للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
كان قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بالدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة تقرّر إجراؤها في التاسع من إبريل / نيسان في الحقيقة ليس إلاّ عملية سياسية أخرى تعلم نتنياهو ببراعة أن يوظفها لصالحه عندما يكون الوقت مناسباً وهو مطمئن تماما ً بنصر آخر. ومع ذلك ، قد يفكر المرء أنه بعد 10 سنوات متواصلة في السلطة سوف يتخلى عن دوره كزعيم لحزب الليكود ويترك المشهد السياسي بشيء من الكرامة، خاصة الآن لأنه قد يتم توجيه الاتهام إليه بثلاث تهم على الأقل.
إن ما سمح لنتنياهو بالمرور عبر المستنقع السياسي الإسرائيلي هو النظام السياسي الذي يشجع على الإنقسام والتنافس الشخصي الشديد والمصالح الذاتية التي غالباً ما توضع فوق الحزب أو المصالح الوطنية.
وعلى الرغم من أن إسرائيل دولة ديمقراطية ، إلا أن نظامها السياسي الديمقراطي يتآكل باستمرار. هناك في أي وقت ما لا يقل عن 10 أحزاب سياسية في الكنيست. وائتلاف نتنياهو حاليا يتألف من خمسة أحزاب ، وهناك ستة في المعارضة ، وتم تشكيل خمسة أحزاب أخرى قبل انتخابات أبريل.
كل زعيم من هذه الأحزاب يعتقد أنه أو هي الأكثر تأهيلاً ليصبح رئيساً للوزراء ويمكن أن يقود البلاد إلى السلام والإزدهار. غير أن الحقيقة هي أنه لا يوجد حتى الآن أي حزب حالي أو حديث العهد ينشئ إطارا لاتفاق سلام مع الفلسطينيين في إطار سلام عربي – إسرائيلي شامل ، وهو أمر أساسي لرفاهية وأمن إسرائيل في المستقبل.
من الواضح أن وجهات النظر السياسية والإيديولوجية المختلفة يجب أن يكون مرحّبا ً بها تحت أي ظرف من الظروف. وعلى الرغم من أوجه التشابه في الآراء السياسية / الإيديولوجية للأحزاب السياسية الإسرائيلية من اليسار ، وعلى نحو مماثل بين الأحزاب من الوسط واليمين والأحزاب الدينية ، يصر كل حزب داخل هذه التجمعات السياسية على الحفاظ على “أجنداته الإجتماعية والسياسية الفريدة”، وبالتالي استقلاله. وهكذا ، فإن كثرة الأحزاب جعلت من المستحيل على أي حزب أن يحصل على أغلبية واضحة تقود لإنشاء حكومة ائتلافية يقودها زعيم أكبر الأحزاب.
ونتيجة لذلك ، اضطرت جميع الحكومات الإئتلافية على مر السنين إلى تقديم تنازلات بشأن العديد من القضايا الحاسمة. وفي أعقاب مفاوضات مكثفة حول شروط الائتلاف، تقوم الأحزاب في نهاية المطاف وبشكل متكرر بالإستقرار على القاسم المشترك الأصغر. وقد أدى هذا إلى الفشل حتى في القضايا الأكثر خطورة التي تواجه الأمة ، وخاصة الصراع مع الفلسطينيين.
وعلى نفس المنوال ، فإن عدد منظمات المجتمع المدني المكرسة لتعزيز رفاهية إسرائيل وسلامها قد إرتفع إلى أكثر من 120 منظمة. كل واحدة من هذه المنظمات تبنت قضية جديرة بالدفاع عنها وترتبط إلى حد كبير بإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي إلى جانب القضايا الإجتماعية السياسية المقلقة. ولكنها لم تقدّر أبدًا أهمية توحيد وخلق حركة قوية يمكن أن تؤثر على الخطاب السياسي الوطني.
لقد أتيحت لي الفرصة للالتقاء مع العديد من رؤساء هذه المجموعات. وبدون فشل ، فعلى الرغم من أنها تشترك بأهداف متشابهة جدًا ، إلا أن كل ممثل لهذه المجموعات أشار بقوة إلى أن زاويته الخاصة وتركيزه على ما يجب القيام به هو الطريقة الوحيدة.
خرجت من هذه اللقاءات مقتنعا ً بأن هذه المنظمات تختلف فقط بفارق ضئيل، تماما ً كما هو الحال في الأحزاب السياسية. يريد كل مؤسس لهذه المنظمات أن يكون قائداً وغير راغب في مشاركة دوره القيادي مع الآخرين. وفشل هذه المنظمات المدنية في الإندماج حول حركة سياسية واحدة حرمها من القوة التي يمكن أن تمثلها جبهة موحدة كحركة وطنية لا يستهان بها.
