض ان تتم تقويته، لا اضعافه

الان، وبعد ان اتمت كل الاحزاب مؤتمراتها، وعرضت انجازاتها، وقراراتها، وما يميزها، واعلنت انها لا تقف عثرة في العودة الى المشتركة، يجب العودة الى نقطة البداية، والاهم هنا هو اننا قادرون، ولأول مرة منذ 1992، منع اليمين من تركيب الحكومة، وزعزعة الائتلاف الحاكم. باختصار، هذا هو اهم ادوارنا على المستوى الوطني الفلسطيني العام، وهذا دورنا اسرائيليا، وهذا واجبنا لأبنائنا، هنا المواطنين في اسرائيل. هذه المرة يستطيع ما يسمى الوسط واليسار في اسرائيل الحصول على عدد مقاعد يؤهلنا ان نلعب دورا تاريخيا. نجاح حزب غانس، وحزب يش عاتيد وحزب العمل في الحصول على 40-41 مقعد في الانتخابات، وحصول ميرتس على خمسة مقاعد، يجعل من امكانية حصولنا على خمسة عشرة مقعدا مهمة لا يمكن ان تترك لألعاب الايغو وتطلعات حزبية او فردية مهما كانت. وهذا ممكن فقط في القائمة المشتركة التي يجب ان تكون خيارنا الاستراتيجي الوحيد.

ليس هنالك ادنى شك بأنّ شعبنا كان تاريخيا ضحية لاعتداءات خارجية وعلى رأسها الاستعمار والكولونياليه الاوروبية بتجلياتها المختلفة، من احتلال بريطاني الى مشروع الدولة اليهودية، لكن نجاحات هؤلاء وما تخللها من اعتداءات انظمة عربية علينا، لم تكن بهذا الوضوح وهذا الانتهاك السافر لأبسط حقوق شعبنا، لولا اننا في غالب الاحيان مكّنا من مقاليد امورنا قيادات ونخب انتهازية وفاسدة، غالبيتها جاهلة بأبسط قواعد ادارة المجتمع والصراع، وكثير منها جملة من الانتهازيون المستعدون لمقايضة مصالح شعبهم بتبعية لأنظمة فاسدة او حسابات ضيقة، لا ترقى الى التحديات.

ورغم هذا الوضع المرزي وما نراه من وضع متدهور ومتفاقم في كل اماكن وجود شعبنا، الا ان انجازات شعبنا كثيرة، واهمها صمود اسطوري في غزة، واللجوء، والنقب وقلنسوة، وعشرات الساحات الاخرى، ورغم ان السياسة غابت عن تجمعات كثيرة في شعبنا، وطغى نقاش عقيم عن حل سلمي موهوم وعن مصالحة لن تحصل، وسادت خلال السنوات الاخيرة حالة تخبط طويلة تدور في حلقة مفرغة، في ظل كل هذا واكثر، برز دور الفلسطينيين في اسرائيل كمن يقدمون مثالا لعمل سياسي يجمع اطراف العمل السياسي ويجعل من سياساتهم ذات معنى: فلسطينيا واسرائيليا وداخليا، داخل مجتمعنا، وهذا من خلال القائمة المشتركة التي اصبحت لاعبا سياسيا وحيدا، خصوصا بعد اخراج الحركة الاسلامية الشمالية خارج القانون والاجهاز بقوة على مشروعها.
لقد مثلت مسألة اقامة القائمة المشتركة ذروة مهمة ونقطة ضوء مشعة كان من الواجب استغلالها، من اجل الانطلاق بعد الانجاز الانتخابي عام 2015، الى بناء مشروع عمل جماعي للعمل السياسي العربي، فيما يتعدى الشعارات الانتخابية، وكان من المفروض تجنيد طاقات شعبنا لأجل رفد هذا المشروع بدعم مهني مدروس ومتكئ على تجربة طويلة لأعداد كبيرة من ابناء شعبنا، وطبعا كان ممكن الكثير، لولا الالتفات اكثر لترتيب الكراسي وتنفيذ تناوب، ونقاشات حول كل ذلك، وربما قضايا اخرى ليس لها علاقة بمصالح شعبنا ومجتمعنا. وللأسف لم تقو قيادات المشتركة على تحويل الانجاز الانتخابي الى درجة اولى في سلم من عشرة درجات، وصولا الى تحقيق ولو جزء مما نستطيع تحقيقه. عمليا، سوى اقامة المشتركة والانجاز الانتخابي، والانجاز الرمزي والسياسي الذي شد انتباه العالم باسره، لم يتم اعطاء تجربة المشتركة حقها كما يجب. لكن هذا من وراءنا ويجب ان ننتبه لما هو آت.

