للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
مقدمة-
عُرفت القرون الوسْطى بأنها عصر المشاكل والصِّراعات الاجْتماعية والفكرية ووصفت بعصر الظَّلام في اوروبا إلا انها، كانت عصر العلم ،الفلسفة ،الفن ،الرياضيات والعصر الذهبي الإسلامي، يرجع ذلك لنجاح عدة علماء مسلمين وتفوقهم، وعلى رأسهم العالم "ابن سينا".من خلال الاستعراض للدراسات الغربية ، نلمس بان الغرب، قد أنكر دور الحضارةِ الإسلامية في النهضة الغربية. ألا ان جون ديوي ، في كتابه "كيف نفكر "( 1933) أشار الى أثرِ الْحضارةِ الإسْلامية وفَضْلِها على الغرب وعلى تقدمِه الحضاري ،كما أكد أن الغرب لا يَذكر دورَ الحَضارة الإسلامية واسْهاماتها في التربية المعاصرة،على الرغم من تقدمها بشكلٍ واضح وكبير في القرون الوسطى(ديوي،1933). في هذا المقال، نستعرضُ الفلسفة التربوية لابن سينا ونُقارن آراءَه مع آراء فلاسفةٍ غَربيين ،أتوا من بعده ،تُمثل آراؤهم قِمةَ الفِكر التَّربوي المعاصر ،مثل كومينوس، أبو النظام التربوي الحديث ،الذي وضع فلسفةً تربوية جديدة عُرفت باسم "المعرفة الكلية" ،كما وضع مبدأ الواقعية Realism في العملية التربوية (الياس و مرتضى،2004) " ،وايركسون ، وهو أهم العلماء الذين تناولوا النمو النفسي الاجتماعي، وجون ديوي، الذي عارضَ النُّظم التقليدية في التربية وهو ابو الفلسفة البراجماتية المعاصرة والتربية التقدمية .
ابن سينا وأثره العلمي، التربوي والحضاري:
وُلد ابن سينا في بخارى في أوزبكستان عام 980 م. أشغلَ والدُه مَنصبَ الحاكم لإحدى القرى، وكان منزله مكانا لالتقاء الناس طلبًا للعلم .فتلقى ابن سينا تعليمه على يد والده . تميز ابن سينا بذاكرةٍ قوية، فأدهشَ العلماء الوافدين إلى منزل والده ، في قدرته العلمية (الذهبي ،2011)، حفظ القرآن كلَّه في جيل العاشرة ،والكثير من الأشعار العربية التى قرأها. في سن الثالثةِ عشرة بدأ بدراسةِ الطِّب وما أن بلغَ سن السَّادسة عشرة حتى اتقنه ، بعد أن دَرسه على يد الكثيرين من العلماءالمسلمين وبدأ في علاجِ المَرضى ، تَمكن من معالجةِ سُلطان بُخارى الذي عانى من مرضٍ غامض ،لذلك سُمح له باستخدام المكتبة الملكية، وقد استغل هذا الأمر على أكمل وجه فاسهمت قراءاتُه في تقدمه وارتقائه ،أهتم بالعُلومِ ،الفَلْسفةِ الحَديثِ ،الفِقهِ والأَدَب واشْتهر في العصور الوسْطى لإسهاماته الكبيرة في مجال الطب ،الفلسفة ،علم الفلك ،علم الحيوان والنبات. فكان عالمًا ،فيلسوفًا ،طبيبًا وشاعرًا.لُقِّب بالشيخ والفيلسوف الثالث ،بعد أرسطو والفارابي، وعٌرف بأميرِ الأطباء وأرسطو الإسلام.