وبغض النظر عن الحزب الذي يفوز بالأغلبية النسبية في الانتخابات المقبلة ، فمن المرجح أن يتغير القليل في ديناميكية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فعلى مر السنين انخرطت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في رواية عامة مقصودة أدانت الفلسطينيين وأعلنت أنه لا يمكن الوثوق بهم لأنهم ملتزمون بتدمير إسرائيل.
والفلسطينيون أنفسهم انخرطوا هم أيضا ً في رواية مناوئة لرواية إسرائيل ويبررونها بالإحتلال. وبينما يوجد عنصر قوي داخل المجتمع الفلسطيني يسعى لتدمير إسرائيل، فلا شك أن الغالبية العظمى تريد إنهاء الصراع والعيش في دولة خاصة بهم ، جنبا إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمان.
ومع ذلك ، فإن عددا متزايدا من الإسرائيليين – الذين تم إقناعهم بهذه الرواية العدائية المستمرة التي دافع عنها نتنياهو والذي صرح بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية تحت سمعه وبصره – يعتقد أن هناك احتمال ضئيل أو لا أمل في التوصل إلى سلام حقيقي مع الفلسطينيين. علاوة على ذلك ، دفعت مخاوف نتنياهو وتضخيمه الماكر للتهديد الإيراني الصراع الفلسطيني إلى الخلف.
وبالتالي ، فإن عدم وجود حاجة ملحة من قبل الحكومة لصنع السلام أنتجت الرضا العام، إن لم يكن اللامبالاة بين الشعب، وخيبة الأمل من الأحزاب السياسية. وما زاد الأمور سوءًا هو أن عددًا متزايدًا من الإسرائيليين ينتقل إلى يمين الوسط. وحتى أحزاب المعارضة التي كانت تدعو إلى السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين مترددة الآن في التحدث بصخب عن الحاجة لإنهاء الإحتلال خوفًا من وصفها بالخيانة.
تشير الاستطلاعات الأخيرة التي أُجريت في إسرائيل إلى أن نتنياهو قد يفوز بالأغلبية النسبية ويشكل الحكومة الإسرائيلية المقبلة. مثل هذه النتيجة ستكون كارثية لإسرائيل لأنها تعني ببساطة أنه لن يكون هناك سلام مع الفلسطينيين. ستواجه إسرائيل خطرا متزايدا لأن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار ويمكن أن يكون متفجرا . والنزاع المستمر يشجع إيران فقط على مواصلة تحريض الفلسطينيين المتطرفين، بما في ذلك بعض عناصر حماس، لمضايقة إسرائيل وحرمانها من العيش في سلام واستقرار.
وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن تتجمع الأحزاب القديمة والجديدة من اليسار ويسار الوسط حول قائد واحد يمكنه تحدي نتنياهو وحزبه بشكل جدي، يجب على الأقل الإتفاق على برنامج مشترك يقدم خريطة طريق للسلام مع الفلسطينيين. في الواقع ، إسرائيل بحاجة ماسة إلى زعيم جديد ، ذو رؤية ، شجاع ، واضح ، وصادق، يلتزم ويبقى مصرا ً في السعي بلا هوادة عن سلام إسرائيلي فلسطيني.
قد ينجح رئيس الأركان السابق لقوات الدفاع الإسرائيلية ، بيني غانتس ، الذي شكّل للتو حزبه الخاص ، “المرونة من أجل إسرائيل” في الترشّح ضدّ نتنياهو شريطة أن تدعمه أحزاب اليسار والوسط الأخرى. والسؤال هو: هل سيضع قادة هذه الأحزاب المصلحة الوطنية فوق مصلحة حزبهم وشهوتهم للسلطة ؟
ربما ينبغي عليهم أن يتذكروا أنه على الرغم من الإنجازات العجيبة التي حققتها إسرائيل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والطب والتنمية الإقتصادية والزراعة والتفوّق العسكرية وحتى استكشاف الفضاء، فإن مصيرها يعتمد على السلام.
تقدم الإنتخابات البرلمانية القادمة للإسرائيليين فرصة تاريخية لتخليص أنفسهم من القادة المتحديين والقوميين والمتحمسين بشكل أعمى مثل نتنياهو الذين قادوا إسرائيل إلى الضلال وعرضوها للخطر المشؤوم بفقدان مبادئها الديمقراطية وهويتها الوطنية اليهودية.