القائمة المشتركة لم تبدأ بعد تجربتها كما يجب، واعادة الاعتبار لها، من حيث كونها قوة برلمانية مدعومة من غالبية ابناء شعبنا، وقيامها ببناء مشروع عمل جماعي وملزم لأعضائها في التنظيم الداخلي لمجتمعنا، وفي مكافحة العنف، وفي قضايا رئيسية مثل التعليم والفقر، والمبنى الاجتماعي، والثقافة والارض والهدم، الخ....هو مهمة لم تصلها ويجب ان يبدأ بها فورا، وبالطبع فان ذلك لا يمكن ان يكون من خلال اعادة حالة الشرذمة والتقاتل والنقاشات المفرغة التي يعتبرها البعض سياسة وهي في الحقيقة اقرب الى النميمة منها الى اي سياسة معقولة. وبهذا فان الحفاظ على المشتركة هو المدخل الحقيقي لقيامنا بعمل سياسي مجد داخليا واسرائيليا وفلسطينيا، وحتى عربيا وعالميا، واي وضع اخر هو انجرار وراء شعارات فارغة جربناها على مدى سنوات ولم تأت باي امر مجد وحقيقي لشعبنا.
اعي تماما مسألة تغيير ميزان القوى بين مركبات المشتركة، وكان على المشتركة تطوير اداة موضوعية لترتيب تقاسم الكراسي وجعل تركيب المشتركة جزءا من مسار تنظيم شعبنا. وهذا كان ممكننا، ولا زال، فقوائم اصوات حق الانتخاب من الانتخابات المحلية موجودة وصناديق البلاستيك موجودة وقدرات شعبنا المستعدة للمساهمة في ذلك موجودة، وتنفيذ برايمريز ممكن الان، وكان ممكنا قبل اسبوع واكثر، لكن ما لم يكن موجودا هو ارادة قيادات ونخب لا تحترم الناس وخيراتهم فيمن يمثلهم. لكنني اعي كم التبريرات التي تأتي علينا بها قيادات احزاب تعتقد بانها لا زالت قادرة على ترتيب المسائل في الغرف المغلقة، ومن وراء الناس. واذا تجاوزنا هذه المسالة، فليس هنالك بد من تقاسم متساو لقائمة مشتركة بين المركبات السياسية الاساسية، وهنالك منطق بتقسيم رباعي او خماسي متساو، وبرتيب متواتر، يفسح المجال لقائمة تجعل من مركباتها دينامو لتجنيد الناس، بدل بعث جزء كبير منهم الى سبات. كما ان التناوب على رئاسة المشتركة بين مركباتها ممكن، اذا فضلنا العمل الجماعي على الانا المنفوخ.

اي تقسيم للقائمة المشتركة سوف يؤدي الى خيبة امل، اشك في ان احدا يتصورها، وقد تكون كارثة على العمل السياسي الاساسي في مجتمعنا، والذي من المفروض ان تتم تقويته، لا اضعافه. وليس خافيا على احد بان مركبات المشتركة لا تستطيع المجازفة بمصالحها هي، وليس لها اي حق في المجازفة بمصالح شعبنا، ومن يقول بان مصلحة شعبنا، ولو المحدودة، لا تكون بإقصاء اليمين، او على الاقل التطلع لذلك، هو برأيي لا يعرف معنى عمق المخاطر التي سوف يجرها اليمين وحكومته القادمة علينا، هنا وفي الضفة وغزة والقدس واللجوء. ورغم صعوبة الوضع، الا انه هناك امكانية واردة يجب ان لا نستخف بها. مجتمعنا وشعبنا ليس لعبة يتسلى بها من يريد، وكيفما يريد، ما هو على المحك اهم من كل الانجازات الفردية.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

 

مقالات متعلقة