يعتبر وابو الطِّب الحديث ،لم تَقِلّ شُهرتُه كطبيبٍ عن شهرتِه كفيلسوفٍ، وقد عَدَّه سارطون، من أعظم علماء الإسلام ومن أشهر مشاهير العلماء والمفكرين العالميين، اللذين يحظون باحترام العالم وتقديره إلى يومنا هذا(الزركلي ،1980). في سن الحاديةِ والعشرين، أصبح َ ابن سينا عالمًا كبيرًا وبدأ في تأليف الكتب في الفلسفة، الطب، علم الفلك، علم النبات، علم الحيوان، الأرصاد الجوية، وعلم النفس.وقد وضع التعريفات لكثيرمن العلوم وأهمها تعريفه لِعلم النَّفس.لابن سينا في الفلسفة مؤلَّفَات كثيرة تشهد ببراعته في صناعة الفلسفة وتطوُّرِها على يديه، بلغ عددها ، أكثر من 240 كتاب، وقد بينت كتاباته تأثره بمن سَبقوه منَّ العلماء والفلاسفة أمثال الفارابي وأرسطو، تُرْجِمَ بعض هذه المؤلفات إلى اللغات الأوربية، أهمها:
(الشفاء)؛ الذي استوعب فيه علوم الفلسفة،
(النجاة)؛ وهو مختصر (الشفاء)،
و(الإشارات والتنبيه)،
،يُعَدُّ كِتابُه الأَشْهرُ "القَانُون في الطِّب" فقَدْ تُرجِمَ إلى لُغاتِ العالَمِ واستمَرَّ تَدْريسُه في جامِعاتِ أوروبا حتَّى أَواخِرِ القَرنِ التاسِعَ عَشَر.أما كتابه ،" منطق المشرقيين والقصيدة المزدوجة في المنطق" ، فقد ألَّفه ، في أواخر أيامه ويحتوي على قصائدَ من نَظمِ ابن سينا ،تعكس منطقه وتُجسد فلسفَته في الحياةِ ،الحكمةِ، الزُّهدِ والشَّيب ،وتعريفات للمنطق.تتوج هذه القصائد "القصيدة المزدوجة ". في هذا الكتاب يُناقش ابن سينا ، منْطق الفلاسفة اليونانين، بموضوعية باسلوب مبسط ولغة سهلة.لم يهتم إبن سينا بالخلافات السِّياسية لِتجنب التَّورط في المشاكل. من أقواله المؤثرة والمشهورة:
الوهم نصف الداء، والاطمئنان نصف الدواء، والصَّبر أول خُطوات الشِّفاء.
العقل البشري قوةٌ من قوى النَّفس لا يُستهان بها.
المُستعد للشَّيء تَكفيهِ أضعف أسبابه.
أهم آراء ابن سينا التربوية ومقارنتها مع غيره من الفلاسفة والمربين :
وردت لإبن سينا آراءٌ تربوية في العديدِ من كتبِه الْتي كَتبها بالعربيةِ أو الفارسية ،أكثرهذه الآراء ، نَجدها في رسالةٍ مُسماة بـ(كتاب السياسة) (عوض،2019). اليك اهم هذه الآراء :
في الحكمة والعلوم -
آمن ابن سينا بان الحكمة أشرف العلوم ، وان الحُكماء أعلى النَّاس مرتبة ،لذلك وضع المناهج التعليمية لاعدادالفرد الحكيم وتنميته لفهم البيئة، أما كومينيوس فكان يعتبر التعليم قوة توحِّد الجنس البشري وان التعليم العام يمكن ان يساعد على حفظ السلام العالمي(الياس و مرتضى،2004).وقد ربط ايضا المعرفة بالتقوى وآمن انه باكتساب المعرفة يتقرَّب الجنس البشري الى الله. أما ديوي ، فقد ربط بين العلم والديموقراطية ،فأعتبر العلم ، الوسيلة لتحقيق روح الديمقراطية وانشاء علاقات اجْتماعية ،تتميز بالدّيموقراطية (ديوي،1954).
