للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
كل امرأة قادرة على أن تُحقّق ذاتها وأن تُحلّق بعيدًا للوصول لأحلامها مهما كانت كبيرة، نشارككم تجارب بمثابة تقدير وحُب لنساء مجتمعنا المُثابرات الطّموحات المُغرّدات خارج كل سرب يحاول الحدّ من طاقاتهن، هي رسائل أمل لكُل امرأة، أم، شابة، طفلة، مُسنّة، من أجل بذل المزيد من المجهودات للنّهوض والمضيّ قُدمًا وتحقيق الذّوات وترك بصمة خاصّة لا تُنسى. "أجا دورِك"!
لميس حبيب الله
لميس..
الشابة لميس خالد حبيب الله (29 عامًا) من بلدة عين ماهل، حاصله على لقب أول في موضوع التربية الخاصّة، لقب ثان في إدارة الأطر التربوية اللامنهجية وموجّهة مجموعات، مركّزة ومعلّمة للتّربية الخاصة في مجال التمكين للقيادة الشابة، محاضرة في كليّتين بموضوعي التعليم للسن المبكرة والتّربية الخاصّة، ومؤسِسة ومديرة متطوّعة في جمعية "أنا بقدر" في عين ماهل، ناشطة اجتماعية بكل ما يتعلّق بأصحاب الهِمم (ذوي الاحتياجات الخاصة).
معجزة رفضت موتي ومنحتني الحياة
"ولدت بعد خمسة أشهر ونصف من حمل والدتي بي التي تَوفّت خلال عملية الولادة، جميع الأبحاث أكّدت بأنّ طفلٌ يولد بعد أقل من ستّة أشهر من الحمل مكتوب له الموت، فتوقّع الأطبّاء أن أموت بعد ولادتي بربع ساعة، ولكن معجزة إلهية أبت أن يحدث ذلك واليوم عمري 29 عامًا، قدرات الخالق التي أعطتني الحياة التي أكّد الجميع على أنّها لن تستمر. يوم ولادتي كان يومًا صعبًا بالنسبة لوالدي وللعائلة، فوالدتي توفيت وأنا رضيعة مع إعاقة جسدية موجودة بالحاضنة، ولدي شقيقة أكبر مني بعام ونصف، كانت صدمة كبيرة ، لم يكن هناك من يعتني بنا، فكان أبي حكيمًا وقرر أن يتزوّج بعد فترة من خالتي (شقيقة والدتي المرحومة) ليضمن لنا امرأة تحبّنا وتهتم بنا بصدق من كل قلبها، فكبرنا مع امرأة أحبتنا ورعتنا وأنجبت لنا أخوان مُحبّان وداعمان، وأنا أقدّر ما فعله أبي لأجلنا والخطوة التي قام بها ليحافظ على تمسّك عائلتنا، أما أنا فقد أخذت اسم والدتي "لميس" هكذا بدأت حياتي.
صعوبات وتحدّيات وعلامة واحدة ناقصة .. لميس في المدرسة
في المدرسة لم يكن لدي أصدقاء، فقط اخوتي وأصدقائي والبعض من الجيران الذين يعرفوني، أما باقي الزملاء في المدرسة فلم يقتربوا مني كثيرًا، ومنهم من كان يظهر لي خوفه مني، تساءلت كثيرًا عن سبب رفض الزملاء لي لم أكن أعرف السبب ولم أفهم لماذا "لا أحد لا يقترب مني"، وللأسف كان للمعلّمين دورٌ مهمٌّ في تعزيز هذا البعد بيني وبين زملائي في الصف. مثلا في الحصص الرّياضيّة كنّا نتقسّم إلى فرقتين وبعد ان ينضم الجميع إلى فرقهم أبقى أنا منتظره أن يختارني أحد لأكون ضمن فريقه ولكن هذا لم يحدث! حصّة الرياضة كانت بالنسبة لي كابوسٌ لأني أُقصِيت عن المشاركة بها، مشاعري كانت متخبّطة جدًّا وكان من الصّعب عليّ تقبّل كل هذا ولم أفهم أصلًا هذا التّعامل معي، وكبرت هذه المشاعر السّلبية معي حتّى الصفوف الثانوية ولولا دعم أبي وأمي لي لما أكملت طريقي بإصرار. حان وقت التّخصّص في المدرسة وأردت أن أتخصص في المجال العلمي فكانت مهاراتي وقدراتي تخوّلني لذلك، ولكن كانت تنقصني علامة واحدة فقط، أحضرت أبي إلى المدرسة ليطلب نقلي إلى الفرع العلمي ولكن قوبلت كل طلباتنا بالرّفض، لكن موافقة صعبة المنال مشروطة انتظرتني لأنتقل للعلمي "إذا حصلت على معدّل 95 فما فوق سيتم نقلي إلى صفّ العلمي في العام المقبل"، كان الشّرط تعجيزيًّا ولكنّي اجتهدت وتمكنت من الحصول على المعدّل المطلوب وتفوّقت وتمّ نقلي، وللأسف طلبوا مني أن أدرس بنفسي ولوحدي المواد التي فاتتني في العام السابق وهذا لم يكن بالأمر السّهل. قد لا ألوم المعلّمون بشكل كبير لأنّه في حينها لم يكن الانكشاف على حالة مثل حالتي كبيرًا ولم يكن الوعي الكافي لتقريب الطّلاب من بعضهم ودعم المختلفين موجودًا، اليوم لا أخجل عندما ألتقي بأستاذ أو معلّمة سابقَيْن وأقول لهم بانّي سعيدة بما حققت من نجاح لوحدي دون مساعدة أحد".
