للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
تحديات العائلة العربية أمام الحياة الصحية/ بقلم: عناق مواسي، مطّورة للصحة في المجتمع العربي
تتزين السماء الدنيا هلال شهر رمضان الكريم...
وها نحن العالم الاسلامي والعربي نتهيأ لاستقبال الشهر الفضيل روحانيًا ومعنويًا وشعائريًا وبالطبع أيضًا صحيًا..
يعّد المجتمع العربي من المجتمعات النامية والمنسجمة مع التغيرات التي تتماشى مع تيارات التغيير في العالم. شهر رمضان المبارك بصيامه يشّكل ركنًا أساسيًا من أركان الاسلام الذي يعتمد بالأساس على تزكية النفس وسموها وترفعها عن الشهوات الجسدية المادية نحو العُلا والصفاء الروحي والذهني.
ويعتبر تهيؤ واستعداد العائلة لشهر الصيام والقيام بكل تفاصيل الشعائر الدينية مميزًا وخاصًا ومؤكدًا بنفس الوقت على الوحدة الأسرية واندماجها وانضوائها تحت التوافقية الأسرية. اذ يتميز المجتمع العربي والإسلامي بكونه جماعيًا ويؤكد ذلك شهر رمضان الكريم.
من مظاهر المجتمع الجماعي أنهم يتقاسمون نفس المصير ويتعايشون ذات السيرورة وتحكمهم نفس الظروف وينضوون تحت نفس اللواء بغض النظر عن الفوارق فيما بينهم والتي لا تذيب اندماجهم تحت نفس المصير الذين يئيلون اليه. ما يعني أن شهر رمضان يعزز من جماعية المجتمع الجماعي من خلال الشعائر والأركان والفرائض مثل وجبة السحور ووجبة ألإفطار صلاة الجماعة، صلاة التراويح، زيارة الارحام والأقارب وغيرها والمشاركة في تفاصيل أخرى مميزة لا تتكرر في السنة مرتين.
الصحة الجماعية
تواجه الأسرة العربية في العالم والمجتمع العربي تحديات كبيرة منها أزمة الصحة التي تتمثل في السمنة والسكري تحديدًا وذلك بسبب عدم تضافر جميع روافد المعرفة الكافية نحو إيصال الهدف وأسباب اخرى مرتبطة بسياسات ممنهجة نحو ظلامنا المستديم وبالطبع نمط حياتنا.
حين تجتمع الأسرة العربية على مائدة الإفطار الملونة والمزدانة بأشهى الاطباق والمأكولات التي تفوق قدرة الصائم على تناولها بكميات مضاعفة، فإن الصائمين يتناولون نفس الطعام ويتشاركون نفس الرغيف، ويصبح التقليل في كميات الأكل مهمة صعبة.
وتضعف إرادة مرضى السكري على وجه الخصوص مقاومة تيار الأكل الذي يتسبب بارتفاع نسبة السكر في الدم بسبب المجموعة ولا يجد أمامه سوى تناول الأدوية وحقن الانسولين كتدخل طبي من أجل الموازنة والاستمرار بنهج غير صحي وهذا بحد ذاته أزمة لا خلاص منها بسهولة.
دور الاعلام في توجيه الاسرة العربية
من التحديات المميزة أيضًا في توجيه الأسرة العربية نحو الحياة الصحية هي التضليل الإعلامي او ما يسمى "الحقن الإعلامي" للرسالة، اذا تعتمد القنوات والفضائيات الكبيرة في تمرير رسائل كولونيالية بقالب ديني وشعائري حيث تؤثر على سلوك المشاهد وتعطيه شرعية في تناول الأكل المحلى وشرب المشروبات الغازية والمحلاة بالسكر وتناول الحلويات والسكريات بكميات هائلة لتصبح مع الوقت كأنها واقع لا فرار منه ! وتنتقل هذه الرسالة المضللة من جيل إلى جيل حيث تتناول الدعايات الإعلامية صورة الأجداد والأحفاد وكأن قارورة العصير او الأكل الدسم هو متوارث من جيل إلى جيل والحفاظ عليه من مقومات استمرارية الرسالة عبر الأجيال بل وتذويتها لتصبح جزءً لا يتجزأ من التهيئة الاجتماعية. وهذا التضليل يدفع ثمنه المشاهد العربي عبر فواتير الأدوية وحقن الانسولين.
وبالتالي العائلة التي تحتوي على أشخاص سمينين من الصعب على أحد الاشخاص ألا يكون سمينًا؛ ذلك لأنه يكون جزءً شاذًا، والعكس هو الصحيح لكي يكون مقبولًا وطبيعيًا.
إن معايير السمنة خاضعة لمنظومة معينة ومركّبة داخل الأسرة العربيّة، حتى إن دعايات الاشخاص ذوي المراكز الاجتماعية المرموقة يكون أبطالها سمينين ومع بطون بارزة وكروش ناطقة بوجبات فاخرة.
المرأة ... مسؤوليات في كف واحدة
لا يختلف إثنان على أهمية دور المرأة في مسك دفة التغيير في شهر رمضان المبارك على وجه التحديد فهي من تقوم على إعداد الوجبات وإعادة منظومة الحياة بجدول زمني مميز.
فمن واجبها ان تدرك أن إعداد الوجبات يجب أن ينسجم مع افراد الأسرة، منهم من هو حساس للجلوتين أو مرض سكري او من يعاني من امراض وحساسيات أخرى. ولذلك فإن وعي المرأة وتداركها وإلمامها بما يجب أن تحتويه الوجبات وكيفية صياغة وإعداد الوجبات وتهية الاجواء في البيت لهو مسؤولية كبيرة وأي تغيير يجب أن يكون توافقياً ومعقولاً ويسيرًا من أجل الحفاظ على نسيج الأسرة الواحدة وهو بالأمر الغير صعب ولكنه يحتاج أيضاً إلى جهود وذكاء معرفي وسلوكي.
تطوير الصحة مسؤولية مشتركة
الصحة هي القاعدة الأساسية والإنسانية التي تنمو بها كل مداركنا البشرية وتسمو بها مجتمعاتنا وأفرادها، إلا أننا نعاني في المجتمع الجماعي من أزمات صحية يقف على رأسها وباء السكري! الوباء القاتل الصامت حلو المذاق، السكري داء العصر، نأكله ونتلذذ به ونشربه باستمتاعِ كامل ولا نستيقظ من غفلتنا إلا بوخز الانسولين ونقول حينها آخ !
لتعزيز من حياتنا الصحية وبالذات في شهر رمضان الكريم فيجب أن نتقاسم المسؤولية جميعاً كما نتقاسم وجبة الإفطار، أن نساهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا للتحديات أمام الامراض وفي السلوك، أن يتجند الإعلام المرئي والسمعي ويصور لنا الماء على أنه المثال الحقيقي للصحة وليس المشروب المحلى بالسكر أو العصير الاصطناعي وغيرها. أن يستمر أطباء الاسرة بأخذ زمام المسؤولية ويصبح تحدي المرض مسؤولية مشتركة لجميع أفراد الأسرة.
نهايةً، أتمنى للعالم الاسلامي والعربي شهر رمضان ملؤه الخير والبركة والصحة وأن الله انعم علينا بشهر فضيل كريم يمكن من خلاله أن نحدث تغييرًا بسيطاً يئيل إلى تغيير كبير وعميق.
تطوير الصحة هو الذراع اليمنى للطبيب والرئة التي يجب أن يتنفس منها الطب.
وتمنياتي للجميع بوافر الصحة والعافية ... ورمضان كريم