التربية عملية مستمرة - آمن واهتم ابن سينا بتربية الطفل في مرحلة مبكرة من عمره ، فهو يرى، بان تربية الفرد، عملية مستمرة ، مُنذ لحظة الولادة حتى الزَّواج والانْخراط في الحياةِ الاجتماعية وذلك كخطوة وقائية أولية (الذهبي،2011)، وأشار كومينوس أنه ، لا ينبغي ان ينحصر التعلُّم في سن المراهقة، إنما هو عملية مستمرةٌ مدى الحياة. و ان تكون الدراسة ،عملية ممتعة تماما، وتكون المدرسة سلوى فعلية، تمهيدا ممتعا لكامل حياتنا (الياس و مرتضى،2004). أما أريكسون،الذي اتبع نهج فرويد التطوري ،إلا أنه ركز على الجانب الاجتماعي والثقافي للتَّطورِ بدلاً من الجانب البيولوجي. يشير في نظريته " في النمو النفسي والاجتماعي"،إلى أن الإنسان ،يمر بِعدةِ مراحل للنُّمو النُّفسي والاجْتماعي منذ الولادة وحتى الموت ولا ينبغي، أن يَنحَصر التَّعلُّم في سِن المراهقة، بل يَنبغي أن يَستمر مدى الحياة( ابو جادو، 2004).، كذلك أشار ديوي ،أن التربية ، ظاهرة طبيعية في الجنس البشري، تتم بطريقة لاشعورية منذ الولادة بحكم وجود الفرد في المجتمع، وهي عملية مستمرة ومتطورة.
التربية تشمل جميع جوانب الشخصية -
أشار إبن سينا ،الى أن التَّربيه ،يّجب ان تُركز على جميع جوانب الشَّخصية ،وليس جانبًا واحدًا ، لتهملَ الجوانب الأُخرى ، أي يَجب الاهتمام بوحدة الشخصية الإنسانية وتكاملها العقلي والجسدي والانفعالي (سمش الدين ،1988).أما كومينيوس، إعتقد ،بأن على المدرسة ، ان تركز على تعليم الانسان ككل لا العقل فقط، وان التَّعليم يَنبغي أن يَشمل الإرشاد الأدبي والرُّوحي (الياس و مرتضى،2004).رأى ديوي(1909)،بان التربية تعتمد في مبادئها على فهم نفسية الطفل واستعداده ،وويجب أن تهتم بالطفل ككل من النواحي الجسمية ، العقلية ، الخلقية و الاجتماعية، و توفير الفرص الممكنة التي تشبع حاجاته ، و تمكنه من التعبير عن ذاته ،لذلك، هي عملية شاملة لكل جوانب الشخصية (الأهواني ،1966).و الطالب في مركز العملية التربوية (عبد اللطيف،2009).
هدف التربية-
كان هدف التربية عند ابن سينا ،بناء الانسان وتمكينه من التَّغلب على قُوى الطَّبيعة وتكييفها لتُصبح ملائِمةً لحياتِه، لينمو نموًا كاملاً في جَميع جوانِب شخصيتِه ،ينتفع بها ،يَتعلم الصناعات والمِهن من أجل تقدمه وازْدهار المُجتمع (عبد اللطيف،2009) أما كومينوس فرأى، أن "غاية الإنسان القُصوى هي السَّعادة الأبدية في الدَّار الآخرة ،لذلك فإن غايةَ التَّربية هي المٌساعدة في الوصول إلى هذا الهدف (الياس ومرتضى،2004) .وأشار ديوي، الى أن هدف التَّربية ،هو إكساب الفرد عادات ،مهارات واتْجاهات تناسب المُجتمع ،الذي يعيش فيه من ناحية، والعمل على رفاهيته من ناحية أخرى، ومساعدته على الاستمرار في التعلم والنمو، وتربية ذاته، وتكيفه مع بيئته (الأهواني ،1966) .