لميس "أنا بقدر".. إلى لندن
"تعلّمت اللقب الأول في القدس، عملت على تطوير شخصيتي وأن أبلورها بالشّكل الصحيح والمناسب، ازدادت ثقتي بنفسي بالذات وأنّي عشت هناك لوحدي مستقلّة تماما حتّى حصلت على لقبي الأول، لكن قبل 4 سنوات شعرت بأنّ هذا اللقب لم يعد كافيًا لطموحي وتطلّعاتي المستقبلية، فقررت أن أكمل دراستي الأكاديميّة وأن التحق بالجامعة مجددا للقب جديد الذي فتح لي آفاقًا جديدةً ، خلال اللقب حاولت اللحاق بدورات فنون ورسم أو حتّى رقص الزومبا، لكن بسبب إعاقتي الجسدية لم يتقبّلني أحد، لم أنتظر كثيرًا، عرضت فكرة على مدير الشبيبة وسيم أبو ليل في بلدتي عين ماهل من أجل إدماج ذوي الاحتياجات بالمجتمع وخلق إطار لهذه الفئة المهمة في المجتمع، وبالفعل خلقنا إطارًا أسميته "انا بقدر" مع المجلس المحلي، وأصبحنا نُفعّل متطوعين من البلدة بنشاطات مع ذوي اعاقات مختلفة فعملنا بشكل كبير وموسع على تسليط الضوء على فكرة التطوّع بالبلدة وعلى إدماج المختلفين في المجتمع الذي ينتمون إليه، وبعد فترة انفصلنا على المجلس وأصبحت "أنا بقدر جمعية مستقلّة بإدارتي، ولكن بشكل تطوّعي، فالجمعية ليست لديها أي أهداف ربحية إنما أهدافها تكمن بين الناس، لذلك وبعد سنوات من العمل يوجد في الجمعية (108 أعضاء) 50 متطوّعًا، و58 من أصحاب الاحتياجات الخاصة، نستثمر اوقاتنا في التطوع والعطاء وتمكين الاهل في جميع المحاور وفي رفع الوعي حتّى بدأنا بلمس النتائج الايجابية على أرض الواقع، ومن حسن حظّي أنّي دُعيت لإلقاء كلمة حول قصص النجاحات وتجاربي في مؤتمر عالمي سيقام في لندن".
دعم العائلة... حجر الأساس في حياة الطفل
أبي أمي وأختي وأخواي الاثنان، كانوا الدعم الأساسي والسند لي في جميع مراحل حياتي لأستمر ولأصل لما أنا عليه اليوم من نجاح، وعلى كل الأهل أن يكونوا داعمين لأطفالهم، وصقل شخصيتهم وإبراز قدراتهم الكامنة، وبعد تجاربي الكثيرة أشدد بأنّ النجاح في الحياة غير مشروط بالألقاب الجامعية على العكس، بل إنّ الإيمان بالذات وبالقدرة على التغيير هو المهم في المجتمع، والصّبر والمثابرة على صعود السلّم بخطى ثابتة هو من يوصلنا إلى النّجاح.
أنا لا اعتبر أن لديّ إعاقة إنما هي طاقة وبفضلها استطعت أن أكوّن لي شخصية مميزة وأن أكسب ثقة الآخرين وتغيير الفكر السلبي عن اصحاب الإعاقات لدى الكثيرين، أحاول قدر الإمكان نشر الوعي حول هذا الموضوع وتقبّل كل المختلفين في مجتمعنا، لأني بعد أن كبرت ودرست في الجامعات فهمت إلى أي مدى كان تأثير المدرسة وعدم وجود الاحتواء لشخصي سلبيا".
أحبوا أنفسكم لأنّكم تستحقّون كل الحُبّ
بالبداية أعايد على كل النّساء، كل عام وأنتن بألف خير، التفاؤل هو أساس كُل شيء، يجب النّظر إلى القدرات وصقلها قدر الإمكان ولكل امرأة هناك الكثير مما تستطيع أن تقدّمه للمجتمع إذا آمنت بنفسها وذاتها.
ولأصحاب الاحتياجات، أقول لهم "انتم حلوين"، أحبوا أنفسكم كثيرًا لأنّكم تستحقّون هذا الحبّ، وآمنوا بأنفسكم لأنّ في دواخلكم الكثير من العطاء الذي يمكن أن تقدّموه للمجتمع وأن تثبتوا أنّكم جديرون بكل ثقه تُمنحون. أما رسالتي للمجتمع فهي تقبّلونا كما نحن، فنحن لا نملك عصا سحرية لتغيير الواقع وتغيير النّظرة المجتمعية السّائدة عنّا، نستطيع أن نكون منكم ومعكم وشركاء في تطور المجتمع".