المنهاج الدراسي ومواد التدريس -
يقول ابن سينا "ذا اشتدتْ مفاصلُ الصبي، واستوي لسانه، وتهيأ للتلقين، ووعى مَسمعُه، أخذ في تَعلم القرآن وصُور حروفِ الهجاء. ولُقن معالم الدِّين".بهذا القول يشير ابن سينا لأهمية النُّضج الحركي والحِسي والقدرة على الإصغاء والتَّركيز عند المُتعلم وأهميته في التعلم .هذا النُّضج يُهيءُ المتَعلم لتعلم القرآن الكريم وصور حروفِ الهجاء(عبد اللطيف،2009).أما كومينيوس فقد كتب : "لا ينبغي ان يُثقل التلاميذ بموادٍ لا تُناسِب أعمارهم واسْتيعابهم ووضعِهم الحالي". لذلك عندما تعلّمون أولادَكم امورًا من الكتابِ المقدس او ايّ موضوع آخر، حاولوا ان تكيِّفوا الدُّروس لتكونَ ملائمة لهم وأن تكون المدرسةُ مكانًا مُمتعًا". كما أشار الى ان العملية التربوية ينبغي أن تبدأ من ملاحظة الطفل للأشياء الحقيقية والأجسام الطبيعية ، مكن أن يستعاض عن هذه الأشياء والأجسام بمنماذج models أو صور تُمثلها (الياس و مرتضى،2004).أما ديوي فيشير الى أن المنهج المقترح ،يجب أن يكون مرناً ، هادفاً ، قابلاً للتَّغييرويهدف إلى إعطاء الطلاب الفرص لحلِ المشكلات التي قد تَعترضُ طريقَهم في الحياة. كما دَعا ديوي ،الى التَّعلم من خلال النَّشاط الذَّاتي والدَّافعية، من خلال طريقة المشروع التي تجمع بين النَّشاط الجِسمي ،العقلي والاجْتماعي للطالب (الشيباني،1987).
التَّدرج في التعليم-
يقول ابن سينا: "إن على الصبي أن يتعلمَ أولًا الرّجز ، ثم القصيدة، لأن روايةَ الرّجز أسْهل وحفظَه أمكن، لكونِ بيوته أقصر، ووزنه أخف"(سمشس الدين ،1988)، هذا القول يَعكس اهْتمامَ ابن سينا بالفروقِ الفردية بين المُتعلمين ،مساعدةِ الفرد وتوجيهه من خلال قدراته وطاقاته الخاصة واستعدادِه للتَّعلم ، أما كومينوس ، فقد أشار في مبادئه التَّربوية الى ضرورة ِالتَّدرج في التَّعليم بشكلِ بسيط ومُبسط. وقال انه يَنبغي تعليمُ الاولاد على مراحلَ تصاعديةٍ، من المفاهيم االبسيطةِ ، الى مفاهيمَ أكثرَ تعقيدًا(الياس و مرتضى،2004). وهكذا يكون كل من ابن سينا وكومينوس ،قد اخذا بعين ألاعتبار مراحل النمو المعرفي وملا ءمة المادة والمعلومات لقدرات المتعلم التي تنعكس من خلال عمره الزمني (بياجية،19262017).أما ديوي فقد انتقد ،المفهوم التقليدي للمناهج الذي يقوم على تقسيم المنهج إلى مواد منفصلة مرتبة ترتيباً منطقياً لا يتفق مع القدرات العقلية للطالب ، المنهج -في نظره ،مركزه الحقيقي ه نشاطات الطفل الذاتية وخبراته. والطريقة المتبعة في تنظيم خبرات المنهج وتدريسها فهي طريقة المشروع،بواسطتها ، يستطيع الطالب معرفة الحقائق وبناء الخبرات وتطوير المهارات. (الشيباني،1987)
التعلم في المجموعات
لقد اشار ابن سينا الى اهمية التعلم بالمجموعات، لما لها من أثر في صقل شخصية المتعلم، فيقول:"ينبغي أن يكون مع الصبي صِبْية حسنة آدابهم وطيبة عاداتهم، وجود الصبي مع غيره من الصبيان يسمح بالمرافقة ،المكارهة والمعارضة ،وكل ذلك من أسباب المباراة ،المباهاة ،المساجلة والمحاكاة، وفي ذلك تهذيب لأخلاقهم وتحريك لهم وتمرين لعاداتهم" ( سمشس الدين ،1988).وهذا ما اكتشفه علم النفس الحديث(عبد المعطي،2000) ،أما الطفل في هذه المرحلة فهو بحاجة إلى اللعب ،التقدير ،الانتماء ،الشعور بالتفوق والنجاح(ماسلو ،1943) وهو بحاجة إلى إشباع ذلك بطرق وأساليب تربوية سليمة. في رأي (ديوي) فان التربية ، نفسية واجتماعية معا، نفسية تعتمد في مبادئها على فهم نفسية الطفل واستعداده، واجتماعية تهيئ الطفل ليكون عضواً صالحاً في المجتمع الذي يعيش فيه(عبد المعطي،2000).
كما أن العملَ في المجموعةِ له أثرٌ في عملية التنشئة الاجتماعية ،حيث أن المجموعة تُساعد الطِّفل على ممارسةِ الأدوار الاجْتماعية وتَنمية اتْجاهاته واقامةِ العلاقات الاجْتماعية الطَّيبة بين المتعلمين والمعلمين و تَنمية فرص الاعتماد على النفس واكتشاف ميول المتعلم (ديفيدسون ،ميجور &ميخاليزم ،2014)، فطريقة المشروع كما اشار ديوي ( ديوي ،1888:كونول :2010)هي الطريقة التي تشبع حاجة المتعلم النفسية لأنها تراعي الفروق الفردية، وتدفعه إلى التعلم الجماعي، وتحرره من قيود الكتاب المدرسي (المرزوقي 1402هـ،).
توجيه التلاميذ حسب مواهبهم وميولهم:
يقول ابن سينا في "كتاب القانون": (على المؤدب أن يبحث للولد عن صناعة فلا يجبره على العلم إذا كان غير ميال إليه. ولا يتركه يسير مع الهوى" ( سمشس الدين ،1988).كما يشيرابن سينا الى أن التَّوجيه التَّربوي والمهني، يحدث بعد فترة تعليم ينالُ الطلاب اساسيات الثقافة الإسلامية ،بالاضافة الى اكْتشاف ميولِهم واستعداداتهم يكون توجيههم التربوي والمهني. أما كومينوس فاشار الى اهمية التوجيه استنادا الى السهل والمألوف للمتعلمين ،اي انه تنبه الى النُّمو المعرفي والحسي التدريجي ،بهذا يكون التدريس بواسطة التَّوجيه استنادًا لقدرات الطلاب ونموهم المعرفي. قام كومينوس ، بتصنيف الموسوعات حول أصل واحد ، من البسيط المعروف إلى الصعب المجهول لأكثر البشر، كما ظهر في مؤلفاته الدراسية. فقد بنى كل بابٍ على ما سبقه ،وتميزت هذه الأبواب من البسيط السَّهل وتزداد الصعوبة تدريجيا. بهدف تسهيل الفهم عند المُتعلمين ،كما أشار كومينوس بان العلم شي متصل وان معرفتنا للأشياء البسيطة الواضحة ،هي التي تُسهم بمعرفتنا للعلوم المعقدة. ولقد حدد كومينوس المبادئ التربوية التي تساعد في توجيه المتعلم ،وهي : تقديم الفكرة إلى المتعلم مباشرة لا عن طريق الرمز، التطبيق العملي لما يدرسه الطالب، شرح مبادئ علم ما عند تدريسه قبل تفصيله، عدم شرح أكثر من موضوع في نفس الوقت، التعليم بشكل مبسط ، الإشارة إلى طبيعة الشيء الذي يُعلّم بصورة حقيقة ،شرح أجزاء العلم من حيث تدرجها وعلاقتها ببعضها البعض، التأكيد على الفوارق بين العلوم المختلفة وعدم ترك الموضوع قبل أن نتأكد من فهم المتعلم له(الياس و مرتضى،2004). أما ديوي ،فقد اكد اهمية توجيه الطلاب استنادًا لميولهم ونشاطهم الشخصي في كافة مجالات الشخصية وذلك بواسطة التعلم بطريقة المشاريع (المرزوقي 1402هـ، ).
الثواب والعقاب:
آمن ابن سينا بالثواب والعقاب المعنويين وليس الماديين، فإلى جانب العقاب المعنوي (الترهيب والإعراض) هناك ثواب معنوي (الترغيب والحمد والإقبال) وقد أوضح هذا الأمر في كتاب السياسة (سمشس الدين ،1988)،.عند الإقدام على الثواب والعقاب، ينبغي مراعاة طبيعة المتعلم والعمل الذي أقدم عليه ويجب أن تتدرج العملية ،من الإعراض ،التوبيخ فالعقوبة .بهذا يشير ابن سينا الى إرشاد وتوجيه للسلوك والحرص على تعديله برفق، فالهدف من العقاب حسن التربية والاخلاص في العمل ،و ليس الانتقام والكراهية. أما كومينوس فقد آمن بان غاية الإنسان القصوى هي السعادة الأبدية في الدار الآخرة ولذلك فإن غاية التربية هي المساعدة في الوصول إلى هذا الهدف.أي انه آمن بمساعدة الفرد وتوجيهه بدون العقاب البدني او الضرب .اما ديوي ،في كتابه "نظرية الحياة الأخلاقية "(1909) ، فرأى ان العقابَ شرٌ لا بد مِنه وهو آخر وسيلة نلجأ اليها ،العقاب لا يخلق سلوكاً بديلاً، وهو وسيلةُ المعلم والمدير الفاشل. يجب عدم قمع المتعلم ،إنما السَّماح له بالتعبير عن نفسه ، فهدف العقاب هو،تَطهير المُتعلم من العادات الاجتماعية المذمومة وتهذيبه بواسطة الاقناع العقلي ،مناقشة المشاكل والانحرافات من اجل غرس القيم والأخلاق وليس المدح والذم، الثواب والعقاب، التحليل والتحريم (هلال ،1966:ديوي ،1936).
صفات المعلم- يقول ابن سينا (على مؤدب الصبي أن يكون بصيراً برياضة الأخلاق، حاذقاً بتخريج الصبيان) ،وأن يكون وقوراً ورزيناً، بعيداً عن الخفة والسخف، قليل التبذل، ذا مرؤة ونزاهة.وبهذا فقد اشار ابن سينا الى اثرالمعلم المباشر على الطلاب وهذا ما تؤكد عليه التربية الحديثة فيجب على المعلم أن يكون عالماً بعلم نفس النمو وسن الطفولة والمراهقة(عدس،2000).أما كومينوس فقد أكد اهمية فهم المعلم لطبيعة المتعلم ،تطور عقله وتعلمه ((الياس و مرتضى،2004).ويرى ديوي ، بالمعلم ،موجها ،مرشدًا ومساعدًا للتلاميذ لانه يملك الخبرة ،المعرفة والنضج الاكثر من تلاميذه لذلك يستطيع مساعدتهم ،وليس فرض سلطته وآرائه عليهم (الخطيب،2009).
إجمال -
من خلال هذا المقال نستنتج ان ابن سينا كان قد قدمَ مبادئ تربوية قيمة ومعاصرة نعمل من خلالها ونُدرس بروحها وتتوافق مع اهم الأراء التربوية في علم النفس التربوي وفلسفة التربية المعاصرة.